مرايا :كتب-عمر كلاب
ما من جلسة خاصة أو عامة في صالونات عمان, تخلو من سؤال عن موعد رحيل الحكومة, مجلس يعتقد انها راحلة بعد الانتخابات البلدية والمجالس المحلية وامانة عمان, في حين يمنحها صالون آخر فسحة حتى نهاية الدورة العادية لمجلس النواب في ايار القادم, والصالون المتفائل يقول عن رحيل في نهاية العام, وقد سمع العبد الفقير الى الله, كل هذه الاسئلة, وسمع موجبات كل صالون ودفاعه عن وجهة نظره, وللأمانة فهذه عادة اصيلة في المجتمع الاردني وليست طارئة, بحكم ان متوسط عمر الحكومات في الاردن عام او اقرب الى العام ونصف العام, يزيد او ينقص حسب المعطيات الداخلية والخارجية.
طبعا يتبنى محللون وكتاب وجهة نظر هذه الصالونات, فهم ليسوا بمعزل عنها, ان لم يكونوا جزءا من تركيبتها, فلكل صالون كاتبه او محلله او اكثر, ناهيك عن مساحة التطوع في هذا الملف, فهو جاذب لمجتمع النميمة وجاذب اكثر للطامعين او الراغبين بتشكيل او دخول الحكومة القادمة او الحالية, فبعض الاراء تتحدث عن تعديل حكومي, بعد انتهاء عمر رئيس ونائب رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات الوظيفي طبعا في نيسان المقبل, والانتهاء من مخرجات لجان العمل الاقتصادي, ومرور تشريعات الحياة السياسية الجديدة من ممراتها الدستورية.
بداية, لا اعتقد ان هذه الحكومة ارتكبت خطأ قاتلا او نصف قاتل, فهي تسير منذ ولادتها داخل ممرات ضيقة جدا, فجائحة كورونا خنقت كل أوجه الحياة, ونجحت هذه الحكومة في التخفيف من هذا الاختناق برفعها السعة الطبية وبتخفيفها القيود الاجرائية وصولا الى لحظة انفراج كاملة مع بداية نيسان, وكذلك وفرت رغم ضيق ذات اليد برامج أمان للعاملين في القطاع الخاص والمتعطلين عن العمل وللعائلات الرقيقة كما وصفها ذات لقاء وزير الدولة لشؤون الاعلام السابق صخر دودين, كذلك لم ترث الحكومة واقعا اقتصاديا يسمح لها حتى بالتنفس من فتحتي الانف, فلم يصلها اي دعم خارجي كما حكومات سابقة تنعمت بمنح وتسهيلات.
امام هذه الحكومة تحديات قديمة ومتجددة وطازجة, فالجميع ينتظر ما ستفصح عنه الحرب في اوكرانيا والتي ستخلق وضعا اقتصاديا سيعيش معنا طويلا, حيث القدرة على حشد الموارد والقدرات أهم من كمية هذه الموارد ونوع هذه القدرات في مواجهة ما سيحدث, وهذا التحدي الطازج, اما التحدي المتجدد فهو شهر رمضان الفضيل وقدرة الحكومة على كبح جماح الاسعار التي ترتفع بالعادة في اول كل شهر فضيل ثم تعود الى الاستقرار, لكن الاجواء اليوم صاخبة, من حيث التخوف العالمي من سلاسل التوريد وارتفاع اجور الشحن ونقص الموارد في العالم كله, مصحوبا مع شجع التجار المعهود في كل موسم.
أما القديم فهو المتوارث من حكومات سابقة, رفضت مواجهة الأزمات, تارة بالهروب إلى الأمام وتارة بالانكار وتارة بالوعود البراقة التي انقلبت الى ازمة بحد ذاتها, فصار اي تقدم في أي ملف يحتاج إلى سنوات وليس الى حكومة بعينها, فالتصحر الإداري واقع يحتاج الى معالجة والخدمات تراجعت, والبطالة تفاقمت والاستثمارات تراجعت, وبقيت قوة وحيدة هي السائدة حتى لا أقول المسيطرة, واعني قوة المؤسسات المالية والمصرفية, التي تسعى الى تأبيد النظام الاقتصادي الحالي, بوصفه النظام الذي حقق لها اعلى نسبة ارباح.
هذه الوقائع تؤكد أن على الحكومة العمل بسرعة ووقار, وبحزم وصرامة في انفاذ القانون وتغيير قواعد الاقتصاد الاردني بمجمله, وامتلاك برنامج واضح وجريء في مواجهة الواقع واجتراح الحلول مع وجود ماكينة إعلام صادقة وسريعة الاستجابة, أما مسألة رحيل الحكومة أو تحديد عمرها فهو مرهون بنجاحها وبيد صاحب القرار, وليس بيد صالونات أو توقعات تتوافق ورغبة الصالونات او المحللين.
omarkallab@yahoo.com