مرايا – بقلم: عمر كلاب
بهدوء
بداية نبارك للجامعة الاردنية رئيساً واعضاء هيئة تدريس وطلبة, دخولهم تصنيف شنغهاي واحتلالهم مركزا في هذا التصنيف العالمي لافضل الجامعات في العالم, حيث احتلت مركزا مقبولا في هذا التصنيف القاسي الاشتراطات (800) على العالم الذي يحتضن 30 الف جامعة, واحتلالها المركز (500) في تصنيفات مهمة, لكن تصنيف شنغهاي له دلالة, بحكم سمعته العالية واشتراطاته الصعبة, ومن هنا تستحق ام الجامعات التبريكات والاحتفاء بها, وشكر من حقق هذا الانجاز من علماء وباحثين وادارات متعاقبة على رئاسة الجامعة, فهذا جهد تراكمي كما قال الدكتور زيد عيادات نائب رئيس الجامعة, الذي قاد المؤتمر الصحفي للاحتفاء بهذا الانجاز.
التصنيف ليس هدفا بحد ذاته, لكنه اداة قياس مهمة لرأسمال الجامعة القيمي, فهو جزء اساس من السمعة المهنية وقيمة مضافة لرأسمالها البشري, بوصفه جزءاً رئيساً من اقتصاد المعرفة, فالجميع يبحث عن جامعة مرموقة لكي يدرس فيها او يجعلها مكانا لدراسة الابناء, فالتعليم استثمار في الانسان بل هو ارقى اشكال الاستثمار, لانه استثمار في الانسان, والاردنيون على اختلاف تلاوينهم وثقافاتهم, اقبلوا على تعليم ابنائهم دافعين الغالي والنفيس, ومن حقهم ان يكون عائد استثمارهم مربحا, واقصد بالربح هنا فرصة عمل للخريج الجامعي, وعائداً قادراً على اعانته على مصاريف الحياة وتصرفاتها.
اذن قيمة التصنيف, هي قيمة وقدرة عائداته على اقتصاد المعرفة, بحيث تصبح الجامعة قادرة على جذب الكفاءات العلمية من كوادر تدريس وقادرة على جذب الطلبة من بلدان مختلفة, وقادرة على توفير فرص عمل لخريجها بناء على ثقة سوق العمل بمهارة ومهنية الخريجين, ومن حقنا هنا ان نفتخر بنوعية خريجينا في التخصصات العلمية والطبية, الذي نجحوا في رفع اسم جامعتهم وبلدهم, فتخصص التمريض مثلا احتل مرتبة متقدمة جدا على مستوى العالم وكذلك تخصصات المعلوماتية والمحاسبة, وكل ذلك مقدر, لكن هل يكفي ذلك, وهل سيتحول التقدم في التصنيف الى عائد اقتصادي؟ هذا هو السؤال الجوهري واجابته واجبة.
وقبل الاجابة, هل فعلا اصبح البحث العلمي في بلدنا وجامعاتنا سلوكا مؤسسيا, ام وجهة نظر رئيس وادارة, وقدرة فردية للباحث على تحصيل دعم او منحة بحث, ونعلم يقينا ان البحث العلمي هو ابرز قيمة لرفع التصنيف, بالاضافة الى النزاهة الاكاديمية والعدالة العلمية, وفي هذا المضمار نحتاج الى بحث عميق تحديدا في الكليات الانسانية وكليات العلوم الاجتماعية التي هي جذر التعليم وجذر بناء الانسان المتوازن, فبدون فلسفة وعلوم اجتماع لن نرتقي بالفرد والمجتمع وهذا المضمار متراجع جدا في جامعاتنا, رغم ان معظم الباحثين المميزين في هذا المضمار هم اردنيون, لكنهم يعملون في مراكز بحثية خارج الاردن, ومن بقي منهم في الاردن للاسف تورط في المنصب الحكومي واصبحت النمرة الحكومية هدفا لمعظمهم.
لا يجوز التقليل من اهمية التصنيف بل نطالب باقي الجامعات بالالتفات والعمل, حتى يكون التنافس حافزا ودافعا ورافعا, لكن يجب ان ينعكس هذا التصنيف على المنتج الجامعي, وعلى جودة الخريجين, حتى لا يكون التصنيف هدفا بحد ذاته, كما تورطنا سابقا في اختلال معرفي بين الهدف والغاية, فالحزب وسيلة لتحقيق الحياة السياسية وليس هدفا على سبيل المثال, ويجب ان يشعر الاردني بهذا التطور على سلوك ومستوى شبابه الجامعي والا سنعود الى المربع الاول الذي اختصره احد الفلاسفة بجملة: لا يهمني اتساع العالم ما دام حذائي ضيقاً.
omarkallab@yahoo.com