نقف اليوم أمام حزمة مشاريع اقتصادية ضخمة وعابرة للجغرافيا الأردنية، ونقف أيضاً أمام لجان اقتصادية متعددة لرسم ملامح القادم ومراجعة السابق، الذي كان رتيباً وأقرب إلى البؤس منه إلى غير ذلك, فنحن تركنا العمل وانحزنا إلى العنوان, فالشراكة مع القطاع الخاص اشبعناها تنظيراً وتصريحاً ولم نحقق على الأرض القليل منها, وكذلك مشاريع البرلمانات الطلابية واللجان الشبابية، حتى أصبحت الحالة مربوطة بالشعار، دون رؤيته على أرض الواقع, فلا حققنا تقدماً في السياسة ولا نجحنا في طحن كيس دقيق رغم الجعجعة الزائدة حتى عن حاجة الفكرة?نفسها، لصنع رغيف على مائدة الأردنيين.
لذلك أعتقد أن الدكتور الخصاونة كان دقيقاً في التشخيص, ولربما هذه أحد أبرز أسباب محدودية حضوره على الشاشات والتصريحات، فالرجل تحدث إلى الأردنيين كلما اقتضت الحاجة وفي المفاصل الرئيسة، ولم ينجرّ إلى بيع الوهم في طرود معلبة، ولهذا حظي وحكومته بهجمات متعددة، استكانت في معظمها إلى تجارب سابقة كان رؤساء الحكومات يشبعوننا فيها شعارات متنوعة تتراوح بين الطرافة والمصفوفة والقسم المتنوع حسب مقتضى الحالة, وبقينا نراوح مكاننا, وتعمقت فجوة الثقة إلى حدود مقلقة ومرعبة.
اليوم واللجان المعنية بالسياسة ومفاتيحها, تنتظر حوارات مجلس النواب وبعده الأعيان للمرور الآمن, لهذه المشاريع التي ستمنح الحياة السياسية دفقة أمل وستتحول إلى منهجية سياسية جديدة, يجب أن ننظر بتفاؤل إلى القادم, حتى مع القلق من تعدد اللجان الاقتصادية التي وصلت إلى 17 لجنة، وكان الأولى أن تتوزع قطاعياً، لضمان اجتياز حالة التداخل في الصلاحيات وتعدد المرجعيات، لكن الأمل أيضاً حاضر، بأن تُنهي هذه اللجان الفرعية أوراقها ثم يتم دمجها قطاعياً لتحقيق التشبيك اللازم، ولا نحتاج لاحقاً إلى إعادة مراجعة أو إلى لجان.
نتفاءل بالقادم نعم, لكنه تفاؤل حذر, سيتصاعد وفقاً للاجراءات التي سنراها على أرض الواقع, طبعاً لن يكون المخرج سحرياً بحيث يخرجنا إلى دائرة الرفاه, لكنه على الأقل سيمنحنا فرصة رؤية ملامح ومواصفات الأردن الجديد في المئوية الثانية, التي يجب أن تكون على قدر طموح الأردنيين وتتناسب مع أمانيهم, بخدمات فيها الكثير من السرعة والعدالة, فنحن أمام صدمة أظن أنها باتت تأخذ مكانها في عقل الدولة, وأعني سوء الخدمات وتردي كفاءة الموظف العام, بل توسعت دائرة الفساد في المراتب الوسيطة وما دونها إلى مستويات مقلقة, داخل مؤسسات ال?دمة العامة ولعل ما نقرأه كل يوم عن فساد مالي وإداري في هذه الفئات يقشعر الأبدان, ويؤكد أن الإدارة العامة تحتاج إلى ثورة حقيقية.
ننتظر المخرجات ونراقب الاداء الرسمي, بكل عين يقظة، وهذا واجب الإعلام, الذي تراجعت قدرته ورغبته في المتابعة ووصف الخلل بدقة ودون محاباة, فنحن على مفترق طرق، ويجب أن نسير ضمن القوانين وضوابط السير الوطنية، حتى لا يحدث تصادم لا سمح الله، وأيضاً سنضغط على بؤر التراخي والفساد بقسوة، تحتاجها اللحظة الوطنية أكثر من أي وقت مضى.
omarkallab@yahoo.com