مرايا – عمر كلاب
يقع الفعل المعارض في نموذجين من الاخطاء، إما خطأ في المنهج مع صحة الرؤية، أو أنه خطأ في الرؤية، يترتب عليه خطأ في المنهج، ولعلنا أمام نموذج من المعارضة في الأردن، محصور في الخطأ الثنائي، أي خطأ الرؤية وخطأ المنهج، ولنبدأ من الرؤية أولاً، تحديداً عند أبرز حزب معارض ومن خلفه، حاضنته الفكرية والشعبية، وأعني حزب جبهة العمل الإسلامي ومن خلفه جماعة الإخوان غير المرخصة، التي تناور بين ضغط وضغط، على الأعصاب الحساسة للدولة، دون امتلاكها رؤية ومنهجاً، متسقاً، يخدم مجموعها وجماعتها..!!

تعلم “الجماعة”، قبل غيرها، أن الأردن الدولة، دفع ويدفع أكلافا عالية، نتيجة موقفه العقلاني، بعدم إدراج “الجماعة” تحت خانة الإرهاب، كما فعلت دول المنطقة، وتحديداً دول المحور الذي ينتمي إليه الأردن، فسماحة النظام وشرعيته الدينية، دفعت الدولة إلى هذا الموقف، وتاريخ “الجماعة” إبان مرحلة عقلائها الكثر، ساهمت في ذلك، على أمل أن تتدثر “الجماعة”، برداء عقلائها، في لحظات الضيق والأزمة، لكن ذلك لم يحدث بعد أن أمتطى قيادة “الجماعة”, أشباه سياسيين ونشطاء عاشوا على هامش العمل السياسي والنقابي..!

فهم لا يحملوت إرثا وحضورا في “الجماعة”، ولا يحملون فقها يشار له، ولا يحملون وعيا بمسننات الدولة وآلية عملها، بل لا يحملون فقه العمل الحزبي والسياسي، لذلك انداحوا نحو عمل غرائزي، وعلاقات إقليمية، لا يتشابه واقعها وظروفها الذاتية، مع أدنى تكوينات المجتمع الأردني، المؤمن بالدولة ومثلثها الذهبي، العرش والجيش والوحدة الوطنية، بل لا يفقهون أنه كلما ازداد الضغط الإقليمي, على الدولة، ارتفعت وتيرة الاصطفاف الوطني، فالأردني يعتب ولا يغضب من وعلى نظامه ودولته، فلا ندوب ولا جروح غائرة في العلاقة بين الدولة والشعب، يمكن أن تفضي إلى ما شاهدناه في دول الإقليم والجوار.

والأهم أن الدولة، تمتلك أهم ثيمة في مفهوم السيادة، وأعني القوات المسلحة – الجيش العربي- فلا سيادة بدون جيش، ولا منعة بدونه، ولسوء طالعهم وطالع كل من يفكر في استنساخ تجارب الفصائل، التي تعيش وتعتاش على ضعف سيادة الدولة وضعف جيشها، أن الجيش منيع ومصان بحب الأردنيين، فهو القيمة العليا بعد العرش ومعه، وأي حركة أو محاولة حتى لو جرى العودة عنها، للاحتكاك بالدولة وسيادتها، ستواجه بكل صلابة وحسم، وما جرى طوال معظم ساعات الجمعة، من تبجح وبيانات ومحاولات احياء أفراح وبهرجات، كان مناورة من “الجماعة” وحزبها، جرى الرد عليه بحزم وصلابة، من أنصار الدولة وحراس أمنها وأمانها، شعبيا, وليس على أي مستوى آخر.

على “الجماعة” و”الحزب” أن يعيدا تعريف نفسيهما أولاً، هل هما حزب سياسي لحاضنة دعوية دينية، خاضا الانتخابات قبل الحزب باسم “الجماعة”، وبعد قانون الأحزاب باسم الحزب، ام أنهم “فصيل” بذراع سياسية، يسكن “الفصيل” في الجبال والأحراش ويسكن “الحزب” في المدن والاحياء؟!! وللإجابة نوضح، أن تجربة الأحراش والجبال, انقرضت حتى في دول أميركا الجنوبية، ولم يعد لها وجود، في الدول ذات السيادة، وأن المسار السياسي حتى ولو كان تحت خانة المعارضة، محكوم بشروط الدولة الذاتية والموضوعية، وليس باشتراطات الأفراد وانحيازاتهم حتى لو كانت نبيلة، ما بالك إذا كانت رائحة الانحيازات الإقليمية ظاهرة، وبات اشتمامها غير خاف على أي أنف مراقب ومتابع.

ثم عليهما أن يعيدا النظر في الرؤية والمنهج، فالرؤية الصحيحة، هي تقدير إمكانات الدولة وظروفها، وتحديد إمكانات الحزب ذاته، وهذا يستلزم منهجا قويما، يقوم على أن أي حزب وجماعة هما رصيد وذخر للدولة، قد يختلف مع السلطة ويعارضها, لكنه لا ينخر بنيان الدولة، بحجة معارضة السلطة، وأظن لست آثما، أن “الجماعة” باتت ترى نفسها وصية على الدولة ونقيضا للسلطة، وليست معارضة لها، وهذا بداية الانتحار السياسي والوطني، فلا أحد يسمح بالاستقواء على الدولة ولي ذراعها تحت أي ظرف وعنوان