مرايا – قال وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، الدكتور وائل عربيات، إن المسجد الأقصى المبارك احتل مكانته الدينية وقداسته الروحانية بالنص القرآني الذي حسم الأمر بدون أن يتركه لاجتهاد أو تأويل هو أولى القبلتين وثاني الحرمين وأحد أقدس ثلاثة أماكن في الإسلام، ارتبط به المسلمون روحا وعقيدة وتاقت اليه النفوس وافتدي بالأرواح والمهج، سالت على أعتابه أزكى الدماء وأطهرها، مؤكدا أنه مسجد قبل الإسلام وبعده، وستستمر مكانته في عقيدة كل مسلم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وأكد عربيات، خلال الكلمة التي ألقاها بالمؤتمر الأزهري الذي انطلقت أعماله اليوم، في العاصمة المصرية بالقاهرة، أن هذا هو الوضع القائم والحق الخالد الذي يجب على كل مسلم أن يدافع عنه واجبا شرعيا وسياسيا وقانونيا.
ودعا عربيات الى حماية المقدسات ودعم أهل القدس في دفاعهم عن المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف الذي يعاني أكثر من أي وقت مضى من الحصار والتفريغ ومنع المسلمين من الوصول إليه بهدف معلن، وهو تحويل المسجد إلى “هيكل يهود” إذا سمحت لهم الظروف بذلك، مشيرا الى أن هذا التحدي الكبير لجميع المسلمين والمسيحيين يتطلب منا علماء ومسؤولين أن نعيد التفكير في أكثر الأدوات المفيدة والممكنة للدفاع عن المسجد الأقصى/ الحرم الشريف، والذي تديره أوقاف القدس الأردنية ويقع تحت وصاية جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية والذي يدافع عن المقدسات في المحافل الدولية مثلما يرعى جلالته وبشكل مباشر مسؤولية الإعمار والصيانة والمحافظة على إدارة أوقاف القدس الأردنية لسدانة وحراسة شؤون الوعظ الإرشاد وتمكين المسلمين من الصلاة في مرافق المسجد بنظافة وراحة وأمان قدر الممكن.
وأشار الى أن العامين المنصرمين 2016 و2017، كانا عامي إنجازات كبيرة تمت فيهما أكبر وأهم مشاريع إعمار هاشمي تاريخية أبرزها الانتهاء من ترميم فسيفساء قبتي الصخرة المشرفة والجامع الأقصى من الداخل، وهي مشاريع لم تنفذ، بحسب رأي الخبراء، منذ مئات السنين ومشروع الإطفاء المتحرك، ومشروع تهوية قبة الصخرة المشرفة وغيرها، كما أن وزارة الأوقاف الأردنية، وبأمر مباشر من سيدي صاحب الوصاية على المقدسات، رفعت عدد موظفي أوقاف القدس وحراس المسجد الأقصى في العقد الأخير من 300 موظف الى ما يقارب الألف موظف وزادت الوزارة علاوة الصمود الملكية للموظف الواحد لتصل إلى 400 % على الراتب الأساسي، الأمر الذي أسهم بدعم مئات العائلات المقدسية وربط عملهم وعيشهم برباطهم في المسجد الأقصى، وهذا جزء يسير من إنجازات كثيرة لوصاية جلالة الملك عبد الله على المقدسات رغم أن عمل أوقاف القدس الأردنية يتم تحت ظروف صعبة وفي ظل تحديات جسيمة من حيث الانتهاكات اليومية من قبل سلطات الاحتلال، والتي من أبرزها:
1- اقتحامات المتطرفين اليهود للمسجد الأقصى ومؤخرا تمكينهم من أداء الطقوس الدينية التلمودية، الأمر الذي ينذر بخطر التقسيم الزماني والمكاني للمسجد، وقد وصل عدد هؤلاء المقتحمين إلى أكثر من 25 ألفا في العام 2017.
2- شرعنة تدخل سلطة آثار وبلدية الاحتلال في شؤون المسجد الأقصى المبارك وإدارة الأوقاف الإسلامية للمسجد ووقف بعض مشاريع الإعمار والصيانة الضرورية، وذلك من خلال منظومة إجراءات وقوانين تنتهك اتفاق السلام بين الأردن وإسرائيل وتنتهك القانون الدولي والإنساني لمدينة القدس.
