مرايا – قال وزير الإعلام السابق محمد المومني إنه من مصلحة الفاسدين والمتهربين إشاعة اغتيال الشخصية، مؤكداً أن البعض استغل الحملة الوطنية الشريفة لمكافحة التهرب الضريبي.
وتاليا نص مقالة المومني المنشورة على صحيفة الغد:
لو قبّل الأردنيون جباه موظفي دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، وكل القائمين على شأن مكافحة التهرب الضريبي، لما أوفوهم حقهم من الشكر والتقدير على اضطلاعهم بهذه المهمة الوطنية الشريفة. هؤلاء يكافحون اللصوص المارقين الذين يسرقون من جيب كل مواطن أردني لأن الضريبة حق لكل الأردنيين تنفق وتقدم لهم على شكل خدمات تعليمية وطبية وبنية تحتية وخدمات عديدة أخرى. الحملة الأخيرة على المتهربين ضريبيا تلقى استحسانا مجتمعيا عظيما، وقد اتسمت بالنوعية ما جعلها تحقق أربعة أضعاف العوائد المالية مقارنة بمثيلاتها من الحملات العام المنصرم مع أنها أقل عددا هذا العام. مكافحة التهرب الضريبي من أهم ميزات التعديلات التي جرت على قانون الضريبة؛ حيث مكنت الجهات المعنية من استخدام تقنيات ووسائل متقدمة في التحقيق والتحليل الضريبي، وتوظيف المعلومة بشكل فعّال كشف عن المتهربين ضريبيا. نتائج الحملة الأخيرة لمكافحة التهرب الضريبي تتجاوز العائد المادي المتأتي على أهمية ذلك؛ إنها حملة ترسخ هيبة الدولة وإن الجميع تحت مظلة القانون لا يعلو عليه أحد، والأهم من هذا وذاك، أنها حملة تنصف المواطن الملتزم ضريبيا وقانونيا وتعيد الاعتبار لقيم النزاهة والاستقامة والشفافية والتنافس الشريف، التي تعد فيصلا أساسيا لترسيخ الانتماء للبلد والمجتمع، وهذه القيم كانت تاريخيا إحدى أهم سمات الشخصية الوطنية الأردنية.
استغل البعض، ومع كل أسف، الحملة الوطنية الشريفة لمكافحة التهرب الضريبي من أجل النيل من الخصوم والمنافسين واغتيال الشخصية، وكان من حسن الفعل التأكيد أن التفتيش والتحقيق الضريبي لا يعني الإدانة المتروكة بحكم القانون للقضاء. من مصلحة الفاسدين والمتهربين إشاعة اغتيال الشخصية وأن التهرب والفساد قد عم وساد لأنهم بفعلهم هذا يقللون من نبذ المجتمع لهم على فعلهم المشين، والأخطر أنهم بهذا الفعل إنما يزينون للملتزمين أفضلية عدم الالتزام فيصبح الفساد والتهرب عملا من أعمال الفهلوة وليس سرقة وفسادا مدانا قانونيا ومجتمعيا. لهذه الأسباب، فإن حملات التفتيش لا تحظى دائما بتغطية إعلامية لأن من المهم الحفاظ على توازن يراعي حق الناس في المعرفة وإن الدولة جادة وماضية في مسعاها مكافحة الضريبة، وبذات الوقت إرسال رسائل مفادها أن الغالبية مواطنون ملتزمون بالقانون وبدفع الضريبة والحملات إنما تستهدف فقط القلة غير الملتزمة، وإن الفساد لم يعم ولم يسد فلا زالت تمارسه القلة وتكافحه بجدارة مؤسسات الرقابة على اختلاف مهامها.
لا شيء يستفز الأردني بقدر ما يستفزه الفساد بكافة أشكاله كبر أم صغر، والتهرب الضريبي شكل بائن من أشكال الفساد وجب مكافحته انتصارا للأردنيين الشرفاء الملتزمين بدفع ضرائبهم. مهم جدا استدامة جهود مكافحة المتهربين ضريبيا والقضاء على أفعالهم، ومهم جدا أن يستمر التعاون النوعي بين مؤسسات مكافحة التهرب الضريبي والأجهزة الأمنية التي تمتلك المعلومات توضع بين يدي جهات التحقيق الضريبي، ومهم جدا أن يظهر هذا الجهد على أنه جهد دولة مستدام وليس موسميا، وبما يؤسس لنهج يرفع من معنويات كل أردني شريف ملتزم بالقانون ورفع معنويات أجهزة الدولة وموظفيها القائمين على مهمة مكافحة التهرب الضريبي.