مرايا – كتب : عمر كلاب

لم يحظ السابع من اكتوبر وحدثه العظيم, بمراجعة علمية ومنهجية, بعد عام على صيرورته وسيرورته, فكل ما يقال محض أماني ومواقف, رغم تاريخية الحدث, فهو يوازي بالنسبة للقضية الفلسطينية, انهيار جدار برلين, كونيا, وسائر الاحداث التي صنعت التاريخ بعدها وقبلها, ومع ذلك بقي الحدث والتاريخ, اسير الاماني والمواقف, فثمة من يراه نصرا, لأن الكيان الصهيوني, لم يحقق اهدافه المعلنة, بالقضاء على حركة حماس, وهناك من يراه كارثة بحكم حجم ضحايا حرب الابادة.

ولبداية الفهم او القراءة, لا بد من تحديد الاثر والنتائج والظروف الحاضنة, لما قبل السابع من تشرين الاول/اكتوبر, فجميعنا, كان يشكو من تراجع القضية الفلسطينية, على سلم الاهتمام الكوني والعربي, ورأينا بعد الخراب العربي, ان الحاضنة العربية تقلصت, اما بدخول دول وازنة خانة الفشل او الاقتراب من الفشل, ودخول دول اخرى في خانة المسار الابراهيمي, وما بينهما انشغال كامل بتداعيات الخراب العربي, المسمى قسرا ربيعا عربيا, على بنيتها الداخلية اقتصادا ولُحمة وطنية داخلية.

اما فلسطينيا, فقد بلغ الانقسام مداه الاقصى, واصبحنا امام عالمين فلسطينيين, احدهما في غزة والثاني في الضفة, مع بقاء عالمين آخرين في مهب الريح, القدس واقصاها وكنيستها, والمجتمع الفلسطيني في المناطقة المحتلة عام 1948, اما الشتات الفلسطيني, فأصابه ما اصابه من امراض الخراب العربي, وبات اسير الجغرافيا التي يقيم فيها, بل ودفع اثمانا باهظة, نتيجة تغير او ثبات موازين القوى في بلدان الشتات, ومن يريد مراجعة ذلك, فليقرأ الحال في ليبيا والعراق وسورية ولبنان, او الموقف من المسار الابراهيمي, لمن يقيم في دول دخلت المسار او اقتربت منه.

اذن البيئة الحاضنة فلسطينيا, ليست جاهزة, والحاضنة العربية في اسوأ ظروفها, فكانت عملية طوفان الاقصى, طوفاناً فلسطينياً او غزياً للدقة, وبدرجة اكثر خصوصية, هو طوفان الاسلام السياسي بنسخته الفلسطينية, الذي خسر خسارة كبرى بعد الخراب/الربيع العربي, فهو تعبير عن ازمة ومأزق, اكثر منه عملية تحريرية, وبأقصى احواله, حسب صانعيه, كان فرصة لتبييض السجون, واعادة القضية الى تراتبيتها الاولى, واعادة الانتعاش لتيار الاسلام السياسي, الذي فقد في كثير من الاقطار مبرر حضوره الطاغي واسبقيته الشعبية.

جاءت الغنيمة, باعلى مما توقعت الحركة, وبالتالي, كان لا بد ان يكون الرد بحجم الغنيمة, ايضا, اي بأعلى مما توقعت الحركة, وحتى بأعلى مما توقع الجميع, بمن فيهم المتشائمون وان شئت المتخاذلون, فالسلوك الصهيوني, على دمويته التاريخية, لم يكن بهذا القدر من التوحش سابقا, اذا ما قسنا ردود فعله على عمليات المقاومة السابقة, باستثناء وحشيته في العام 2006 على لبنان, ويبدو ان الجميع اغفل عن ذلك, ناهيك عن المفاجأة الكبرى, وهي انخفاض قيمة الدم الصهيوني والكائن البشري الصهيوني, في حسابات حكومة اليمين المتوحش, الذي كان يستبدل الف سجين فلسطيني بجثة او باسير صهيوني.

وهنا يبدو السؤال واجبا, ما الذي دفع حركة حماس الى القيام بهكذا حدث ضخم, في ظل ظروف وبيئة حاضنة, هي الاسوأ في تاريخ الصراع العربي والفلسطيني الصهيوني؟ هل راهنت فعلا على وحدة الساحات, وباشتباك اعلى من حدود الاستباك الذي قامت به حركات محور الممانعة ومن خلفهم جمهورية ايران الاسلامية؟ ام راهنت على ضغط شعبي فلسطيني وعربي, يفضي الى فتح الحدود مثلا؟ رغم انها تدرك انها غير قادرة على فرض ذلك على الضفة الغربية قبل باقي الشعوب والقيادات العربية.

اسئلة تستدعي محاولات الاجابة, عن ايران ودورها وحجم دعمها, عن حماس وبنيتها وشكل تحالفاتها, عن محور الممانعة وقدرته, وبالمقابل عن محور الاعتدال وفاعليته؟ والاهم عن المشروع الفلسطيني الموحد والناجز؟.. وللحديث بقية.

 

omarkallab@yahoo.com