مرايا – منذ تأسيس المملكة لم تبخل «بادية الخير» من شمالها الى جنوبها وشرقها وغربها من المساهمة في البناء ومنح الوطن خيراتها.
وها هي اليوم بعدما ما منحت الوطن الفوسفات والبوتاس والسياحة وغيرها من الثروات ، تزف بشرى جديدة لمختلف أرجاء الوطن ببدء مرحلة جديدة من التوجه الى « الاعتماد على الذات» في موضوع الطاقة واستخراج الصخر الزيتي لتوليد الكهرباء في الوقت الذي يحتاج فيه الوطن الى الطاقة التي اثقلت كاهله اقتصاديا وتسببت في ارتفاع معدلات الدين وبطء النمو ومعاناة القطاع الصناعي جراء ارتفاع كلف الطاقة وحملت الموازنة العامة ما يقارب 9 مليارات دينار بسبب انقطاع الغاز المصري لغايات توليد الكهرباء.
وكان رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي اطلع اخيرا على مراحل تنفيذ مشروع العطارات لانتاج الكهرباء من الصخر الزيتي و باستطاعة 470 ميجاواط وبكلفة استثمارية اجمالية تبلغ 2ر2 مليار دولار في منطقة عطّارات ام الغدران وسط المملكة.
وبدورهم أكد خبراء اهمية هذا المشروع في توفير الطاقة الكهربائية وخاصة على الصعيد الصناعي وتخفيف فاتورة الطاقة للمملكة مع انطلاقه بشكل رسمي في العام 2020 حسب ما هو متوقع ، مشيرين الى ان هذا المشروع يعتبر نقلة نوعية في تحقيق الامن الطاقي وفي الاعتماد على الذات وتخفيف المستوردات من الطاقة حيث ان هذا المشروع سيولد ما يقارب 12% من حاجة المملكة من الكهرباء .
وقال الخبير في الطاقة والاقتصاد المهندس محمد الخرابشة أن هذا المشروع سينعكس ايجابا على مختلف القطاعات الاقتصادية وعلى الاقتصاد الوطني بشكل كلي لتوفيره الطاقة الكهربائية والتي عانت منها المملكة والقطاعات الاقتصادية نتيجة ارتفاع كلفها الانتاجية والتي حملت الخزينة مديونية كبرى بالاضافة الى اضعاف القدرة التنافسية للصناعات الوطنية في الوصول الى الاسواق جديدة .
وبين الخرابشة أن توليد الكهرباء من الصخر الزيتي يعتبر انجازا واستغلالا امثل للمقدرات والثروات الموجودة في المملكة في تنفيذ خطة تنموية قادرة على النهوض بالاقتصاد الوطني وتوفير ما يمكن من الكلف التي تدفع على الطاقة الكهربائية وتحويل تلك المبالغ الى سبل اخرى يستفيد منها الاقتصاد .
وأشار الخرابشة أن امن التزود بالطاقة اصبح ضرورة ملحة وعلى الجميع العمل لهذه الغاية وبخاصة في موضوع الطاقة المتجددة والطاقة المولدة من الصخر الزيتي الذي يعتبر ميزة نسبية للاردن عن باقي الدول المجاورة لوجود هذا النوع من الخام بكميات كبيرة تستطيع ايصال الاردن الى مرحلة الاكتفاء الذاتي مستقبلا.
وبدوره قال الخبير اياد ابو حلتم ان فائدة المشروع تكمن في توفيره الكهرباء للمملكة بسعر منخفض ، إضافة إلى تأمينه لنحو 12٪ من حاجة المملكة من الطاقة الكهربائية في مختلف الظروف، داعياً إلى تنفيذ مشاريع أخرى بذات الاتجاه لتوفير نسبة أكبر من الطاقة الناتجة عن استغلال الصخر الزيتي، بالإضافة إلى دعم أي مشروع من شأنه النهوض بالاقتصاد الوطني في هذا المجال.
