مرايا – عمر كلاب
بدأت مرحلة ما بعد الانتخابات, هكذا يبدو المشهد الحزبي, في القاطع الحزبي الذي مُني بخسائر, بحكم توقعاته, فوزير الدولة لشؤون الاتصال, اعلن نيته ترك موقع الامين العام لحزب الميثاق, ثاني الاحزاب الحاصلة على مقاعد على القائمة الحزبية العامة, واعلى الاحزاب عددا في القوائم المحلية, كذلك قام نضال البطاينة, امين عام حزب ارادة ثالث الاحزاب ترتيبا على القائمة الحزبية والعامة, بتقديم استقالته, فيما دعت جبهة العمل الاسلامي الى انتخابات لامينها العام, الذي يشغله المهندس وائل السقا بالانابة, ويبدو ان الاستقالات قادمة في ?زب تقدم على مستوى الامين العام الذي شغل منصب وزير العمل واعني خالد البكار.
اذن ثمة حراك حزبي, اما على مستوى الاستحقاق الطبيعي, كما في جبهة العمل الاسلامي, واما لمحاولة امتصاص, ارتدادات زلزال الانتخابات الذي ضرب الاحزاب الوسطية, واليسارية, فسبق لامين عام حزب الديمقراطي الاجتماعي, سمر دودين, ان اعلنت استقالتها بعد نتائج الانتخابات البرلمانية, ولا يلوح في الافق ما هو اكثر من الاستقالة, اي مراجعة الرؤية والمنهج والشخوص, ومراجعة البنية الحزبية بمجملها, لاحزاب خرجت سريعا, لمواجهة الاستحقاق النيابي, دون عدة كافية وعتاد, حتى لا نظلم التجربة.
أظن الفرصة مواتية اليوم, لمراجعات جذرية داخل بنية الأحزاب نفسها, لتكوين الرؤية الحزبية, والبرنامج الفكري والسياسي, والتأطير الحزبي, ثم انتخاب من يليق للقيادة, لا من يملك, سواء المال او القاعدة التصويتية, فلا يوجد قاعدة فكرية حتى اللحظة, يمكن ان تفرز قيادة على اساس التقاء فكري وبرامجي, ولعنة الكتلة الصوتية, يجب ان تتخلص منها الاحزاب, لان معظم هذه الكتلة, مجرد قوات محمولة, دخلت الحزب لاعتبارات اجتماعية, او طمعا بمقعد برلماني, لراغب في الترضيح, جذب على اثره قاعدته التصويتية الى الحزب.
اللحظة الراهنة حرجة, فثمة من يهمس بضرورة مراجعة التجربة بمجملها, وثمة من يراها فرصة للانقضاض على التجربة واعدامها, بحجة بعض المسلكيات الحزبية الداخلية والخارجية, المخالفة لقدرة الدولة واستحقاقات الاقليم, وعلى الاحزاب ان تفسد كل هذه المخططات, وان تستعيد رشدها الوطني, وحوكمتها الحزبية, فلا مجال ولا مكان, للسوبرمان الذي يفقه في كل شيء, فالحزب مؤسسة لها برامج ولجان ومنظرون, كل في اختصاصه, ومن يصلح للتنظير ليس بالضرورة ان يصلح للتنفيذ, والعكس صحيح, ثمة فرصة لمراجعة التجربة, وفرصة لتصويب الاختلال, شريطة امتلاك ا?نهج والمنهج.
خاصة وان الأردنيين منحوا قرابة ثلثي اصواتهم للقوائم الحزبية, اي ان التجربة الحزبية مقبولة ومرغوبة, لكن السلوك الحزبي, يحتاج الى ضبط وانضباط, سواء بالمعايير البرامجية المبنية على القدرة والمعرفة, وليس على الرغبة والفهلوة, او على الشخوص القيادية سواء على مستوى قمة الحزب او قياداته في المحافظات, فهذه نقطة للاسف اغفلها كثير من الاحزاب, حيث بقي المركز هو المسيطر, دون منح مساحة في القرار لابناء المحافظات, وعكس ذلك سينجح تيار ليس بقليل يستهدف التجربة, ويريد تأبيد الوضع السابق, لانه يحقق اطماعه ومصالحه.