مرايا – كتب : سميح المعايطة
السابع من شباط عام ١٩٩٩ كان يوما مزدوج الدلالات، ففيه فقد الاردن والاردنيون والعالم زعيما صلبا وحكيما ،قاد الاردن نصف قرن لم تهدأ فيها نيران الحروب والازمات والمؤامرات لكنها ايضا كانت عقودا بنى فيها الاردنييون والحسين بلدهم وانسانهم.
والدلالة الاخرى كانت تولي الملك عبدالله الثاني الحكم بعد ساعات محدودة من اعلان وفاة الحسين ،وهاهو يتجاوز اليوم اكثر من عقدين من السنوات احتل من خلالها مكانة كبرى في العالم ،وسجل حضورا في قيادة الاردن خلال عقدين من القلق والحروب والاضطراب في محيطنا.
احدى زوايا النظر في عقدين من حكم الملك هي المحيط ،الذي لم تبتعد نيرانه عن الاردن فاصابنا منها ارهاب وتطرف ولجوء ومؤامرات وضعف اقتصاد وتوترات أمنية وعسكرية وسياسية.
عقدان من القلق كانت اسرائيل من اهم عناوينها عبر سياسات ادت الى انتفاضات في اول سنوات حكم الملك ،وكانت هناك حروب عدوانية إسرائيلية على الضفة وغزة ،وكانت سياسات العدوان على الأقصى وادارة الظهر للسلام الحقيقي ،فكان ماكان على صعيد القضية الفلسطينية وعلى صعيد العلاقة بين الاردن واسرائيل.
وفي عام ٢٠٠٣ كانت الاحتلال الامريكي للعراق احدى دول العمق والجوار ،بكل ماشكل من ضغط على الاردن اقتصاديا وامنيا وتدفق مئات الالاف من الأشقاء العراقيين الى الاردن ،وكانت عملية انتقال نشاط القاعدة الى العراق فاصابنا منها تفجيرات عمان ،وضغط على الحدود منعا لتسرب الارهاب في زمن غياب الدولة العراقية.
وجاء مايسمى الربيع العربي لتهب رياحه على الاردن لتكون سنوات الاضطراب لكن الحكمة في ادارة المشهد من الدولة جعلت من المرحلة بوابة لتحقيق جملة اصلاحات ،لكن الإقليم لم يكن مستقرا فحدودنا الشمالية انضمت الى الشرقية في حاجتها الى جهد جبار تكفل به الجيش لحماية الاردن، وكانت الازمة السورية التي حملت معها حوالي مليون ونصف شقيق سوري الى الاردن في ازمة مازالت اثارها على صدر الاقتصاد والموارد الاردنية ،لكن الازمة تجاوزت هذا الى خطر تعاظم لتنظيمات الارهاب وميليشيات الطائفية واخطار التهريب بكل انواعها الى اليوم .
جاءت داعش واصبحت خطرا على كل اردني واحتلت جغرافيا كبيرة في سوريا والعراق ،فكانت ازمة سوريا مركبة ،لكن الملك صنع معادلة اولوياتها حماية الاردن واهله ،والابتعاد عن التورط في الدم السوري والسعي لبقاء سوريا دولة موحدة عبر السعي لحل سياسي .
وحين نتحدث عن الازمة السورية فاننا نتحدث عن كارثة ندفع ثمنها منذ ١١ عاما هي نصف مامضى من حكم الملك.
مابين فلسطين وسوريا والعراق وملف الداخل ومحاولات العبث في استقرار الدولة من البعض ،عقدان قدم الملك نفسه فيها للاردنيين والعالم قائدا استطاع ان يتجاوز سنوات القلق والحروب والتطرف باقل قدر من الخسائر ،وحفظ للدولة استقرارها واستمرارها في ظل تفكك اصاب دولا عديدة .