انتجنا عشرات الاغاني ومئات القصائد, واطلقنا ملايين الطلقات في الاعراس والمناسبات الوطنية, ونحن نلعن بلفور ووعده, واطلقنا ثورة تلو الثورة, لكننا لم نطلق يوما مراجعة واحدة لكل ما قمنا به, ورغم اعتراض كثيرين على مطلبي الدائم بالمراجعة, بحجة الوقت والتوقيت, وهل تجوز المراجعات في زمن الحرب؟ الا انني من انصار ان الظروف الصعبة, تتطلب مراجعات قاسية, وضغط على الجرح لاخراج الصديد, المتأصل في ثوراتنا الفلسطينية.
لم نراجع احداث القرن الماضي, ولم نراجع اوسلو, ولم نراجع السلطة الوطنية وبرنامجها, ولم نراجع الحسم العسكري في 2007, ولم نراجع انتفاضتين, احداهما مدنية والثانية مسلحة, ولم نراجع كل الملفات العالقة منذ سنوات, من اتهامات بفساد الثورة والسلطة ومشروع التحرير, والانقلاب على ميثاق منظمة التحرير, فلا انتجنا ثورة ولم ننتج سلطة, بل شبه من هذا ومسخ من ذاك, رغم قوافل الشهداء والاسرى والجرحى.
بالمقابل ما زال الخطان الازرقان على خرقة الاحتلال الصهيوني, حاضران بقوة, بل وبلفور الذي منح وعدا, بدولة قومية لليهود في فلسطين, لم يتحقق فقط, بل يتمدد واطماعه تتسع, ومن ينكر ذلك اعمى بصر وبصيرة, فالاردن الوطن والحمى, يعيش لحظات صدام واستهداف, ولبنان الشقيق يُقضم يوميا, ومصر الشقيقة الكبرى تواجهه تحديات كثيرة، بعد ان تقسمت السودان, وتفسخت الصومال, وتصهينت افريقيا, ودخلت اقطار شقيقة وازنة خانة الفشل والانكفاء.
كل ذلك, واعضاء فصائل القضية الفلسطينية, يتبارون بالتهم, ويتبارزون بالمواقف السابقة والقائمة, ونتصارع على ارث نضالي, لم يحقق مبتغاه, بل تتراجع القضية يوميا, ويُباد الشعب الفلسطيني, في غزة وينتهك في الضفة كل ساعة, ولا احد يفكر على الاقل ببرنامج مرحلي لاجتياز اللحظة, قبل مراجعات استراتيجية, وطوال كل هذه العقود, اي منذ انطلاق منظمة التحرير الفلسطينية, وكل الافعال تجرى دون ضبط ساعة العمل, على التوقيت الفلسطيني.
دعونا نتفق, كما اتفق كل منظري ومفكري الثورات واصحاب التجارب النضالية, على ان الخطأ في العمل الثوري, اما ان يكون خطأ في المنهج, مع صحة الرؤية, او انه خطأ في الرؤية, يترتب عليه خطأ في المنهج, فهل نضع هذه القاعدة, ونقيس عليها سوابقنا, وبالمقابل نبني عليها مشروعنا القادم, فالفكرة لا تُهزم في لحظتها التاريخية, لكنها يمكن ان تندثر وتتراجع, اذا لم يتم العمل على دعمها وصونها ومراجعتها, والمقاومة احدثت فعلا كبيرا, في اكتوبر من العام الماضي, لكن الخشية ان تكون محصلته كارثية, كما تشير الشواهد العالمية والعربية, ناهيك?عن حجم الدمار الحاصل على الارض في غزة ولبنان.
عجزنا عن المراجعات والمحاسبة, اوصلنا الى لحظة فاصلة, بين الموت او الاندثار, او التشبث بالامل والحياة, فنحن كما قطرة شتاء في لحظتها الفاصلة بين الانعتاق او البقاء على اوراق الشجر, ولا مناص من الحياة والمقاومة, لكن هذه المرة ببرنامج وطني شامل, قابل للقياس وقابل للمحاسبة ودفع الاثمان, ممن تجاوز على الحق الفلسطيني, ولن نطالب جهة او دولة او فردا, بالدعم او الاسناد او نحاسبه قوميا, قبل ترتيب البيت الفلسطيني.
عمركالاب@yahoo.com