مرايا – قال منتدى الاستراتيجيات الأردني إن معظم الدول تولي اهتماما واضحا لكل من رأس المال البشري والمالي لما لهما من تأثير مباشر على تحقيق أداء اقتصادي مميز، وتغفل رأس المال الاجتماعي.
وأضاف المنتدى في عرضه لنتائج دراسة حول أهمية رأس المال الاجتماعي في التأثير على الأداء الاقتصادي والنمو والتنمية حملت عنوان (رأس المال الاجتماعي الأردني: ما هو مستوى الثقة في مؤسساتنا ولماذا) أن قليلا من هذه الدول يولي أهمية لرأس المال الاجتماعي وذلك بالرغم من أهميته.
وقال المنتدى في العرض “تغفل الدول عن تنمية وزيادة رأس المال الاجتماعي مع انه يؤدي بشكل مباشر أو غير مباشر الى زيادة رأس المال البشري والمالي في الدولة”.
وبحسب صندوق النقد الدولي فإن تراجع الثقة ورأس المال الاجتماعي يثير القلق ليس فقط بسبب آثاره على التماسك الاجتماعي، بل أيضا لآثاره الاقتصادية، وتظهر مجموعة كبيرة من أدبيات الاقتصاد الثقافي أن الثقة هي عنصر رئيسي في تحقيق الأداء الاقتصادي الجيد.
وبحسب الدراسة التحليلية لمنتدى الاستراتيجيات الأردني، فإن مراكز البحث في العالم تعتمد على قياس مدى الثقة في مختلف المؤسسات كمقياس لرأس المال الاجتماعي، واعتمد منتدى الاستراتيجيات الأردني مؤشر القيم العالمية الذي تجريه السويد على 60 دولة من بينها الأردن، لقياس الثقة في المؤسسات الأردنية، حيث تنشر هذه المؤسسة نتائج المسح للثقة في المؤسسات العامة لأكثر من 60 بلدا، بما في ذلك الأردن.
ويتم بموجب هذا المؤشر سؤال عينة من 1200 فرد في كل بلد عن الثقة في مختلف المؤسسات والمنظمات.
وتشير النتائج الى أن الثقة في القوات المسلحة بلغت 3ر90 في المائة والشرطة 82 في المائة، والحكومة 2ر54 في المائة، والدوائر الحكومية 4ر44 في المائة، والمحاكم 5ر73 في المائة، والبرلمان 21 في المائة، والأحزاب السياسية 7ر9 في المائة، والصحافة 9ر32 في المائة، والبنوك 8ر40 في المائة.
ولدى تحليل المنتدى للنتائج، أشار إلى أن درجة الثقة في القوات المسلحة والشرطة والمحاكم تعد مرتفعة جدا، وخصوصا في السياقين الإقليمي والعالمي وتعد النسب الأردنية مصدر فخر واعتزاز، لاسيما في القوات المسلحة والتي تعد من أول 3 دول في العالم.
كما وبلغت نسبة الثقة في الحكومة 2ر54 في المائة وفي الدوائر الحكومية 4ر44 في المائة وهي أقل من الثقة في المؤسسات الأمنية والمحاكم وأقل مما يرغب جميع أصحاب المصلحة في رؤيته، إلا انه ولدى مقارنة هذه النسبة مع السياق الإقليمي والعالمي نرى بأن ثقة الأردنيين في الحكومة وفي الدوائر الحكومية وكذلك في البنوك مشجعة، لكنها بحاجة إلى التحسين.
الا ان درجة الثقة في كل من الصحافة والبرلمان والأحزاب السياسية تعتبر منخفضة ولا ترتقي لما يرغب به المواطن الأردني، كما وانه لدى مقارنتها نسبة إلى دول أخرى إقليميا وعالميا كانت منخفضة ايضاً.
كما بين تحليل المنتدى علاقة مستوى التعليم بالثقة في الحكومة والمحاكم والصحافة، حيث تبين أن ارتفاع مستوى التعليم لدى المستجيبين، وخصوصا على المستوى الجامعي، يؤدي إلى المزيد من عدم الثقة في الحكومة والمحاكم والصحافة.
كما أن الرضا عن نوعية التعليم في المدارس ونوعية الخدمات الصحية تزيد من احتمالية الثقة في الحكومة وفي الدوائر الحكومية.
وبينت النتائج أيضا أن مستوى الدخل المرتفع يزيد من احتمالية الثقة في البنوك فقط، ويقلل من الثقة في المحاكم.
واستنادا إلى تحليل منتدى الاستراتيجيات الأردني، فقد أوصى بضرورة عدم التقليل من أهمية الثقة في المؤسسات الأردنية لما لذلك من تأثير مباشر على زيادة رأس المال الاجتماعي، والذي بدوره يؤثر تأثيرا مباشرا على النمو الاقتصادي والرفاه لدى المواطنين.
وأكد أنه علينا جميعا أن نسعى لزيادة الثقة في الحكومة والدوائر الحكومية؛ فالأدلة العالمية تشير إلى أن الثقة في الحكومة تعزز الثقة في المؤسسات الأخرى ذات الصلة ومنها البرلمان.
ولزيادة الثقة في الحكومة، وبحسب تحليل منتدى الاستراتيجيات الأردني، فإن على الحكومة أن تجد الطرق والوسائل التي تضمن توفير خدمات عامه تمتاز بالكفاءة والكفاية، خصوصا ما يتصل بالخدمات التعليمية والصحية لما لذلك من أثر مباشر على زيادة الثقة في الحكومة.
وفي ضوء التحليل الذي أشار إلى أنه وكلما ازداد مستوى التعليم انخفضت الثقة في الحكومة، نوه المنتدى إلى أن ذلك مرده إلى الارتفاع المستمر في معدل البطالة بين الذكور والإناث الأردنيين من حملة الشهادات الجامعية، وهذه قضية تحتاج الى عناية أكبر من قبل الحكومة لرفع مستوى فرص العمل المستحدثة لترتقي للمستوى التعليمي الذي يحصله الأردنيون.
كما بين المنتدى انه وبالنظر إلى الثقة في البنوك وإلى الارتباط الواضح بزيادة الثقة فيها كلما ازداد مستوى الدخل ، فإن ذلك يقود الى التشديد على ما جاء في دراسة سابقة لمنتدى الاستراتيجيات الأردني والتي تشير إلى أهمية زيادة نسبة الاشتمال المالي والتي بين المنتدى انخفاضها لدى الاردنيين بشكل عام، حيث هناك ارتباطا مباشرا ما بين ازدياد الاشتمال المالي وارتفاع الدخل، وعليه فانه ولزيادة الثقة في البنوك يتعين على المزيد من المواطنين التعامل معها، وبحسب المنتدى فإنه من المشجع أن نلاحظ أن الاستراتيجية الوطنية للاشتمال المالي والتي طبقها البنك المركزي الأردني تركز على الفئات الأقل دخلا.
أما الثقة في البرلمان والصحافة والأحزاب السياسية، فبحسب المنتدى تحتاج إلى نظرة خاصة واهتمام من أصحاب العلاقة حيث ان هذه المؤسسات تمثل الشعب أو الرأي العام وعليه فان لانخفاض الثقة فيها تأثير مباشر على راس المال الاجتماعي والثقة بشكل عام في ممثلي الشعب وبالتالي التأثير على النمو والتنمية.
ويأتي اهتمام منتدى الاستراتيجيات بمفهوم رأس المال الاجتماعي نظراً لتفاعله المهم مع النمو الاقتصادي والتنمية. فبحسب المنتدى تولي منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي اهتماما برأس المال الاجتماعي وبمستوى الثقة في المؤسسات، حيث تشير المنظمة الى أن “الثقة في المؤسسات مهمة في إنجاح العديد من السياسات والبرامج الحكومية لأنها تعتمد على تعاون وامتثال المواطنين.
يذكر بأن مفهوم (رأس المال الاجتماعي) بدأ بجذب الكثير من الاهتمام من قبل الباحثين الأكاديميين، ومراكز الفكر، وكذلك المنظمات الدولية بما في ذلك البنك الدولي، والمنتدى الاقتصادي العالمي، ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. ويعود هذا الاهتمام إلى أهمية رأس المال الاجتماعي في عملية النمو الاقتصادي والتنمية، فبحسب دراسة المنتدى هو “مصطلح اجتماعي يدل على قيمة وفعالية العلاقات الاجتماعية ودور التعاون والثقة في تحقيق الأهداف الاقتصادية”.
ورأس المال الاجتماعي على خلاف صور رأس المال الأخرى، لا يوجد في الأشخاص ولا في الواقع المادي وإنما يوجد في العلاقات الاجتماعية بين الأفراد ويتشكل من الالتزامات والتوقعات فيما بين الأفراد وإمكانية الحصول على المعلومات والمنافع.