بهدوء
عمر كلاب
في معظم المناسبات التدريبية, يقوم المدرب بتسيير بعض النشاطات من اجل كسر الجليد, تحديدا اذا كانت الجلسة التدريبية بعد الغداء او بعد جلسة تدريب نظرية, احدى هذه النشاطات, لعبة الكراسي,وتقوم على قدرة اللعبين على الجلوس على المقعد لحظة انتهاء الموسيقى او لحظة اصدار المدرب الأمر بالجلوس, وبالعادة يكون عدد المقاعد اقل من عدد المتسابقين, وتستمر اللعبة كل مرة بازالة مقعد الى ان يتبقى مقعد واحد يجلس عليه الفائز الاخير.
هذه اللعبة اصبحت سلوكا عند السياسيين في الاردن, فاللذي يخرج من اللعبة او يفقد مقعده يتحول الى غاضب ومعارض, ويتحول من لاعب في الفريق الى مهاجم للجميع, وحتى للتدريب ذاته, وفي اليوم التالي ولحظة استعادة مقعده في اللعبة يرضى ويعود الى اللعب مع الفريق, هذا هو حال السياسي لدينا او الراغب بمقعد وثير حتى لو كان هذا المقعد كبير عليه, فهذه الطبقة كما اطفال الحارات ” اما ان تلعب واما ان تمارس التخريب “, والويل لمن ينتقد او يسأل عن سر التحول من الرضى الى الغضب او العكس.
الفرق بين اللعبة في التدريب واللعبة في السياسة, ان المدرب في التدريب لا يلجأ الى استرضاء اللاعب الخاسر, بل يتركه للوقت كي يمتص غضبه, في حين ان السياسي يبدأ منذ الخسارة بتطييب خاطر اللاعب, وتقديم كل الوعود له بالعودة على اول طائرة مناصبية, ورأينا كيف ينتقل الوزراء من مقاعد الحكومة الى مقاعد رئاسة الهيئات او مجالس الادارات, بصرف النظر عن حجم المقعد او قدرة الشخص على ملئ الفراغ داخل الكرسي, فالمهم ان نمتص غضبه وان يبقى داخل الملعب.
في غمرة اللعب السياسي والتدريبي, لم يلتفت احد الى ان المقعد او الكرسي في التدريب هو ملك الفندق او صالة التدريب, في حين ان الملعب السياسي يفترض ان المقعد او الكرسي هو ملك اللاعب نفسه, وليس ملك الوطن, فنراهم يلعبون لعبة الكراسي باسترضائية تشي بأن الملعب لهم والمقعد لهم ونحن مجرد جمهور عليه التصفيق, بل وعليه الامتنان لانهم سمحوا له بالفرجة ويصبح التصفيق ثمنا للفرجة يجب دفعه في كل وقت وغبّ الطلب.
طويلة هي اللحظات التي مارسنا فيها الفرجة على اللاعبين وهم يدورون حول الكراسي, لحين جلوسهم عليها, وبحكم ان اللعبة مصممة بشكل دائري, فقد التوحت رقابنا ونحن ننظر وفي كثير من الاحيان اصابنا الدوار, وسقطنا على الارض, التي سرعان ما دارت معهم علينا, حتى صرنا نمشي مثل الطائر المسطول وليس المذبوح, لانهم يحبون شكلنا ونحن دائخون اكثر من حبهم لشكلنا ونحن نرفرف من شدة الالم, فدمنا مطلوب للامتصاص وليس للسيل على الارض, لانه رأس مالهم وليس دمنا.
الكرسي للوطن, ولخدمته, وليس مقعدا مسجلا في دائرة الطابو باسم اللاعب, الذي سرعان ما ينتقل الى الجهة الاخرى شاتما وغاضبا, حتي يستعيد الكرسي, فهذا وطن مملوك على الشيوع لكل ابنائه وليس لطبقة واحدة من اللاعبين, الذين سأمنا طريقة لعبهم, وخسروا كل المباريات الوطنية, وللاسف لم نبحث عن عدنان حمد جديد كي يتولى مهمة التدريب, خلفا للمدرب الذي أخرجنا من دائرة المنافسة.
omarkallab@yahoo.com