مرايا – بقلم: عمر كلاب
تحتاج غزة الى حليب اطفال وبعض لصقات جروح, والكثير الكثير من شماسي الشواطئ وملابس البحر المحتشمة نسبيا, تحتاج ايضا الى بعض مولات تحتوي على ماركات معروفة من الملابس والنظارات, وتحتاج ايضاً الى مدينة ملاهي على طراز ديزني لاند, وبعض وكالات السيارات الفارهة ولا بأس ببعض مطاعم الوجبات السريعة, فكل شيء يحدث في غزة بسرعة حتى الموت, فهو لا يأتي كما في باقي المدن في حادث سير او خطأ طبي او مرض مزمن, هو يأتي بالجملة, فالمدينة القابعة على البحر لا تحب الموت البطيء والفردي.
تحتاج غزة الى قليل من البلاهة والصمت, وبعض مشتقات النفط, فالماء العذب شحيح, وبالتالي لا يستطيع الغزي الاستمتاع في سباحته, فترهقه الاملاح بالتسلخات, فتراه دوما غاضبا وتراه في اكثر الاحيان مالحا, لهذا مطلوب لحمه كمازة, وعلى غزة ان تحافظ على ثروتها من اللحم المالح, فهو مطلوب في العالم كله, اكثر من الطلب على عنب بيت لاهيا وبرتقالها وباقي حمضياتها, حتى الجميز الفاكهة التي لا يعرفها الا اهل غزة ليست مطلوبة رغم ندرتها, كما اللحم الغزي, بدليل انه منذ عقد ونصف العقد شهدت لحومه طلبا متتاليا, عبر حروب متصلة وحصار مستمر.
كاذب من يقول ان غزة بحاجة الى مقاومة, فما جدوى تلك السلعة غير المطلوبة, وما جدوى تلك البضاعة المشوهة في عالم الرفاه, من بقي يتذكر ان المقاومة ضرورة, في عالم يختلف على منسوب الرفاه, فالمازة اليوم تحتاج الى الشوكولاته, ما دام الدم المسفوح بين موسكو وكييف, فتراجع الطلب على المازة المالحة, وكل محاولات الترويج لسلعة اللحم المملح, غير مطلوبة, الا في حدود ضيقة ولبقعة محددة بأقل من 25 كلم مربعاً, فالانتخابات القادمة تحتاج الى رزمة من القذائف وكثير من الدم الاحمر القاني واللحم المملح, وبعض دعم من اولياء الدم نفسه.
فلتسقط المقاومة ولتنتهي الى الابد, ما دامت غير مطلوبة وغير مرغوبة, فالسوق عرض وطلب, والبضاعة المطلوبة اليوم, خلطة من ميوعة وقلة كرامة واندياح في الحضن الغربي وغزل للوجه الصهيوني, فلماذا اذن المقاومة, ولماذا الكرامة ولماذا توازن الرعب ما دام المطلوب اذعاناً برغبة وبتمويل ذاتي, لماذا تفسد المقاومة ذائقة المنطقة, وتفسد متعة سدنتها, فقط من اجل ارضاء جموع شعبية غاضبة لا تملك من امرها شيئا؟ فهذه الجموع مجرد ارقام لا تملك فرض اي معادلة في ظل الظروف القائمة, مجرد ارقام مغلوب على امرها, ستدعو لغزة بأن يحفظها الله, وتكتفي بالدعاء.
لماذا لا نطلب من الجموع الغاضبة التوقف عن الدعاء, حتى الدعاء اصبح ملحا على جراح غزة, بعد ان اصبحت سيوف المنطقة عليها, ونكتفي بالدعاء على المقاومة, او ان ندعو الله ان يهدي المقاومة فتتخلى عن مقاومتها, وتجنح الى مكارم الخنوع العذب, نعم فلتسقط المقاومة وليبلع البحر غزة.
omarkallab@yahoo.com