مرايا – كتب محمود كريشان:
.. كان الصباح “جنائزيا” بإمتياز.. طقس حائر.. غيوم ملبدة.. برد ناشف.. لاهي نار.. ولاهي ماء.. ولاهي غيمة ولا ظماء..!
بدون مقدمات.. ألو.. “أبوي” اعطاك عمره.. لا حول ولا قوة إلا بالله.. الموت حق.. الدنيا زائلة.. مثل عصفور جميل ربيته وما أسعفك الوقت للتأمل به.. طار فجأة.. لكن الصوت يمتد ويصعد “وبشر الصابرين”..!
نكفكف الدموع.. ونطق اللثمة حتى لا يشاهد البعض الدمع.. لأن بكاء الرجال “عيب”!.. لكن ما العمل اذا كان الراحل “جبل عمان”؟..
مسجد.. وجسد مسجى.. نفس مطمئنة.. راضية مرضية.. روح بريئة إلا من محبة الناس.. كل الناس.. لكن “ابوعلي” مات..!
الحزن يليق بمن رحل.. كانت “سحاب” على اطراف عمان.. تستقبل ضيفها.. شيعناه، دفناه، ودعناه.. يرقد الآن وحيدا بكل ذكرياته.. لكن بالله عليكم.. “لا تضايقونه”.. بالله عليكم..!
“مساكين عمان” و”وجهاء المدينة وتجارها.. ابوسالم العقايلة، مازن الشربجي، هاني حبيبة، وليد سليمان “الصحفي”، ابوسماحة.. وغيرهم كانوا هناك.. عمران الذهبي.. ارتدى ملابس قاتمة.. عزف الصداحون “لحن الرجوع” الأخير.. وتم غرس اشجار الزيتون..
المفارقة الوحيدة ان “الحكومات”.. بلا مبدأ.. بلا وفاء.. لم يشاركوا في تشييع جثمان من اعطى للأردن.. وخدمهم بشرف وأمانة.. لكن ربما لم يحضروا إلى “حفل الوداع” خوفا ان تتسخ احذتهم “الإيطالية” بالطين!.. لكن لا نعتب ابدا.. لأن “الجحود” ديدنهم ومبدأهم.. لا تستغبروا.. ما عندهم وفاء..!
“بياع الكتب”.. مات.. لكنه مات شريفا، عفيفا،.. لم يكن من لصوص المال العام، ولا من سماسرة العطاءات، وزعران المناصب.. غادرنا نقيا.. خدم الوطن بأمانة وإخلاص..!
هو اصلا يعرف تلك الثلة الفاسدة على حقيقتهم السوداء.. كان يقول لي: هؤلاء شلة زعران.. اقترفوا جميع الموبقات.. جميعها.. والله..!
ابوعلي مات.. خلونا ساكتين.. حط الشام.. يا عيب الشووم.. انسى الطابق.. حكومات بلا وفاء.. عذرا حسن ابوعلي.. انت اشرف منهم جميعا.. “للحديث بقية”..!