منذ تولي الملك عبد الله الثاني سلطاته الدستورية والهجمة عليه قائمة, فالبداية كانت استهداف اسرته الصغيرة بكل الشائعات الطبية والاجتماعية, ثم تطور الحال الى استهدافات اكثر عمقا, وقبله كانت المواقف الاردنية كلها تحت الاستهداف, تحديدا في الملف الفلسطيني, الذي حسم شكله واطاره العام الملك عبد الله الثاني, حسب الدور والقدرة الاردنية, وليس حسب الرغائب والامنيات, وكل ذلك اضاف اعباء على الدولة الاردنية وعلى رأس الدولة, فالنجاح الذي حققه الاردن بقيادة الملك عبد الله في الملفات الاقليمية والعربية, كان ملفتا ومزعجا لاطراف عربية واقليمية, لم تنجح تلك الاطراف في خلخلة الرأي العام الدولي, بحكم السياسة الواضحة والخطاب القوي, سواء في محاربة الارهاب او في توصيف المشهدية الفلسطينية والاقليمية.
فكان التوجه نحو مسرب خاص له قبول في المجتمعات الغربية وله تأثير على صنّاع القرار هناك, فالمجتمع المدني في دول اوروبا الغربية والولايات المتحدة, له وزنه في صنع القرار السياسي او قرارات الدعم, فجاءت اللعبة المالية, بحكم ان الفساد والاثراء تهم لها قبولها عندهم, ولا تحتاج بالضرورة الى اثباتات, فدول العالم الثالث في العقل الغربي هي دول سلطوية ومحكومة بنظام صارم, وتزايدت هذه الموجة مع تراجع الاقتصاد الاردني وارتفاع نسب الفقر والبطالة, خالقة اجواء مشحونة داخليا, غذتها هجمة سيبرانية ضخمة لرفع درجة الاحتقان ورفع درجة انسداد الافق, وتعليق الازمة الاقتصادية على مشجب الفساد وليس على مشجب الظروف الاقليمية وحرائق الجوار.
المطلوب اليوم, ان يوازن العقل الرسمي في المواجهة, بين الهجمة المنظمة التي تستهدف الاردن ونظامه السياسي, وتقصير المقصرين في الداخل الذين منحوا المؤامرة ورجالاتها كل موجبات التفوق علينا, فنحن في كل مرة نقف لرد الضربات ولم نبادر يوما, بمشروع تنويري سياسي او اقتصادي, ولم نبادر الى محاربة الفساد المتواجد في بلدنا اسوة بكل بلدان العالم, مع فارق بسيط ان الدول الحية والحاملة لمشروع قومي او نهضوي محلي, وضعت قواعد صارمة لمنع الفساد واجتثاث الفاسدين, فيما نحن نراوح مكاننا في هذا الجانب, بحكم ان اليمين الممسك بالسلطة واليمين المعارض, تتناقض مصالحهما المشتركة مع المشروع النهضوي والتنويري, فكل وجودهما قائم على استمرار الوضع على حاله, بل ان الجزء الاكبر من الاشاعة كان من المعارضة اليمينية والسلطة اليمينية ايضا.
نظام الفزعة والبيانات المشغولة على نظرية الفزعة وإبراء الذمة, لا تحقق نجاحا, فالنجاح حليف كل صاحب مشروع ناجز, يرفع من سوية المجتمع ويعيد الاعتبار الى قيم الدولة, التي نراها تُذبح كل يوم على يد السلطة ورجالاتها السابقين, بحكم المقارابات المنقوصة للازمة وبحكم عدم المعرفة بالواقع الجديد, وبمدى وحجم الازمة في الداخل الوطني, نحتاج الى اعتراف الخطأ ومصالحة وطنية شاملة على الفرص التي اضعناها, وجبر للضرر الذي الحقناه بالوطن والمواطن, ثم ندخل المئوية الثانية بكل صلابة ودون خشية من تسريبة صحفية, تضعنا في موجة من التناحر وكأننا دولة هشة تترنح من خبر صحفي, وكذلك نحتاج الى عقل اعلامي سياسي, قادر على قراءة الازمة من كل جوانبها وليس قراءة عاجزة ومنقوصة.
omarkallab@yahoo.com