مرايا – كتب :عمر كلاب – حتى اللحظة لم يقدم حزب طازج او معلب, برنامجه الحزبي او المانفيستو العام, الذي يمكن ان يستنهض العقل للاستجابة بالدخول الى الحزب او مناقشة فكرته اساسا, فكل ما يتردد حتى اللحظة استقطابات شخصانية لغايات اكمال العدد اللازم للتأسيس, ووعودات باقتسام الغنائم التي تنتظر القوائم الحزبية, ولا اشكك في المصدر الذي قال: «حزب طازج افتتح لقاء مع احد الوزراء بنسبة الحزب من المنافع التي تقدمها الوزارة», وهو ما يتقاطع مع شخصية اكاديمية محترفة قالت: «دُعيت الى لقاء مع شخصيات تسعى الى تأسيس حزب, فلم اسمع منهم الا شعارات مستهلك? ووعودات بمواقع ومكاسب».
بالقطع ليست هذه الانماط من الاحزاب هي المطلوبة, او القادرة على تخليص اللحظة الوطنية من معاناتها, ولا هذا النمط هو المطلوب والمأمول في عقل الدولة او القيادة, فهذه احزاب مؤلفة من صائدي الجوائز السياسية او محترفي تدوير ذواتهم في خلاط المناصب, فهم رجال مرحلة العرفية وهم رجال مرحلة الانفراج السياسي, وهم اليمين المحافظ وهم نفسهم ليبراليون واصلاحيون, ودون شك تعجز الآلة الالمانية العملاقة في الصناعة, ان تنتج اربعة في واحد, لكن الحالة الاردنية نجحت في انتاجها, والغريب ان ثمة قبولاً لهذه الاسماء, او الادق, قدرة هؤلا? على تجميع انفسهم لملاحقة الطرائد المناصبية
الحزب بالاساس برنامج تلتقي عليه مجموعات بشرية, ونحن لدينا العكس تماما, ثمة شخصية برّاقة, تلتقي على بريقها مجموعات بشرية, تماما مثل نظرية الضوء والفراشات, لذلك جاء النقد الملكي الاخير, لطبيعة البناء الحزبي, وليس لفقه العمل الحزبي, فالملك اطلق فكرة البناء الحزبي البرامجي منذ عقدين, وكان الامل وما زال ان تتقدم الشخصيات التي تمتلك برامج لجذب المجاميع, لكن ما حدث, ان بعض صائدي الطرائد السياسية التقطوا الفكرة وسعوا الى تفصيلها على قياسهم ومن قماشتهم, فغاب الشباب والفاعلون عن هذه البناءات, ناهيك عن همس ونميمة بأن?هذا الحزب او ذاك هو المحظي بالرعاية والدعم, فكانت الاشارة الملكية عن طريق الشباب, حول الحزب المطلوب
مشكلة العمل الحزبي, محصورة اليوم في ثلاثة سياقات, تمتلك جميعها الدلائل من التجربة السابقة وما خزنته الذاكرة الشعبية, فثمة سياق مرتاب من حقيقة صدق النوايا في التوجه نحو الحياة الحزبية وتداول السلطة, وثمة سياق قلق من التجربة لانها تعتدي على مصالحه, وثمة سياق رافض للفكرة لانها جاءت في ظل اشتباكات اقليمية, فظهرت الخطوة بوصفها جزءاً من المؤامرة على الهوية الاردنية وتوطئة لقبول الحلول الاقليمية على حساب الاردن وهويته الوطنية, وهذا يتطلب خطابا رسميا مغايرا للشكل القائم, وتطمينات واضحة بأن هذا خيار وطني مدعوم من ر?س الدولة, الذي يقدم كل يوم دليلا على دعمه وايمانه بالخطوة, التي وفر لها كل موجبات الدعم.
الخطاب المطلوب يجب ان يتوجه الى التيار المرتاب, اولا, فهذا التيار واسع وعريض, لكنه يصطدم بطبيعة السلوك الرسمي, الذي يكشف عند كل خطوة, ان العقل ما زال يُدير المشهد بنظام العطاءات السياسية, حيث يلتقط بعض العارفين بدهاليز السلطة وشكل تفاعلها الفكرة او التوجه, فيتقدم مبكرا للفوز بالعطاء, وتتلاقى الارادات بين هذه الفئة وبين الفئة القلقة, التي تجهض التجربة من خلال ارسال رسائل مشوشة ومربكة, فمن يتقدم الصفوف هم الاقل ايمانا بالتجربة الحزبية او الاكثر بُعدا عن فقه العمل الحزبي, ممن جلسوا على المقاعد الوثيرة لحسابات?مصلحية وشخصانية, فيتم اجهاض التجربة او افسادها سلفا.
المانفيستو الحزبي والبرنامج, هم اساس الحزب, ثم يبدأ التوافق على البرنامج وآلية تنفيذه, وهذه الخطوة التي يجب ان يلتقطها اصحاب المصلحة الحقيقية في التغيير, سواء ممن كانوا في المنصب وكان سلوكهم الرسمي خالياً من الشوائب او ممن تم ابعادهم عن المشهد لحسابات تيار القلق, والاهم من الجيل الشاب الذي يبحث عن وسيلة لتحقيق امانيه وطموحاته في وطنه.
omarkallab@yahoo.com