“صراخ” و”أشخاص يركضون في كل مكان” هكذا وصفت سيدة مشاهد الصدمة والرعب التي “لن تنساها” في حادثة الاعتداء على عائلة مسلمة في شمال غرب مدينة لندن بمقاطعة أونتاريو الكندية، مساء الأحد.
وتقول الشرطة وشهود عيان إن الأسرة التي كانت تسير على طول طريق “هايد بارك”، حوالي الساعة التاسعة من مساء الأحد، توقفت عن تقاطع لعبور الطريق، وحينها صعدت شاحنة “بيك آب” سوداء على الرصيف واصطدمت بهم، ما أدى إلى مقتل أربعة أفراد من العائلة وإصابة مراهق.
وتلقت الشرطة عدة مكالمات بالحادث، ووصلت بسرعة فرق الطوارئ إلى المكان في محاولة لإنقاذ الضحايا، وسط تجمع من السكان والمارة الذين صدموا مما حدث.
“الناس يركضون في كل مكان”
بايج مارتن، التي تسكن الحي الذي وقعت فيها المأساة، قالت في شهادتها لهيئة البث الكندية “سي بي سي” ووكالة أسوشيتد برس إنها كانت تقود سيارتها حوالي الساعة 8:30 مساء من أجل التزود بالوقود.
وبينما كانت سيارتها متوقفة أمام إشارة ضوئية، رأت “وميضا أسود” يمر بسرعة للشاحنة التي كانت مسرعة لدرجة أنها شعرت باهتزازة قوية لسيارتها المتوقفة، وقالت حينها إنه ربما “سائق غريب الأطوار”.
في طريق عودتها إلى المنزل، نظرت في مرآة الرؤية الخلفية في السيارة، لترى سيارات مصطفة على طول الطريق ومركبات الطوارئ تصل إلى موقع الحادث.
وتقول إنها رأت مشهدا فوضويا عند تقاطع بالقرب من منزلها: “لقد كانت مجرد فوضى، وكان هناك أشخاص يركضون في كل مكان. كان الناس يحاولون فقط توجيه سيارات الطوارئ إلى أين يذهبون. كان هناك صراخ وتلويح بالأسلحة. كان الأمر تماما مثل شيء لا تريد رؤيته أبدا”.
وهناك شاهدت المستجيبين الأوائل وهم يركضون للمساعدة، وضابطا يضغط على صدر أشخاص ملقين على الأرض، بينما وقف عشرات من الأشخاص على الرصيف ونزل العديد من السائقين من سياراتهم للمساعدة.
وتقول مارتن: “لا أستطيع إخراج صوت الصراخ من رأسي”.
ومن شقتها، تمكنت من رؤية المشهد بشكل أوضح ورأت ملاءة تغطي جثة حوالي منتصف الليل.
أما كريستين، وهي ساكنة أخرى، فكانت في المنزل لتحضير العشاء مع خطيبها عندما سمعا صوت الاصطدام. وعندما خرجا للتحقق، لم يدركا خطورة الوضع حتى شاهدا السيارات المصطفة في كل مكان.
عائلة مهاجرة من باكستان
قالت الشرطة إن الضحايا هم امرأة تبلغ من العمر 74 عاما، ورجل يبلغ من العمر 46 عاما، وامرأة تبلغ من العمر 44 عاما، وفتاة تبلغ من العمر 15 عاما.
زاهد خان، وهو صديق للعائلة، قال إن ثلاثة أجيال قتلوا في الهجوم، وهم جدة وأب وأم وابنة مراهقة. ويشير إلى أن المتوفين هم أفراد أسرة هاجرت من باكستان، قبل حوالي 14 عاما، ووصفهم بأنهم كانوا “أفرادا محترمين وكرماء في مسجد لندن الإسلامي”.
ويوضح خان وهو يبكي بالقرب من موقع الحادث “لقد كانوا في الخارج في نزهة على الأقدام، وكانوا يخرجون كل يوم”.
وقال المجلس الوطني للمسلمين الكنديين إنه “روع” بما حدث، مشيرا إلى أن المسلمين في كندا “أصبحوا على دراية بعنف الإسلاموفوبيا”.
وقال رئيس المجلس، مصطفى فاروق: “هذا هجوم إرهابي على الأراضي الكندية ويجب التعامل معه على هذا الأساس”. وأضاف “ندعو الحكومة إلى مقاضاة المهاجم إلى أقصى حد يسمح به القانون، بما في ذلك النظر في تهم الإرهاب”.
“تهمة الإرهاب”
وقالت هيئة البث الكندية إن الشرطة اعتقلت المتهم الذي يدعى ناثانيال فيلتمان (20 عاما) وهو من سكان لندن، في موقف للسيارات بمركز تجاري قريب بعد الحادث، وقد ظهر أمام المحكمة عبر الفيديو بعد ظهر يوم الاثنين.
ويواجه أربع تهم بارتكاب جريمة قتل من الدرجة الأولى، ومن المحتمل أيضا توجيه تهمة “الإرهاب”، بحسب المحقق بول وايت، الذي قال في مؤتمر صحفي “هناك أدلة على أن هذا كان عملا مخططا له مع سبق الإصرار والترصد وأن الأسرة استُهدفت بسبب دينها الإسلامي”.
ومن المقرر إجراء تشريح الجثث، الثلاثاء، في مركز علوم الطب الشرعي في تورنتو.
وقال عمدة المدينة، إيد هولدر، إنه سيتم تنكيس الأعلام لمدة ثلاثة أيام في لندن، التي قال إن بها حوالي 30 إلى 40 ألف مسلم من بين أكثر من 400 ألف من سكانها.
يذكر أنه في عام 2017، قام رجل كندي فرنسي متطرف بإطلاق نار في مسجد بمدينة كيبيك، ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص.