مرايا – بقلم: عمر كلاب
وضع الملك خارطة طريق في مقابلته مع $, وحتى نخرج من اللحظة القاسية, لا بد من الاستجابة لهذه الخارطة ووضع جدول تنفيذي لها, يكون خارج المألوف, وليس حسب الوصفات التقليدية التي يطرحها اعضاء نادي النخبة التقليديون والذين أوصلونا إلى هذه الأزمة, مما يستدعي أن نبدأ الخطة باستثناء تلك النخبة التي أوصلتنا إلى الأزمة من مشاريع الحلول, لأن العقل الذي يصنع الازمة لا يملك حلها, فهذه أزمة مركبة وليست لغزا يستطيع واضعه حلّه.
بات من الضروري بداية ان يتولى فريق تنفيذي حداثي وضع الجدول التنفيذي, ولمقاربة ما جرى في دول عانت مأزقنا ولديها ظروف مشابهة لنا, فإن البداية تكون بفريق مزيج بين التكنوقراط والسياسيين, على ان يكون التكنوقراط وزراء دولة للقطاع الذي سيعملون فيه, ويكون الوزير السياسي قائدا لقطاعات متقاربة ومتجانسة, فلا يعقل ان يكون الوزير التكنوقراطي هو قائد سياسي, ورأينا كيف فشل كثير من وزراء التكنوقراط في تقديم مشاريع التحديث او الدفاع عنها امام الرأي العام, فمثلا يكون وزراء دولة لشؤون المياه والبيئة والزراعة, ويرأس هذا القطاع وزير من العيار السياسي, وكذلك الحال مع وزارات الاستثمار والتخطيط والصناعة والتجارة والتعدين بدل التموين, ويرأس هذا القطاع وزير سياسي.
هذا النموذج سيضمن تحقيق التوازن, بين التكنوقراط المطلوب للعمل التنفيذي والتقني للوزارة, وسيضمن قائدا سياسيا قادرا على تسويق المشاريع للرأي العام والأهم أنه يضمن عدم التضارب والتناقض بين الوزارات المرتبطة قطاعيا, ولقد عانينا طويلا من تضارب القوانين وتناقض الصلاحيات داخل القطاع الواحد, لاننا نتعامل في الوزارات كجزر معزولة, وجاءت رؤية التحديث الاقتصادي لتنهي فكرة العمل الفردي او مشروع الوزير الذاتي الذي يرحل برحيله, فقد مللنا حكومات التقلبات والعودة الى الصفر في كل مرة.
هذه الطريقة ستجعل اي حكومة اكثر فاعلية, وقادرة على اكمال المهمات بالتوالي والتضامن, وهي تحتاج الى نمط خاص من الرجال, رجال مهمات لا رجال مناصب, والفرق شاسع بين النمطين, وهو نمط قابل لمحاسبة المقصر وفق حدود صلاحياته, فالتكنوقراط واضحة مساحته وحدوده, وبالتالي تتم محاسبته في حدود صلاحياته, عكس القائم اليوم, فنحن نحاسب وزير تكنوقراط على قرار اداري/ سياسي, في حين ان هذه المسؤولية تقع على الفريق السياسي والاداري, وهنا يصبح مجلس الوزراء المصغر هو المسؤول عن اي اختلال اداري او سياسي, وهو مجلس مؤلف من وزراء السياسة والسيادة, اي الوزراء المسؤولين عن القطاعات, التي يمكن دمجها في خمسة قطاعات.
اركان التحديث الثلاثة المتزامنة, والتي لا نملك ولا نستطيع ان نقدم ركنا منها على ركن, لن تنجح بالعبور الى التنفيذ وتحقيق المرجو منها اذا بقي المنصب هو الاساس وليس المهمة, فنحن بحاجة الى رجال مهمات وليس الى رجال مناصب, ومن يقرأ نجاح المؤسسة العسكرية سيعرف ان النجاح يكمن في تنفيذ المهمات والمحاسبة على التقصير, بعد ان يكون المكلف بالمهمة قد تلقى التدريب اللازم, ونحن يمكننا استنساخ هذه التجربة من المؤسسة العسكرية, بحيث يكون التكنوقراط هو الشخص المدرب والعارف بقطاعه, ويكون قائد التنفيذ هو السياسي المسؤول والذي يخضع للمحاسبة والمساءلة.
omarkallab@yahoo.com