مرايا – صدرت عن المجلس الوطني لشؤون الأسرة خلال عام 2017 الاستراتيجية الوطنية لعدالة الأحداث (2017-2019)، من منطلق الإيمان بأن جنوح الأحداث وحماية الأطفال المعرضين للجنوح من أهم مشكلات العصر، ولا بد من تكاتف الجهود على مختلف المستويات لمواجهة هذه المشكلة.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” الى أن الاستراتيجية تناولت تحليل واقع الأحداث في الأردن من 3 محاور، الأول يتعلق بتحليل الواقع القضائي للأحداث، والثاني يتعلق بتحليل الواقع الاجتماعي، والثالث يتضمن مقارنة الواقع بأهم المعايير الدولية.
وأشارت الى أن الأهداف العامة تتمثل في إعتبار الأحداث في نزاع مع القانون يتمتعون بالعدالة والإنصاف، وخفض معدلات قضايا جنوح الأحداث، وزيادة الكفاءة والفعالية لضمان عدالة إجراءات التحقيق والمحاكمة، وزيادة فعالية تأهيل الأحداث وفقاً للممارسات الدولية الفضلى. كما ووضعت الاستراتيجية مؤشرات التحقق الإيجابية ومصادر التحقق والإفتراضات الهامة.
إنخفاض جرائم الأحداث بنسبة 7% عام 2016 وبعدد 2444 جريمة
من جهة أخرى ذات علاقة، أكد التقرير الإحصائي السنوي لعام 2016 والصادر عن إدارة المعلومات الجنائية في الأردن على أن الأحداث إرتكبوا خلال عام 2016 ما مجموعه 2444 جريمة منها 1017 جريمة جنائية، و 1427 جنحة، بإنخفاض نسبته 7.6% عن العام السابق حيث كان مجموع الجرائم الجنائية والجنحوية لعام 2015 حوالي 2646 جريمة.
وتشير “تضامن” الى أن الجرائم المرتكبة من قبل الأحداث عام 2016 توزعت على النحو التالي: 241 جريمة وقعت على الإنسان، وجريمة واحدة مخلة بالثقة العامة، و 1661 جريمة وقعت على الأموال، و 173 جريمة وقعت على الإدارة العامة، و 101 جريمة شكلت خطراً على السلامة العامة، و 243 جريمة مخلة بالأخلاق والآداب العامة و24 جريمة أخرى من بينها 16 جريمة إنتحار.
هذا وقد إرتكب الأحداث 20 جريمة قتل، توزعت على النحو التالي: القتل العمد (8 جرائم بإنخفاض نسبته 27% عن عام 2015)، والقتل القصد (12 جريمة بدون تغيير عن عام 2015)، والقتل الخطأ (جريمة واحدة بإنخفاض نسبته 83% عن عام 2015). فيما إنخفضت جرائم الإيذاء البليغ بنسبة 6.4% (173 جريمة عام 2016 مقابل 185 جريمة عام 2015).
وأظهر التقرير بأن من أكثر الجرائم الجنسية إرتفاعاً والتي إرتكبها أحداث هي جرائم هتك العرض والتي بلغت 220 جريمة عام 2016 مقارنة بـ 145 جريمة عام 2015 وبزيادة نسبتها 51% ، فيما شهدت جرائم الإغتصاب إنخفاضاً بنسبة 30% والتي بلغت 7 جرائم عام 2016 مقارنة بـ 10 جرائم عام 2015 ، وإنخفضت أيضاً جرائم الزنا بنسبة 66% والتي بلغت جريمة واحدة عام 2016 مقارنة بـ 3 جرائم عام 2015، كما إنخفضت جرائم الخطف بنسبة 13% حيث أرتكبت 13 جريمة خلال عام 2016 مقارنة بـ 15 جريمة خلال عام 2015
ومن جهة ثانية فقد أظهر التقرير ارتفاع كبير في جرائم الإنتحار بين الأحداث بنسبة 100% حيث أرتكبت 16 جريمة خلال عام 2016 مقابل 8 جرائم خلال عام 2015.
ويلاحظ بأن التقرير لم يوضح أعمار الإناث ضحايا جرائم الإغتصاب التي أرتكبها الأحداث، ولم يتسن التأكد من أعمارهن وجنسياتهن.
وتعبر “تضامن” عن قلقها من إرتفاع نسب جرائم هتك العرض والإنتحار والتي يرتكبها الأحداث، وتدعو كافة الجهات الحكومية وغير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني لدراسة الأسباب التي تدفع القاصرين لإرتكاب جرائم في غاية الخطورة، ووضع التوصيات والحلول المناسبة للحد منها ومنع حدوثها مستقبلاً.
9116 مشتكى عليه من الأحداث منهم 925 أنثى خلال عام 2016
كما أكدت التقارير القضائية لعام 2016 والصادرة عن وزارة العدل في الأردن، بأن عدد المشتكى عليهم في قضايا الأحداث من الذكور بلغ8191 مشتكى عليه مقابل 9429 مشتكى عليه خلال عام 2015، فيما بلغ عدد المشتكى عليهن الإناث في قضايا الأحداث 925 مشتكى عليها مقابل 1098 مشتكى عليها عام 2015.
وتشير “تضامن” الى أن عدد المشتكين في قضايا الأحداث من الذكور بلغ 4545 مشتكياً مقابل 5029 مشتكياً خلال عام 2015، فيما كان عدد المشتكيات في قضايا الأحداث من الإناث 964 مشتكية مقابل 1119 مشتكية خلال عام 2015.
