مرايا – كتب : عمر كلاب
لمن يعيش, نحتاج الى 33 عاما, كي نرى هذا التوافق الزماني, مع البناء العضوي لاهلنا على ضفتي النهر, حين تكون الجمعة اليتيمة الرمضانية تستقبل سبت النور المسيحي, ويكون الاقصى قبلة الفؤاد يبارك ويعايد على كنيسة القيامة, وسائر كنائسنا المقدسة, هذا التلاقي وهذه المناسبة السعيدة’ افسدتها مفسدة اللذات وهادمة الجماعات كالعادة, الصهيونية البغيضة, وذراعها الاستعمارية التوحشية, بالاعتداء على اهلنا المسيحين في القدس, وعلى كنيسة القيامة, اقدس كنيسة في وجداننا جميعا, ابناء هذه المنطة من بلاد الشام, فهي روحنا واول عهدنا وعهدتنا.
لكن الكلام الوجداني لم يعد يحمل ذائقة وعذوبة امام هذا التوحش, فالمطلوب حماية المحتفلين وحماية الكنائس, فآلة القمع الصهيوني, وهذه العصابة العنصرية الفاشية التي تحكم الكيان, لا تفرّق بين الدم الواحد, فالدم الفلسطيني حلال لهم سواء كان مسيحيا او مسلما, واذا كنا نتحدث عن وحدة الساحات, فالأولى ان نتحدث عن وحدة المسارات, ونتحرك بكل قوة لوقف انتهاكات القيامة والاقصى سواء بسواء, ونحمى اعراضنا كلها من دنس وبطش الاحتلال, سواء كان محجبا او غير ذلك, فالشرف الفلسطيني واحد ومقدساتنا واحدة.
لا احب الخوض في المنطق الديني, من حيث موقف الديانة اليهودية من الاخر, فهي لا تعترف بالاخرين وتصفهم بالاغيار, بمعنى رفضها الكامل لحقوق غير اليهودي, وعدم استماع كثير من الساسة وحتى المتدينين المسلمين والمسيحين لهذا الامر, سيكلفنا الكثير, ليس الذين سيكتشفون ان اليهودية كانت وما زالت مرضا في جسد الجامع والكنيسة, وان مفهوم الابراهيمية كله مفهوم سياسي سيادي لليهود, وان كل محاولات الادماج لن تنجح ليس لموقف متصلب او متشدد من اتباع الديانتين بل لصرامة النص اليهودي وتطرفه حيال الاغيار, فهو لا يعترف بالاخر ابدا, بل حتى للذين يقولون بفصل الدين عن الدولة فالمجتمع اليهودي بات مهووسا بهويته الدينية ولا يعترف بالهوية الوطنية الا القليل القليل.
ما جرى في سبت النور, وسيجري في الايام الدينية القادمة, سواء للمسيحيين او المسلمين, كله يصب في هدف واحد, تحمله العقيدة الصهيونية وتتبناه المدارس الدينية الحاكمة في مجتمع الكيان العنصري الفاشي, لا وجود لاحد غير اليهود, بمعنى الوجود الحقوقي والانساني, اما وجود العبيد والاتباع, فهو متاح بشروطهم العنصرية والفاشية, وعلينا ان ندرك ذلك بوعي, حتى نقاوم بوعي وبممارسة كل هذه العنصرية الفاشية, مقاومة بكل اشكالها والوانها دون استثناء, وتقسيم الادوار وتحديد مهمة كل الساحات, ساحات الفعل وساحات الدعم وادوات المناصرة والاعلام.
نحن في حرب مع آلة الكيان العنصري البغيض, فهي تستهدفنا كلنا, بدون تمييز, فهل نبقى نمايز نحن ضد انفسنا؟ وعليه ما المانع ان يقوم جزء من المرابطين في الاقصى بالرباط في كنيسة القيامة ومحيطها؟ فكلها بيوت الله الواجبة الحماية, وكلها مقدساتنا, فلا يجوز ان يجتمع اهل الضلالة على هدف واحد, ويبقى اهل الحق على فرقة لا سمح الله, اعلم ان كل مرابط ومرابطة وكل مقدسي, تعنيه القيامة كما يعنيه الاقصى, لكنها محاولة للتذكير لا اكثر.
omarkallab@yahoo.com