مرايا –   كثرت التساؤلات في هذه الفترة عن دفع الإيجارات الشهرية أو السنوية للمنازل وللمحال التجارية وهي تشمل شريحة هامة وكبيرة في المملكة الأردنية الهاشمية ولهذا لابد من الحديث عن استحقاق الإيجارات في ظل احكام قانون الدفاع في هذه الفترة العصيبة على البلاد والمالكين والمستأجرين ولهذا سأتناول الموضع بكافة احكامه القانونية الأصولية:

بداية تم الإعلان عن تطبيق احكام قانون الدفاع بتاريخ 17/03/2020 وبتاريخ 20/3/2020 صدر امر الدفاع رقم (2) والذي نص على انه (1. يحظر تنقل الأشخاص وتجوالهم في جميع مناطق المملكة وذلك ابتداء من الساعة السابعة صباحاً من يوم السبت الموافق2020/3/21 وحتى أشعار آخر. 2. تغلق جميع المحلات في مناطق المملكة كافة وسيتم الإعلان صباح يوم الثلاثاء الموافق 2020/3/24 عن أوقات محددة تسمح للمواطنين من قضاء حوائجهم الضرورية وبالألية التي ستعلن في حينه) وبالرجوع الى نص المادة (11) من قانون الدفاع حيث نصت في فحواها على انه ( اذا تعذر تنفيذ أي عقد او التزام بسبب مراعاة احكام هذا القانون او اي امر او تكليف او تعليمات صادره بمقتضاه او بسبب الامتثال لهذه الاحكام فلا يعتبر الشخص المرتبط بهذا العقد مخالفا لشروطه بل يعتبر العقد موقوفا الى المدى الذي يكون فيه تنفيذ العقد متعذرا ويعتبر ذلك دفاعا في اي دعوى اقيمت او تقام على ذلك الشخص او اي اجراءات تتخذ ضده من جراء عدم تنفيذه للعقد او الالتزام )، وهنا جاءت المادة مطلقه من حيث اعتبرت جميع العقود موقوفه والقاعدة العامة تنص على ان المطلق يجرى على اطلاقه ما لم يقيد.

وبالرجوع للأصول القانونية نجد ان قانون المالكين والمستأجرين عرف المستأجر بانه: هو الشخص المنتفع بالعقار عن طريق الإجارة، وقد تناول القانون المدني الايجار بوجه عام حيث عرفت المادة 658 من القانون المدني الاردني الايجار بانه (الايجار تمليك المؤجر للمستأجر منفعة مقصودة من الشيء المؤجر لمده معينه لقاء عوض معلوم وهي الأجرة) ونصت المادة 661 من نفس القانون (المعقود عليه في الاجارة هو المنفعة ويتحقق تسليمها بتسليم محلها ) ونصت المادة 662 من نفس القانون على شروط المنفعة ( يشترط في المنفعة المعقود عليها : 1- ان تكون مقدورة الاستيفاء 2- وان تكون معلومة علما كافيا لحسم النزاع ) اما المادة 665 نصت (تستحق الأجرة باستيفاء المنفعة او بالقدرة على استيفائها ) ، ومن استقراء هذه النصوص يتبين ان ارادة المشرع اتجهت للربط بين الاجرة والمنفعة بحيث ارتباطا ارتباطا وثيقا بعقد الايجار بحيث تستحق الاجرة باستيفاء المنفعة الكاملة للعين المؤجرة او بالقدرة على استيفائها .