وترحب “تضامن” بإنخفاض أعداد الأحداث ذكوراً وإناثاً المشتكين والمشتكى عليهم، وتعتبره مؤشراً هاماً على أن التعامل مع الأحداث الجانحين يتجه نحو دراسة أسباب الجنوح ومعالجتها وإعادة إدماجهم في المجتمع، بإتباع وسائل وقائية وعلاجية بدلاً من الوسائل العقابية.
جنوح الأحداث
وتضيف “تضامن” بأن الفتيات الجانحات واللاتي هن في نزاع مع القانون لأول مرة في حياتهن، هن فتيات لا يشكلن خطراً كبيراً على الغير ولا يمكن وصفهن بالعنيفات، إلا أن إحتياجاتهن ومتطلباتهن الشخصية عالية وتختلف كثيراً عن إحتياجات الأحداث الذكور مما يستدعي تلبيتها من خلال أنظمة عدالة جنائية للأحداث تتفهم خصوصيتهن وتتيقن من أسباب جنوحهن وتعمل على إنهائها وتعيد إدماجهن في المجتمع.
إن أغلب الأسباب التي تدفع الفتيات للجنوح وبالتالي تشملها أنظمة العدالة الجنائية للأحداث ، تتمثل في العنف ضدهن والإهمال والتعرض للصدمات النفسية الناتجة عن العنف ، والمشاكل الجسدية والعقلية ، والخلافات الأسرية والتمييز بين الجنسين داخل الأسرة ، والإعتداءات الجنسية والحمل ، والفشل في التحصيل العلمي والتهرب من المدارس ، ومنها أيضاً ما تعلق بالبيئة المحيطة للسكن ورفيقات السوء.
وفي الوقت الذي يفترض فيه أن تتوفر في أنظمة العدالة الجنائية للأحداث البيئة المناسبة للفتيات الجانحات وفي نزاع مع القانون ، نجد أن العديد منها تعمل على زيادة معاناتهن وتوسيع دائرة إنحرافهن وترسخ المعتقدات الخاطئة التي تروج لفكرة عدم إمكانية العودة الى حياتهن الطبيعية، وتفقد هذه الأنظمة ما لم يتم العمل سريعاً على تطويرها وتحسين آدائها فكرة وجودها ورسالتها الإنسانية.
وتضيف “تضامن” بأن البنية الأساسية المراعية للنوع الإجتماعي لهذه الأنظمة تتطلب إتخاذ العديد من الإجراءات وتعديل و / أو سن التشريعات التي تعتمد وبشكل عام على إجراء المزيد من الدراسات والأبحاث لتحديد المشاكل الخاصة بالفتيات ، وزيادة الوعي العام بين الناس من خلال تنفيذ الحملات التثقيفية ، والإستماع لآراء وأفكار مختلف الجهات ذات العلاقة على أن يشمل ذلك الفتيات أنفسهن ، وتدريب القائمين والقائمات على دور الرعاية تدريباً شاملاً لكيفية التعامل مع الفتيات بصفة خاصة ، وإعطاء الأولوية لبرامج الحماية والوقاية ، وإتباع منهجية التقييم الدوري للإجراءات المتبعة وتطويرها وتحسينها ، وتوفير البيئة المناسبة لحل مشكلاتهن لا مفاقمتها.
حماية الأحداث في نزاع مع القانون
يشار الى أن قسم الأحداث في مديرية الدفاع الاجتماعي بوزارة التنمية الاجتماعية يعمل على حماية الأحداث في نزاع مع القانون من المشكلات والسلبيات الاجتماعية التي أدت الى مخالفتهم، وتوفير بيئة سليمة تقدم الخدمات المتكاملة لإعادة تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع.
وتضيف “تضامن” بأن التقرير السنوي لعام 2014 الصادر عن وزارة التنمية الاجتماعية أشار الى أن عدد الأحداث الإناث الخارجات من دور الرعاية وتم دمجهن مع أسرهن 638 فتاة ، كما بلغ عدد الأحداث الموقوفين في دور تربية الأحداث 2058 حدثاً، وعدد الأحداث المحكومين في دور تربية وتأهيل الأحداث 212 حدثاً.
وكانت دراسة رسمية عن الوضع النفسي للأطفال (ذكوراً وإناثاً) في مراكز التأهيل والرعاية في الأردن، أظهرت أن أكثر من 23% من الأحداث فكَّروا بالانتحار، وأنَّ نحو 87% منهم يعانون من الاكتئاب الشديد، و64% تعرضوا لصدمات نفسية عنيفة. وتشير أرقام وزارة التنمية الإجتماعية الى أن معدل قضايا الأحداث السنوي 6200 قضية ، وأن 64% من الأحداث مرتكبي الجنح والمخالفات لأول مرة هم من طلبة المدارس.
وتنوه “تضامن” الى أن مديرية الأمن العام كانت قد أنشأت منذ بداية عام 2012 إدارة خاصة بشرطة الأحداث في خطوة هامة نحو تطوير وتحسين أنظمة العدالة الجنائية للأحداث حيث قامت بتهيئة وتأهيل فريق متخصص للتعامل مع الأحداث الجانحين قانونياً ونفسياً وإجتماعياً وذلك من خلال إشراكهم في العديد من الدورات وورش العمل ذات الصلة بالعدالة الإصلاحية التي تختص بجنوح الإحداث.
وتجدر الإشارة الى صدور قانون الأحداث رقم 32 لعام 2014 والمنشور بعدد الجريدة الرسمية رقم 5310 بتاريخ 2/11/2014، حيث عرفت المادة الثانية منه الحدث بأنه كل شخص لم يتم الثامنة عشر من عمره.