مستويات الخطاب الإسلامي تحت القبة

بهدوء
عمر كلاب
منذ انكسار وشرخ الجدار الاسمنتي, الذي أحاطت الجماعة الإخوانية, نفسها به لسنوات طويلة, وتشظيها إلى أكثر من تيار ونمط, في أتون وقبل الخراب العربي, لم يشهد الشارع السياسي, هجومًا واسعًا على الجماعة كما اليوم, كما لم تجد الجماعة وأذرعها أو أصدقائها, سوى الرجوع إلى مخزن الذاكرة, لتخفيف عبء الهجمة عليها, وهذا بالمنطق السياسي, دليل ضعف شامل, فهي لم تجد في سلوكها الأخير ما يشفع لها, فمنذ أتون الخراب العربي, وهي تمارس سلوكًا استعلائيًا وفوقيًا على الحالة الوطنية, ولم تستمع إلا لصوتين صوتها وصدى صوتها, قبل أن يأتي طوفان الأقصى, لتشذ تمامًا في الخطاب وفي السلوك, ليس بدعم المقاومة في فلسطين, فهذا الدعم محروس عند كل الأردنيين بلا استثناء, بل بمحاولة الاستئثار بهذا الدعم, والاستحواذ على الشارع الأردني بموجب الاستئثار.
الفرادة كسلوك سياسي, يعني عدم التواضع للرأي الآخر, ونستذكر, أن كل تيار سياسي حاول الاستئثار أو التغطي بالفرادة, اندثر ورحل, وعلى من يختلف, أن يقرأ تجربة التيار الماروني, ” الكتائب ” وتيارات سياسية كثيرة قومية ويسارية مثل البعث وحركة فتح, وحتى الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي الراحل, كلهم رحلوا, بما فيها تجارب الحزب الواحد في أقطار كثيرة, فالأصل في الأشياء التنوع وقبول الآخر, والجماعة الإخوانية, عاشت الفرادة بكل تجلياتها وصورها, حتى باتت على قناعة للأسف, بأنها حمت الدولة والعرش والنظام, فأي استعلائية هذه, وأي فرادة عاشتها, بحكم الوهم الذاتي واستماعها للصوتين, التي أشرت لهما سابقًا.
بالأمس كان واضحًا, أن الشرخ داخل البيت الإسلامي, متجليًا أكثر, بين ثلاثة أنماط خطابية, كما كشفت جلسة النواب, صوت سأفترض أنه رأى الحق الوطني فأتبعه, فأنا لست مسؤولًا عن النوايا كما قلت ذلك كثيرًا, وعبر عنه تحت القبة, ينال فريحات وديمة طهبوب وأيمن أبو الرب, رغم خلافي مع بعضهم وعدم معرفة بعضهم أيضًا, لكن المحلل السياسي, لا يُدخل الخلاف في التحليل, وأظن ثلاثتهم نجحوا في إيصال رسالة إيجابية, إلى المجتمع والدولة وأركانها, فتحدثوا بلغة سياسية راقية, وبخطاب حزبي متماسك ومسؤول, دون ضعف بحكم اللحظة ودون إنكار للواقع بالمقابل.
النمط الثاني, كان مسكونًا بهواجس الحاضر والتباساته, فتارة يستكين إلى النص الديني, وتارة يستند إلى جدار القضاء, ولكنه ممسك على رواية تاريخية فيها من الصواب, ولكنها لا تليق بالحاضر والسلوك المعاش, وفيها خلط والتباس بين فقه الجماعة وقانون الحزب, وفيه مزيج من الدعوي والسياسي, لكنه ليس في مكانه ولا زمانه ولا حضر أهله, كما قال علي ابن أبي طالب, فاللحظة أردنية بامتياز, ولا تحتمل التأويل والحديث المرسل.
النمط الثالث, وهو التيار المأزوم, الذي ضربته اللحظة بصفعة الحقيقة, أن ثمة تيار داخل الجماعة, يرى الأردن ساحة, ومرتبط بخيط فكري وتنفيذي, خارج الجغرافيا الأردنية, وممسوك بقيادة تابعة لتيار بعينه داخل حركة حماس وهو التيار الإيراني, ومعلوم أن حركة حماس تعاني سياسيًا وفكريًا, من هذه التداخلات, والتي سحبت نفسها على مواقف الحركة السياسية وقراراتها, فتحدث بصوت مرتفع وبغضب, ومعلوم أن من يرفع صوته في الحوار, يسعى لإقناع نفسه, أكثر من سعيه لإقناع الآخر.
هل أجازف بالقول, أن صالح العرموطي ليس ضمن الأنماط الثلاثة, بل ربما هو الأقرب للنمط الأول, بل هو أبصر علاماته, أميل إلى هذا الرأي, بحكم معرفتي بالأستاذ صالح كما تهوى نفسي مناداته, لكنه كان واقعًا, تحت تأثير الضغط الذي تعرض له, وعدم اعتياده على أن يكون في مرمى سهام النقد, الذي تراوح بين الظالم كثيرًا والمحق قليلًا, فغضب دفاعًا عن إرثه الشخصي ونفسه التواقة إلى الحق والوطن, لذلك أقول له بمحبة, غضبت فزللت, وأنت تنتمي إلى القضاء الواقف, الذي يقول لا تقضِ وأنت غاضب.
omarkallab@yahoo.com
شارك على الشبكات الإجتماعية !
مواضيع مشابهة