وأضاف ابو حلتم إلى أن أهمية هذه المشاريع للمجتمع المحلي تكمن في توفيرها لفرص العمل، خاصة لأبناء المنطقة الذين سيكون لهم نصيب منها سواء في مرحلة البناء أو في مرحلة العمل بصورة عامة، لافتاً في الوقت نفسه إلى أهمية المشروع في دعم الاقتصاد الوطني عبر سده لجزء من حاجة الأردن من الطاقة الكهربائية على المدى البعيد.
وأشار ابو حلتم الى ان المشروع يشكل علامة فارقة في مسيرة التنمية بالأردن، لافتا الى ان الاردن به موارد طبيعية كثيرة بدأ باستثمارها منذ خمسينيات القرن الماضي بدءا من صناعة الاسمنت والفوسفات والبوتاس، ويقوم اليوم بتأسيس مرحلة جديدة يستغل خلالها الصخر الزيتي لغايات التنمية والنماء الاقتصادي وتطوير الصناعات الوطنية.
وأضاف ابو حلتم أن هذا المشروع يسأهم في تعزيز البيئة الاستثمارية بتلبية احتياجات المستثمرين من الطاقة التي يعتمد عليها في الصناعة والخدمات وخصوصا ان الكهرباء تعتبر اليوم من اهم مدخلات الانتاج الرئيسية ما يساهم في تعزيز الاستثمار في المناطق التي يوجد بها المشروع.
واشار ابو حلتم الى اهمية المشروع في ضخ ملياري دولار خلال بضع سنوات ما يرفع الناتج المحلي الاجمالي مؤكدا ان تمويل الجانب الصيني للمشروع بمبلغ 6ر1 مليار دولار من شانه تشجيع تمويل المشاريع المختلفة في الاردن واستقطاب الاستثمارات المشابهة وسيضع الاردن في الاسواق العالمية على قائمة الدول القادرة على استقطاب التمويل الضخم والصعب وطويل الامد.
وأضاف انه سيعمل على تشغيل الاف الايدي العاملة واحياء المناطق الأقل حظا وسيساهم في تدريب الكفاءات المحلية على كافة مراحل الصناعة لتطوير الخبرات المحلية بالاضافة الى تسويق مشاريع الشركات الاخرى العاملة في المملكة في مجال استغلال الصخر الزيتي للحصول على التمويل اللازم لتنفيذ مشاريعها الامر الذي سينعكس ايجابا على الاقتصاد الوطني.
ويعد المشروع المقام في منطقة عطارات ام الغدران وسط المملكة الاول من نوعه في الاردن والاكبر في المنطقة والقائم على الحرق المباشر للصخر الزيتي لتوليد الكهرباء بقدرة 470 ميجا واط او ما يعادل 12 بالمئة من اجمالي توليد الكهرباء في المملكة وبحجم استثمار يصل الى 2ر2 مليار دولار.
والمشروع العائد لائتلاف (صيني- ماليزي- استوني) يعتمد بالكامل على احتياطي المملكة من (خامات الصخر الزيتي) الذي يتواجد في حوالي 60 بالمئة من مساحة الاردن بما لا يقل عن 70 مليار طن من الصخر الزيتي ويعتبر الاردن في المرتبة الرابعة من حيث كمية المخزون عالميا.
وسيتم تشغيل الوحدة التوليدية الاولى في المشروع بعد 38 شهرا من تاريخ الغلق المالي وباستطاعة 227 ميغاواط تليها الوحدة التوليدية الثانية بعد 42 شهرا.
وتشمل اعمال المشروع ثلاثة عقود رئيسية الاول هو عقد المقاول الرئيسي الصيني لبناء المحطة بالشراكة مع مقاولين اردنيين والثاني يخص التعدين وينفذه مقاول محلي لغاية تعدين الصخر الزيتي الذي سيستخدم وقودا لمحطة انتاج الكهرباء اما العقد الثالث وقد احيل على مقاول محلي فهو للبنية التحتية وبهدف تهيئة الشوارع والساحات والقرية العمالية.