بهدوء
عمر كلاب
ليس الرجل مسؤول عن اسمه ولا أميل الى مقاربة الاسماء مع الافعال, لان فيها تضليل للقارئ والمستمع, وفيها ما يخالف المنطق, فالانسان غير مسؤول عن اسمه او لونه او عرقه او دينه, لكنه بالضرورة مسؤول عن اقواله وافعاله, وما قاله محمود الهباش يكشف عورة العقل العربي, بنسخته السلطوية, فرجال السلطة بالعادة هم حرّاس الوطنية والمواطنة, فما بالكم بالذي اجتمعت بين يديه السلطة السياسية والسلطة الدينية, سيكون اكثر تطرفا واكثر عُرضة للنقد بحكم عمومية موقعه.
لا أظن ان الهباش ينتمي الى مدرسة الوعي الوجداني, الذي انتج ان فلسطين قضية, فهذه المفردة انتجها وعي جمعي اردني في البداية, سرعان ما اصبح حالة انسانية جعلت فلسطين قضية كل الاحرار, وجعلت العودة لفلسطين حق لكل من حمل هذه القضية, فأرض فلسطين مملوكة على الشيوع ليس للفلسطينيين وحدهم بل لكل الاحرار الذين قدموا دمهم وعرقهم وقلمهم ولسانهم لخدمة هذه القضية, التي تقزمت بفعل كثير من رجالات السلطة وعلى رأسهم المدعو محمود الهباش.
الذي يطالب من على منبر رسول الله بقتل مخالفي رئيس السلطة محود عباس, بل ويتطرف اكثر ويتماهى مع خطاب اليمين الصهيوني, حين يطلب من كل رافض او مخالف او معارض ان يقوم بتسليم هويته الفلسطينية ويغادر ارض فلسطين, لأن هذه الارض وفق تعبير ومنطوق الهباش هي ارض رئيس السلطة, وبالتالي جزء منها اقطاعية للهباش وامثاله, وليت هذه الغضبة سمعناها منه ابان معركة سيف القدس او ابان هربه كجرذ مذعور من كل المواجهات التي عصفت بالحالة الفلسطينية.
جملة ” اللي مش عاجبه البلد يرحل” لا تخرج الا من السنة رجالات السلطة العرب, فهذه مفردة استعلائية تقول بأن المواطنة والبلد, هي مزرعة خاصة او ملكية خاصة, للسلطة ورجالاتها, وتكشف هذه العقلية عن حجم الخراب في الوعي, وحجم التطرف في الحكم, فوزير الاوقاف الاسبق واقضى قضاة سلطة عباس ولا اقول فلسطين, يعتقد ان الخروج على سلطة اوسلو والتنسيق الامني هو خروج من الملة ويستوجب القتل, ناسيا ان رئيس السلطة انهى فترة ولايته من عقد من الزمان, وانه اي الهباش يمارس خدمته بقرار غير ملزم لاصغر طفل فلسطيني.
مقولة الهباش, لا تخرج الا من فم مستوطن او يمين صهيوني اشرس من نتنياهو, وتكشف ان دم الفلسطيني, حلال اذا خالف ولي الامر, مما يعني حسب فقه الهباش غير المحمود, ان يعتذر الشهداء عن استشهادهم, وان يعتذر الاسرى عن عملياتهم الفدائية البطولية, وان نقدم الاعتذار الى الكيان الغاصب, لخروج جموع الشعب الفلسطيني ومجاميع الشعوب العربية عن اتفاق سلطة عباس واعوانه, فهم يطلبون بتحرير الارض, واظن بات واجبا تحرير الارض والانسان من امثال الهباش ومن يشدّ على يده قبل تحرير الارض, فهذه العقليات لن تنتج اي خير.
كنا وما زلنا نستهجن مثل هذه العبارات من قلة قليلة في الاقطار العربية تتلفظ بالفاظ ضد الفلسطينيين, وتطالب بطردهم, لكنا اليوم نخجل ان ننتقدهم اذا بقي الهباش في منصبه, فهذه يجب طرده من موقعه بنفس الادوات التي خرجت بها شجرة الدر من الحياة. omarkallab@yahoo.com