وبالعودة الى نص المادة (205) من القانون المدني والتي نصت على (اذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها ان تنفيذ الالتزام التعاقدي وان لم يصبح مستحيلا , صار مرهقا للمدين بحيث يهدد بخسارة فادحة جاز للمحكمة تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين ان ترد الالتزام المرهق الة الحد المعقول ان اقضت العدالة ذلك , ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك ) ومن خلال استقراء هذا النص كقاعدة عامة تبين لنا بان الالتزام التقاعدي في ضل الظرف الراهن وهو انتشار مرض الكورونا يعد حادث استثنائي وهو عام وكذلك ان دفع الاجرة مع عدم تحقق المنفعة يعد ارهاقا للمدين وبصراحة نص المادة فان الالتزام اذا اصبح مرهقا للمدين وليس مستحيلا جاز للمحكمة ان ترد الجزء المرهق وبالتالي فيكون الحق للمستأجر الامتناع عن دفع الاجرة لحين قيام المؤجر برفع دعوى سواء لفسخ عقد الايجار او كمطالبة بالأجور المستحقة فان المحكمة ستحكم برد الاجور او اسقاط الاجور عن الفترة المرهقة للمستأجر تبعا لقواعد الاستحالة الجزئية ويجب التنبيه الى دفع باقي الاجور المستحقة لدى المحكمة حتى لا يصار الى فسخ عقد الايجار عن الاشهر اللاحقة لفترة الحظر .

ولا ننسى الإشارة الى نص المادة (698) من القانون المدني الأردني حيث ان المشرع الأردني افرد لعقد الايجار احكام خاصة وحسب القواعد القانونية العامة فان الخاص يقيد العام وبالتالي فانه يتوجب اتباع الاحكام الخاصة حيث نصت المادة في بابها الثاني – عقود المنفعة (1- اذا صدر عن السلطات المختصة ما يمنع الانتفاع الكلي للمأجور دون سبب من المستأجر تنفسخ الاجارة وتسقط الأجرة من وقت المنع) وهنا تبدو صراحة وبساطة النص فاذا ما صدر عن السلطات المختصة ما يمنع الانتفاع الكلي للمأجور تسقط الأجرة عن فترة المنع , واشارة المادة في فقرتها الثانية الى ما يلي
(2- إذا كان المنع يخل بنفع بعض المأجور بصورة يؤثر في استيفاء المنفعة فللمستأجر فسخ العقد ويسقط عنه الاجر من وقت قيامه بأعلام المؤجر) أي انه إذا كان المنع من استيفاء المنفعة بموجب أوامر الدفاع عن جزء معين من المنفعة فيسط عنه الاجر عن المستأجر من وقت قيامه بإعلام المؤجر.

ومن هنا يتوجب علينا بداية التفريق بين عقود الايجار السكنية وعقود الايجار للمحلات التجارية فبالتأكيد ان عقود الايجار السكنية لم يشملها المنع وإذا تحققت المنفعة فيتوجب دفع الاجرة حيث ان المستأجر استوفى المنفعة المقصودة من المأجور الامر الذي يجعل معه العقد نافذا والأجرة مستحقه وفقا لشروط العقد واحكامه لتحقق المنفعة من عقد الايجار

اما بالنسبة لعقود الايجار للمحال التجارية وللوقوف على الحالة القانونية لا بد من التفريق بين حالتين من عقود الايجار لهذه المحال واولها العقود للمحال التجارية المصرح لها بالعمل في ضل تفعيل احكام و اوامر قانون الدفاع وبين المحال والمكاتب التجارية الغير المصرح لها بالعمل فمن الواضح ان العقود للمحال التجارية التي استثنيت من احكام قانون الدفاع وكانت تباشر عملها واذكر على سبيل المثال لا الحصر (محلات المواد التموينية) فقد استوفت المنفعة المقصودة من عقد الايجار في ضل تفعيل قانون الدفاع كونها استثنيت منه وبالتالي اصبحت الأجرة مستحقه الأداء خلال فترة تفعيل قانون الدفاع لتحقق شرط المنفعة .

اما بالنسبة للعقود للمحال التجارية الغير المصرح لها بالعمل خلال فترة الحظر وبالاستناد الى نصوص القانون المدني واحكام قانون المالكين والمستأجرين و اوامر وقانون الدفاع فيتضح لنا ان هنالك قسم كبير من المحال التجارية لم تمارس أي من اعمالها بموجب أوامر الدفاع وحيث ان امر الدفاع رقم (2) قام بحظر تنقل الأشخاص داخل المملكة واغلاق المحال التجارية بشكل كامل وبالتالي فانه يعتبر امر صادر عن السلطات المختصة يمنع من استيفاء المنفعة من المأجور بشكل كامل وبالعودة الى احكام القانون المدني وقانون المالكين والمستأجرين نجد بان المشرع الأردني وكما ذكرنا سابقا ربط الاجرة بالقدرة على استيفاء المنفقة وبالاستناد نص المادة (698) من القانون المدني اذا تحقق المنع الكلي لاستيفاء المنفعة ( كالمسابح والفنادق ) فلا يتوجب دفع الأجرة عن هذه الفترة لعدم تحقق المنفعة الكلية.