3- استمرار مصادرة مفتاح باب المغاربة منذ العام 1967 واغتصاب حق الأوقاف الإسلامية الحصري بإدخال السياح غير المسلمين حسب شروط صاحب المكان الشرعي، فقد أدخلت سلطات الاحتلال للمسجد الأقصى في العام 2017 أكثر من 360 ألف سائح من كل أنحاء العالم تسمعهم رواية تلمودية تشرح الأقصى على أنه هيكل يهود المزعوم.
4- استمرار منع معظم أهل فلسطين وعرب الداخل من الوصول وشد الرحال للمسجد الأقصى.
وأكد أنه، ومن هنا، يكمن التحدي الأكبر الذي يواجه أوقاف القدس وهوية المسجد الأقصى، وهو كيف لنا أن نبقي المسجد الأقصى عامراً بأكبر عدد من المسلمين الذين يستطيعون الوصول إليه، وذلك من أجل تحقيق جملة من الأهداف والمتمثلة بما يلي:
1- تفويت الفرصة على الاحتلال بتنفيذ مخطط عزل المسجد الأقصى عن بعديه الفلسطيني والإسلامي.
2- إفشال مخطط الاحتلال باعتبار قضية المسجد الأقصى سياسية للمسلمين ودينية لليهود مستفيدين من أن فراغ الأقصى يدل على عدم اهتمام المسلمين بمسجدهم وأن الأقصى يحظى بمرتبة مـتأخرة من اهتمام علماء وحجاج المسلمين.
3- توفير أكبر قدر ممكن من الحماية البشرية للمسجد الأقصى/الحرم الشريف.
4- مد العون والمساعدة لأوقاف القدس والمرابطين في المسجد الأقصى ودعم صمود أهل القدس من تجار وأصحاب فنادق وسكان في العقارات الوقفية التي تشكل طوق الحماية الحقيقي للمسجد الأقصى.
5- إحياء سنة ربط العالم الإسلامي بمسجدهم الأقصى وتوثيق هذه العلاقة الواجبة بالمشاهدة الحية وممارسة حقهم في التعبد داخل المسجد الأقصى والدفاع عنه بالفعل ليعمروه بالعمارة الإيمانية الحقيقية.
6- إجبار سلطات الاحتلال على اعتبار المسلمين قوة بشرية قائمة تشد الرحال للمسجد الأقصى من كل أنحاء العالم بشكل مستمر وبهدف العبادة وأنه لا يمكن تهميش أو تجاهل هذه القوة بأي شكل.
7- فضح زيف ما تتحدث عنه سلطات الاحتلال من أنها تعطي حرية العبادة للديانات السماوية الثلاث في أماكن عبادتهم وفضح ما تقوم به إسرائيل من منع المسلمين للوصول لمسجدهم بكل السبل.
8- الدعم العملي لمطالبة المسلمين والعرب بأن القدس ستكون عاصمة دولة فلسطين.
9- تنفيذ حق المسلمين ببركة التواجد في المسجد الأقصى والسكن حوله، وهما حق وبركة من الله سبحانه وتعالى لا يستطيع أن يسلبهم إياه بشر ولا احتلال ولا أي قوانين أرضية.
10- أن يسمع المسلمون رواية إسلامية صحيحة لتاريخ وواقع المسجد الأقصى، وأن يرى العالم أن الرواية التهويدية للمسجد الأقصى ليست صحيحة وأن حضور المسلمين وتعبدهم في المسجد الأقصى لم ينقطع عبر الزمن رغم كل الظروف.
وأكد أن فتوى زيارة المسجد الأقصى التي حظيت بتأييد الكثير من علماء العالم الإسلامي أثمرت عن كسر الحصار عن المسجد الأقصى ونجحت بتشجيع قرابة المليون مسلم ليزوروا المسجد الأقصى منذ بداية العام 2013 وأن يحصلوا على البركة التي أحلها الله سبحانه وتعالى في المسجد وما حوله وأن يشاركوا أهل القدس في دفاعهم عن المسجد الأقصى ودعم صمودهم في وجه تهويد مقدسات المسلمين وعقاراتهم الوقفية، إلا أن هذا العدد ما يزال ضئيلاً إذا ما قورن بأعداد السياح الذين تنجح دولة الاحتلال بإحضارهم للقدس لتسمعهم رواية تهويدية بحتة والذين يزيد عددهم على 3 ملايين زائر سنويا جميعم يتلقون إرشاداً مكثفاً على أن المسجد الأقصى/الحرم القدسي الشريف هو “جبل هيكل اليهود ويجب عليهم مساعدة إسرائيل بتحريره من الاحتلال الإسلامي بأقرب وقت ممكن وتحويله هيكلاً يهودياً وهدمه وبناء الهيكل الثالث في مكانه إن أمكن”.
