مرايا – كتب :عمر كلاب
مع دخول الدستور الجديد بتعديلاته حيز التنفيذ, ينبغي الانتقال لمناقشة ضلعي الاصلاح السياسي المنشود, قانوني الاحزاب والانتخابات, وقبلهما يجب اعادة ضبط المصطلح, واعادة الاعتبار للتعاريف السياسية, فمساحة التداخل بين تلك المصطلحات, سمحت بالاشتباك غير الحميد او الاشتباك السلبي, فجرى اقصاء شخوص وتيارات وفقا لذلك, وجرى تقريب شخوص وتيارات وفقا لمعادلة الفهم الخاطئ, لهذه المصطلحات, واقصد مصطلحات الموالاة والمعارضة, والالتباس الحاصل بينهما, والتقييم اللاحق للتصنيف.
المفترض اننا نسير نحو الحياة الحزبية في البرلمان والحكومة, ودون فض الالتباس بين هذه المصطلحات او التعاريف, سنبقى أسرى لمرحلة الانطباع التي تنعكس على شكل قرارات مربكة في احسن الاحوال ان لم تكن خاطئة, وافرزت ظواهر عجيبة ليس اولها المعارضة المؤقتة ولا آخرها الموالاة المناصبية, فكل خارج من الحكومة او المنصب هو قنبلة موقوتة, لا نعرف متى تنفجر, وكل داخل الى الحكومة او المنصب هو صامت بموالاة مؤقتة, سرعان ما تنتقل او سرعان ما تتحول الى ادخال مؤقت بالاتجاهين, فالموقف يحمل نمرة صفراء في الاردن, ولمن لا يعرف النمرة الصفراء, فهي نمرة الادخال المؤقت, فهو حامد مادح اثناء الدخول الى المنصب ولاعن وشاتم بعد الخروج, الا من رحم ربي.
اعترف بأنني انتقد سياسات الدولة في ملفات الشباب والملفات التي تُطرح تحت شعار الإصلاح السياسي، لانها في النهاية أقرب إلى التغيير التكيفي منها إلى التطوير البنيوي, والفرق شاسع, بين التكيف والتطوير, فهل لمجرد أنني أنتقد أوضاعاً أرى أنها تؤدي إلى عكس المقصود الأصلي منها ولا تتفق مع الصالح العام للمجتمع والوطن، يمكن تصنيفي كمعارض, او العكس اذا اشرت الى انجاز او قرار ايجابي, سرعان ما تنهال الوصفات الجاهزة بالتسحيج, كما قال زميل لي بالامس حول مقالي عن رسالة الملك, رغم انني لا أصنف نفسي معارضاً اعتقاداً مني أننا اليوم بحاجة لفرصة كاملة لمواجهة هذا الكم المهول من التحديات على الأصعدة المختلفة، لكن هذا لا ينفي حق المعارض في أن يعارض ما دامت معارضة وطنية.
وهنا ندخل في الالتباس مجددا, ماذا تعني المعارضة الوطنية, اجتهد في الاجابة: هي التي لا تكره الحكومة او النظام أكثر من حبها للاردن، فمستعدة أن تدمر الاردن حتى لا يستمر بشر الخصاونة في المنصب او في السلطة ولا تطرح شعار اسقاط النظام او التعدي عليه باللفظ والاتهامات والهتافات الخارجة على الدستور، هي التي تفرق بين السلطة والدولة كما تفرق بين المتحدث في شأن الدين والدين ذاته، هي المعارضة التي تعرف الفرق بين معارضة «قانون» معين أو بعض نصوصه وبين معارضة فكرة «القانون» أصلاً، باعتبار أن كل قانون وكل مؤسسة تعبر عن مصالح «الطبقة المسيطرة اقتصادياً او سياسيا».
المعارضة الوطنية هي التي ترفض أن تستقوي بالخارج كائناً من كان، سواء كان ليبرالياً يظن أن الخارج من حقه أن يتدخل في شؤون الداخل لضمان الحقوق والحريات مثلما ذهب بعض الليبراليين واصحاب دكاكين التمويل الاجنبي، أو موقف بعض الإخوان الذين ظنوا أنهم قادرون على المغالبة، دون أن يراجعوا هم أنفسهم ويعرفوا كم الأخطاء والخطايا التي أوقعوا أنفسهم وأوقعوا البلد فيها. وبعد أن كانت الدولة تحتضنهم والمجتمع يحتضنهم، أصبحت الدولة تحظرهم والمجتمع يلفظهم.
المعارضة الوطنية, لا ينبغى أن تتحول عند حاملي المباخر ومدعي الدفاع عن النظام والملك, الى عدو يجب اجتثاثه او اقصاؤه, بل يجب ان يتم تفعيل دورها ومنحها الفرصة الكاملة لتنفيذ برامجها, فليس كل ناصح هو ناقد وليس كل ناقد معارضاً ولا كل معارض خطر على الدولة, بل ربما يكون اكثر حرصا على الدولة والملك من ادعياء الموالاة, في المئوية الجديدة لن ننجح اذا لم نبن الانسان الاردني الجديد.
omarkallab@yahoo.com
الرأي