ومن الجدير بالذكر انه وحسب نص المادة (692) الفقرة (2) من القانون المدني والتي إشارة بصراحة العبارة بانه إذا كان المنع الصادر عن السلطات المختصة جزئيا فستقط الاجارة أيضا عن هذه الجزء ولكن بشرط اعلام المؤجر بذلك اذ يتضح هنا بانه يتوجب لإنفاذ نص المادة اعلام المؤجر وهنا يفضل بان يكون الاعلام بموجب انذار عدلي مسجل حسب احكام القانون. وهنا ولعدم الاطالة فمثلا وحسب احكام قانون الدفاع وكما نعلم جميعا بانه بعد الشهر الأول تقريبا تم السماح لبعض المحال التجارية بالعمل على فترات محددة المدة فمثلا سمح بالعمل للمحال التجارية للمواد التموينية من الساعة (10 صباحا ولغاية الساعة 7 مساءا) في بعض محافظات المملكة وهنا يجب التنويه الى انه تحققت الاستحالة الجزئية للمنفعة ويحق للمستأجر عدم دفع الأجرة عن هذه الفترة وكذلك الامر وحتى بعد السماح لها بالعمل فقد سمح لها بالعمل خلال أوقات زمنية محدد ومنعها من العمل في اوقات محدد وهنا تتحقق الاستحالة الجزئية حسب احكام الفقرة (2) .

ويتضح مما ذكر سابقا ان الاجرة تستحق باستيفاء المنفعة المقصودة من عقد الايجار وحيث ان المحال والمكاتب والشركات الغير مصرح لها بالعمل قد تعطلت اعمالها وبالتالي اصبحت غير قادره على استيفاء المنفعة المقصودة من عقد الايجار بسبب تنفيذ اوامر الدفاع الصادرة بموجب احكام قانون الدفاع وهي صادرة عن مجلس الوزراء الامر الذي يجعله مبرر للمستأجرين لهذه المحال والمكاتب والشركات من الامتناع و/او التوقف عن دفع الأجرة عن فترة التعطل من تاريخ تطبيق قانون الدفاع وحتى وقف العمل به ان اقتضى استيفاء المنفقة ذلك.

ونهاية لابد من الإشارة الى ان المنع والحظر كان يختلف من محافظة الى أخرى ومن قطاع الى اخر فيترك الامر لمحكمة الموضوع لتقدير الاستحالة الجزئية ومدتها ومقدار الأجرة الواجبة الأداء لكل عقد حسب تحقق المنفقة انسجاما مع قانون الدفاع وارتباطاته حيث انه لكل قطاع او شركة او مكتب ظروف خاصة وتم عودتها للعمل في أوقات مختلفة.

وفي الختام نشير الى قرار صدر بتاريخ (17/06/2020) كتطبيق عملي لنص المادة (11) من قانون الدفاع حيث ان الدعوى مقامة لدى دائرة التنفيذ والذي أشار صراحة بان تخلف المحكوم عليه عن سداد الأقساط المستحقة منذ تاريخ (30/03/2020 ولغاية 30/05/2020) لا يعد مخالفة لشروط عقد الايجار حيث انه تم بموجب احكام واوامر قانون الدفاع واعتبر ان الأقساط غير مستحقة الأداء بشكل كامل وترك الامر للاتفاق بين الطرفين ولو ان الدعوى أقيمت لدى المحكمة المختصة موضوعيا لقامت المحكمة بتقدير الاستحالة الجزئية ومقدار الأجرة المستحقة عن هذه الفترة على ان تراعي فترة الاستحالة الجزئية لعدم القدرة على استيفاء المنفعة بشكل جزئي خلال فترة سريان احكام قانون الدفاع وارتباطاته .