في القدس المحتلة ومحيط المسجد الأقصى المبارك تنتشر آلاف القبور اليهودية الوهمية التي زرعها الاحتلال الصهيوني بوتيرة كبيرة وما زال، وصولًا لإحاطة المسجد المبارك ومحاصرته برموز وهمية مزعومة غير موجودة في التاريخ، وللسيطرة الكاملة على الأراضي الوقفية والفلسطينية بالمدينة.
وبعد عام 1967 واحتلال القدس، استولت سلطات الاحتلال على عشرات الدونمات الإضافية من الأراضي، وحولتها إلى مقابر ومدافن يهودية حديثة، وأخرى مستحدثة لم تكن من قبل، ولم تكن تحوي شواهد أو بقايا عظام موتى، وذلك لخدمة الاستيطان والتهويد.
وعلى مدار سنوات ماضية، نفذ الاحتلال عمليات تزييف كبيرة للتاريخ والآثار والجغرافيا والمسمّيات العربية الإسلامية بالقدس، في سبيل شرعنة القبور اليهودية الوهمية واصطناع منطقة يهودية مقدسة.
ويُشرف على تخطيط وتنفيذ زرع القبور الوهمية كلًا من بلدية الاحتلال، وما يسمى بـ” سلطة تطوير القدس”، وزارة البناء والإسكان، و”سلطة الآثار”، “جمعية إلعاد” الاستيطانية، و”سلطة الطبيعة والحدائق القومية”، و”جمعيات وشركات الدفن اليهودية”.
زحف خطير
وشرع الاحتلال في حملة لزراعة المزيد من القبور الوهمية الجديدة في مدينة القدس ومحيط الأقصى، ليلتهم الكثير من أراضي المواطنين، وتحديدًا جنوب وشرق الأقصى، كما يقول المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب.
ويوضح أبو دياب في حديثه لوكالة “صفا” أن زراعة القبور الوهمية تشهد مع مطلع العام 2021، زحفًا كبيرًا، وتجري بوتيرة عالية وغير مسبوقة في المدينة، بحيث تتسع هذه المقابر يوميًا، وبعضها مكون من عدة طبقات تحت الأرض.
ويشير إلى أن أكثر من 100 ألف قبر وهمي تم زراعته حتى الآن على مساحات كبيرة من الأراضي الخضراء، وتحديدًا في بلدتي سلوان والطور ومحيط الأقصى.
وتعمل سلطات الاحتلال منذ سنوات، على سرقة الأراضي الوقفية والخاصة بالمدينة تحت مسميات دينية، وذلك لأجل زراعة هذه القبور، لإثبات ادعاءاتهم بوجود حضارة وتاريخ يهودي بالقدس منذ آلاف السنين، وفق أبو دياب
وتمتد القبور الوهمية-بحسب أبو دياب- من السور الجنوبي والشرقي للمسجد الأقصى حتى جبل الزيتون شرقي القدس مرورًا ببلدة سلوان ووادي الربابة وراس العامود، ومنطقة الشياح.
ويتم زرعها بتثبيت قوالب إسمنتية داخل قبور دون شواهد، بدعوى أنها “تقوم على رفات يهود عاشوا وماتوا في المكان قبل آلاف السنين”.
ويضيف عضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان أن الاحتلال يضع قبورًا تحت الأرض في القدس، كأسلوب من الأساليب الممنهجة التي يتبعها للسيطرة على المزيد من الأراضي، وخاصة التابعة للأوقاف الإسلامية.
ويؤكد أن هناك زحفًا صهيونيا متواصلًا في محاصرة المقدسيين والمسجد الأقصى، ما يشكل خطرًا داهمًا على منازل المقدسيين وأراضيهم، ويهدد بهدم المئات منها وطرد سكانها، خاصة في سلوان وجبل الزيتون، لأجل إقامة مثل هذه القبور.
ويُساور القلق الشديد عشرات العائلات في راس العامود والشياح من هدم منازلها وإزالتها بالكامل، كونها تقع في منطقة تشهد أعمالًا متسارعة لإقامة قبور وهمية.
ويسعى الاحتلال إلى إحاطة الأقصى والبلدة القديمة بكم هائل من القبور الوهمية، لفرض السيادة الكاملة عليها، في المقابل، يمنع أي أعمال صيانة أو ترميم للقبور الإسلامية التاريخية بالمدينة، بل يعمل على تجريف المقابر وتحطيم شواهدها.
ويتابع أبو دياب “وفي حال الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية لا يمكن لأصحابها الترافع لدى محاكم الاحتلال لاستعادتها، وفق ما ينص عليه القانون الصهيوني”.
ويبين أن الاحتلال يهدف من وراء زراعة القبور الوهمية، إلى تزييف التاريخ والحضارة العريقة للقدس، ولاختلاق تاريخ يهودي مزعوم، وترويج روايات تلمودية مضللة.
ويعترف عدد من الدارسين الصهيونيين بأنه “لا دليل تاريخي أو أثري يدل على أن تاريخ الدفن أو القبور اليهودية الموجود تعود إلى فترة الهيكلين المزعومين، بل يرجحون بأنها يعود إلى فترة 500 سنة، وأن اليهود كانوا يدفعون بدلًا ماليًا في زمن الدولة العثمانية من اجل دفن موتاهم”.
تغيير المعالم
ويحذر رئيس لجنة المقابر الإسلامية في القدس مصطفى أبو زهرة من مخاطر زرع القبور الوهمية في الواجهة الجنوبية الشرقية والغربية للمسجد الأقصى.
ويوضح أبو زهرة لوكالة “صفا” أن الاحتلال عمل على زرع قبور وهمية في منطقة محيط الأقصى ووادي الربابة، وفي أراضي “السلودحة” قرب القصور الأموية، ووضع عليها يافطات حجرية تدلل على أنها مقابر يهودية.
ويشير إلى أن هذه الأراضي تابعة للأوقاف منذ 130 سنة، وما زال الاحتلال يواصل سيطرته على المزيد من الأراضي الوقفية، رغم أنه استولى على 38 دونمًا من أراضي “السلودحة” لزراعة قبور وهمية فوقها.
ويؤكد أن هذه القبور كافة فارغة لم يُدفن فيها أموات، ولا وجود لأي حضارة أو تاريخ يهودي في المنطقة، بل الهدف الرئيس من المشروع الإسرائيلي هو الاستيلاء على الأرض الفلسطينية، وتزوير تاريخ المدينة المقدسة.
ووفق أبو زهرة، فإن مقبرة جبل الزيتون تضم عددًا كبيرًا من القبور الوهمية، دون أن تضم رفاتًا تحتها، وذلك في محاولة لتغيير وطمس معالم المقبرة.