بهدوء
عمر كلاب
على عكس حكومات سابقة, نجح الدكتور بشر الخصاونة في عدم الوقوع بفخ الشعار القبلي, فلم يطرح شعارا حكوميا مسبقا, منتظرا ان تكشف جولاته الميدانية عن شعاره العملي, ويستطيع المراقب ان يلحظ ان الرجل يسير نحو التنمية بمعناها العملي, فلم يتحدث او يغرق في شعارات على غرار الاعتماد على الذات او النهضة, او مجمل الشعارات البراقة التي طرحتها حكومات سابقة, انهت عملها تاركة التندر الشعبي يرسم المشهد بفكاهة موجعة.
في المفرق او جرش وعجلون, كان واضحا ان الخصاونة يسير نحو تمكين المجتمعات المحلية, وازالة العوائق امام افكار المحافظات ذاتها, فهي الادرى بمكامن قوتها واحتياجاتها, لابراز هذه المكامن, فالمطلوب تنمية المجتمعات في المحافظات, بدل انتظار مستثمرين من خارجها, ربما لن تقبلهم هذه المجتمعات او تحملّهم فوق طاقتهم, بحكم حاجة هذه المحافظات للشغل, فابرز الاشياء الطاردة للاستثمار في المحافظات, هي قضية التشغيل, فلن يستطيع اي مستثمر تلبية حاجة محافظة داخل مشروعه ولن يستطيع بالمقابل تجاوز حاجة المنطقة.
تنشيط المجتمعات المحلية, وتقليص هوامش الفوارق بين الرغبة والقدرة, هي محور حركة الرئيس في زياراته للمحافظات, فثمة رغبة هائلة داخل المحافظات, لكن قدرتها على تحقيق رغباتها مكبلة, اما بنقص الموارد البشرية التي تحتاج الى التدريب والتأهيل واما بنقص في التمويل المالي للافكار, ولهذا يجب ان تلحق الصناديق التمويلية خطوات الرئيس او ترافقه في جولاته, وحسنا فعل الرئيس حين دفع صندوقا تمويليا مثل ” جدكو” الى زيارة جرش وعجلون في اليوم التالي لزيارته, حتى يشعر اصحاب الافكار والرغبات ان الحكومة معنية بتوفير القدرات.
التنمية هي محور الخروج من الازمة السائرة على عجلات في الاجواء المحلية, وهي اساس التقدم, وسعي الحكومة الى اعلاء شأن التنمية اليوم, سعي حميد, لكن هذا السعي يجب ان يتطور افقيا وعاموديا, صحيح اننا بحاجة اليوم الى افكار قصيرة المدى وسريعة, لكن ذلك يجب ان يدفعنا نحو الفهم الشامل للتنمية ومحورها الاساس, وهو الانسان.
قضية إعداد الإنسان للتنمية والنهضة, هى جزء لا يتجزأ من التنمية نفسها, القضية ليست فقط فى المبانى والطرق والمصانع، ولكن فى الإنسان الذى يستطيع أن يبنى كل هذا ويقيم على أساسه تنمية مستدامة, فحين يتحدث أهل الاختصاص عن «تنمية مستدامة» فهم يقصدون تحديداً أن تكون التنمية الإنسانية والبشرية على قمة أولويات السياسات التنموية, وهذا يدفعنا الى اعادة قراءة مناهجنا واساليب تدريسنا وتخصصاتنا الجامعية, فتجربة الدول التي حققت معجزة في التنمية بدات من هناك قبل اي شيء آخر.
جولات الرئيس كاشفة وقادرة على اختراق حواجز الرتابة في المحافظات, لكن الرئيس دون فريق قوي وقادر على الحل والمعرفة, لن ينجح, والاهم عدم وضع العصي في دواليب قاطرته, فثمة مسلكيات تشي بان ثمة تعطيل لدواليبه من اكثر من طرف, يرى ان نجاح الرئيس مربك له ومربك لاجندته في التسكين وابقاء الوضع القائم, الا اذا قدم الرئيس قرابينه, ولا اظن الخصاونة من الذين يجيدون او يؤمنون بتقديم القرابين.
omarkallab@yahoo.com