مرايا – بقلم: عمر كلاب
بهدوء
عرضت في هذا المكان وجهتي النظر في قانونين, «المجلس الطبي وحقوق الطفل او حمايته», على أمل تلقي وجهات نظر ومواقف مهنية وعلمية, تدعم رأيا او تنتصر بالحجة لرأي على رأي, لكن المفارقة غير العجيبة انني تلقيت مواقف ولم استمع الى رأي, ولمزيد من رسم علامات التعجب, فإن المحتشدين والمحشدين ضد القانونين, استخدموا للاسف كماً غير قليل من التضليل, بل في قانون الطفل تم استخدام ما هو اكثر من التضليل الى حد الافتراء, وبنسبة اقل, كان العنف والتضليل, حاضرين عند معارضي قانون المجلس الطبي, وسط رفض أي حلول وسط او اقتراح تسوية تضمن السوية الطبية وتضمن الاستفادة من الكفاءات المهاجرة التي تنوي العودة والاستقرار في الاردن, اما لوازع وطني حقيقي, واما لان الغربة قد فقدت بريقها وكلفتها, رغم ان العائد المادي من مهنة الطب في الخارج لا تقارن بالعائد في الاردن, واقصد الكلفة المعنوية والبريق الاول لجيل الشباب, كما هو رأي المؤيدين للقانون, اضافة الى تعبئة النقص الحاد في كثير من الاختصاصات.
كان النقاش من طرفي ينصب على سؤالين, هل الوضع القائم مقبول أم بحاجة الى تغيير, والسؤال الثاني هل الشهادات العلمية التي حصل عليها العاملون في الاردن أعلى وأكثر قيمة علمية من القادمين, ان كان على مستوى الجامعة وترتيبها العالمي ام على مستوى البلد الذي مارس فيه العمل الطبي او المنشأة الطبية التي مارس بها عمله وحصل على شهادتها الجامعية او المهنية, هذا على صعيد المجلس الطبي, اما بخصوص قانون الطفل فإن المعترضين يكررون جملا معلبة وانتقادات غير واردة في القانون اصلا, من مثل ان القانون لا يمنع الالحاد والمثلية بل يشجعها, وبان القانون يشجع الاغتراب ويفكك عُرى الاسرة ويهدم اركانها, وفي كل ملاحظة اسأل اين هذه الفقرة في القانون, فتكون الاجابة «انت بس دور بتلاقيها» والغريب ان معظمهم لم يطلعوا على القانون بالاساس.
إذا كنا متفقين جميعاً على ان الوضع القائم لا يسر احدا, فلماذا اذن الاستمساك بقوانينه وتعليماته وانظمته؟ اليس هذا سؤالا مشروعا, ام اننا نريد انتقاد الوضع القائم ونرفض تغييره لانه يحمي مصالحنا, رغم كل العفن الساكن في مجتمعنا, بدليل حجم المخدرات وحجم العنف وحجم التطرف اللفظي والسلوكي, والتمترس خلف المواقف وعدم احترام آراء المخالفين, ولمزيد من الغرابة فإن معظم الذين يديرون الاعتراض على قانون المجلس الطبي هم خريجو جامعات عربية ليس لها حظوة علمية او من دول الاشتراكية السابقة ودول منظومة اوروبا الشرقية, ومعظمهم وان تخرج من دولة لها مكانة علمية فهو خريج جامعات خاصة.
بالامس نشر الزملاء في موقع عمون بيانا من الاطباء الاردنيين العاملين في المانيا, واظن انها دولة تحظى بسمعة علمية وطبية راقية, وقدموا حلولا واقتراحات في غاية الاهمية, وقدموا مقاربات لنماذج دولية تجيز ممارسة المهنة اذا قدم الطبيب شهادات علمية صحيحة واوراق خبرة في مراكز طبية لها سمعتها, ومع ذلك يرفض الممانعون ذلك, بل ضربت لاحدهم مثلا, عن طبيب تخرج من جامعة فخمة وعمل في مركز متميز في الولايات المتحدة او بريطانيا, فهل يتقدم لامتحان رغم حصوله على مزاولة المهنة او البورد من تلك الدولة, فاجابني «نعم» وعندها لم اجد اجابة, فالرجل كان يشكو قبل اشهر من حجم الواسطات في الامتحان الطبي.
حصيلة الحوارات اضعها بين يدي القارئ, لعلها تكشف عن حجم الاستبداد في الرأي الذي يسكن بين ظهرانينا, وعلى امل ان تلتزم الحكومة بالاستمرار في تحريك الماء الراكد بل والآسن في كثير من مجالات حياتنا العامة