وبين أنه ليس خافيا على أحد أن قرار ترامب الأخير القاضي بأن القدس عاصمة إسرائيل قد جاء بتأثير من بعض هذه الأفواج السياحية التي سمعت وآمنت ودعمت الرواية التهويدية للمسجد الأقصى، والكثير من هؤلاء السياح هم ممن يؤمنون بهذه الفكرة الإرهابية التي تؤمن بأن واجبها مساعدة اليهود على الهجرة لفلسطين وبناء هيكلهم في القدس من أجل التسريع بعودة المسيح المخلص إلى الأرض.
وأكد على المضامين الموجهة لفضيلة شيخ الأزهر في رسالتي صاحب السمو الملكي الأمير غازي بن محمد رئيس مجلس أمناء الصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة وكلتا الرسالتين (2015 و2017) حملتا تأييدا وتوقيعا خطيا من قبل جميع أصحاب الشأن الفلسطينيين والأردنيين في رعاية شؤون المسجد الأقصى المبارك والذين يؤكدون أن الخطوة العملية المتاحة أمام الأزهر الشريف لخدمة المسجد الأقصى هي أن يصدر الأزهر فتوى توضح استحباب زيارة المسجد الأقصى لكل مسلم مقتدر ومسموح له القيام بشد الرحال للأقصى المبارك، وذلك لما فيه فائدة للمسجد الأقصى والمصلحة العامة لأهل فلسطين وجميع المسلمين، وهي الفتوى التي أيدها مؤتمر الطريق إلى القدس الذي انعقد في عمان في 30 نيسان (ابريل) 2014 وفتوى مجمع الفقه الإسلامي 23 نيسان (ابريل) 2015، وكما قال فخامة الرئيس عباس: “إن زيارة السجين ليست تطبيعا مع السجان”.
كما أكد ما جاء في رسالة سمو الأمير غازي بن محمد الأخيرة، بأن الأزهر الشريف مرجعنا الديني والذي يبقى دائما معولا عليه في نصرة قضايا الأمة، فالمطلوب هو خطوة عملية مثمرة في هذا الاتجاه، وأن المملكة الأردنية الهاشمية بقيادة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، مستمرة في حماية المسجد الأقصى المبارك والمقدسات الإسلامية والمسيحية ودعم أهل القدس وتعزيز صمودهم وتثبيتهم على أرضهم وحماية أوقافهم، وأن الأوقاف الأردنية هي المنفذ لهذه الوصاية من خلال دائرة أوقاف القدس ورفدها وتعزيزها بكل مستلزماتها.
وأعاد التأكيد على موقف جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الثابت، بأن القدس الشرقية هي عاصمة دولة فلسطين الأبدية وأن القدس حق أبدي خالد لجميع المسلمين والمسيحيين في أنحاء العالم كافة، كما أن الحفاظ على كنيسة القيامة وصيانتها وحمايتها لا يقل أهمية عندنا كمسلمين عن حماية وصيانة المسجد الأقصى المبارك انطلاقا من مبادئنا الإسلامية وتمسكا بالعهدة العمرية والتزاما بها.
وحظيت المقدسات المسيحية بدعم ومتابعة واهتمام عملي مباشر من جلالته، كما جددت جميع كنائس القدس مبايعتها لجلالته وصيا على المقدسات المسيحية، وقد كان من إنجازات العام 2017 إكمال مشروعين تاريخيين، وهما مشروع ترميم القبر المقدس في كنيسة القيامة ومشروع ترميم وإعادة تأهيل قبة الصعود على جبل الزيتون، وذلك بدعم ورعاية مباشرة من قبل جلالة الملك المعظم، ولذا لا بد من حماية الوجود المسيحي في القدس الذي لا يقل أهمية عن الوجود الإسلامي فيها.
وقال إن الشرعية الربانية القرآنية هي مرجعيتنا في إسلامية الـمسجد الأقصى الـمبارك/الحرم القدسي الشريف، كحق خالص لجميع الـمسلمين في العالم، كما أن كنيسة القيامة هي حق خالص للمسيحيين لا ينازعهم فيه أحد، وهو أساس التعايش والوئام وحفظ الحقوق التي لا يجوز الـمساس بها شرعا وقانونا.