مرايا – شهد عدد من دول العالم، اليوم الأحد، واحدا من أعظم المشاهد الفلكية على الأرض وهو كسوف الشمس الحلقي والذي حجب فيها القمر ضوء الشمس أمام الأرض وظهر كقرص أسود يتحرك عبر الشمس لتظهر كحلقة من نار.
وبحسب ما أورته مجلة الإكونوميست، من المتوقع أن تتسبب هذه الظاهرة بانخفاض في درجة الحرارة، حيث تعتم السماء لمدة الكسوف الكلي للشمس والتي تبلغ نحو دقيقة ونصف، قبل أن تعود الشمس إلى حالتها الأصلية.
وكان هذا المشهد، حتى نهايته، مرئياً في أوقات مختلفة في عدة مناطق في العالم على مدار اليوم بدءا من وسط أفريقيا مرورا بشبه الجزيرة العربية وشمال الهند وجنوب الصين وتايوان وانتهاء بجزيرة عوام في المحيط الهادئ، مما يعني أن الظاهرة ستكون مرئية في عدد من مدن العالم التي يبلغ تعداد سكانها أكثر من مليار نسمة.
وبحسب التقديرات الفلكية فإن الكسوف المقبل بالقرب من المراكز السكانية الكثيفة في الهند والصين لن يحدث حتى عام 2064.
ظاهرة الكسوف
وتحدث ظاهرة كسوف الشمس عندما يتحرك القمر في مداره الفلكي ويقع على خط واحد بين الشمس والأرض، ويلقي بظلاله على سطح الأرض.
وعلى الرغم من أن الشمس أكبر 400 مرة من القمر، إلا أنه أيضا يبعد عنها بنحو 400 مرة مقارنة ببعده عن الأرض، مما يعني أن الشمس والقمر سيظهران بنفس الحجم تقريبا في السماء.
وفي حالة الكسوف الكلي، لا يزال يمكن النظر إلى الهالة الحلقية المشرقة حول القمر، وهي عبارة عن سحابة من الغاز الساخن الذي يشكل الغلاف الجوي الخارجي للشمس.
أما في حالة الكسوف الحلقي، فسيكون القمر بعيدا جدا عن الأرض لحجب ضوء الشمس تماما، وسيظهر كـ”حلقة من النار” حول القمر.
ويبدو الكسوف مذهلا، وخاصة عند الكسوف الأكبر للشمس، حيث سيحجب القمر ضوء الشمس ويظهر أقل من 0.2 في المئة من قرص الشمس.
القدماء والكسوف والمستقبل
لأن الشمس والقمر والأرض يتحركان بحسبان، وبمواقيت محددة، أمكن التنبؤ بدقة بمتى حدثت ظاهرة الكسوف في الماضي ومتى ستحدث أيضا.
وقد تمت مشاهدة الكسوف منذ العصور القديمة، فقد قام علماء الفلك الصينيون بفهرسة هذه الظاهرة الفلكية ما يقرب من 1000 مرة، وكانت البداية منذ عام 771 قبل الميلاد وحتى عصر أسرة مينغ.
كما كشفت سجلات الآشوريين تسجيل ظاهرة الكسوف، الذي حدث في عام 763 قبل الميلاد، وسمحت تلك السجلات للمؤرخين بمواءمة التقويم الآشوري مع التقويم الذي يستخدم في الوقت الحاضر.
وخلال “كسوف طاليس” الذي تنبأ بحدوثه في 585 قبل الميلاد، توقفت المعارك بين الميدي والليدي، وفقا للفيلسوف اليوناني هيرودوتس، والذي أرخ بأنه عندما “رأت الجيوش المتحاربة النهار يتحول إلى الليل” توقفت عن القتال ووافقت على هدنة، ولهذا سميت بـ”معركة الكسوف”.
ويتفوق حدوث ظواهر الكسوف الجزئي على عدد مرات ظواهر الكسوف الكلي للشمس، حيث سيقل عدد حدوث ظاهرة الكسوف الكلي في المستقبل.
فالهندسة الفلكية، التي تظهر الشمس والقمر وكأنهما يبدوان بنفس الحجم، تعتمد على المسافة بين الأرض والقمر.
والقمر يبتعد عن الأرض بمعدل 3.8 سنتيمتر سنوياً، مما يعني أنه في يوم من الأيام سيكون بعيداً جداً عن الأرض لتغطية كامل قرص الشمس.
لكن لحسن الحظ، لن يحدث ذلك في المستقبل القريب: فآخر كسوف كلي للشمس سيكون بعد نحو 650 مليون عاما على أقل تقدير.