* اكد ان الاردن يعاني من نقص المياه وعدم توفر النقد الاجنبي يحول دون استيرادها
مرايا – قال الخبير الدولي المائي وزير المياه الأسبق الدكتور منذر حدادين “إن الأردن بحاجة للمياه، واستيرادها صعب ومكلف، فلا بد من الاعتماد على المياه التاريخية غير المتجددة”، مؤكدا اهمية توفير النقد الأجنبي لتمويل العجز في الموارد المائية.
وأضاف حدادين خلال محاضرة له في منتدى شومان الثقافي، بعنوان “المياه في مستقبلنا”، قدمته فيها للحضور الرئيسة التنفيذية للمؤسسة فالنتينا قسيسية، أول من أمس، إن الأردن يواجه عجزاً في التجارة الخارجية في المواد المصنعة ليس بسبب نقص المياه وحسب، بل أيضاً بسبب درجة تقدمنا التكنولوجي والصناعي.
وبين ان عجز الميزان التجاري في المواد الزراعية يرينا كم نحن منكشفين عالمياً، لنكتشف أهمية موارد اكتسابنا للعملة الأجنبية من التصدير للبضائع.
واشار حدادين إلى وجود ما يسمى بـ “حرب المياه” التي دأبت الصحافة الغربية على الحديث عنها منذ العام 1986، قائلا: “الحروب لا تخلق مياهاً جديدة بل تهدر دماء خلقها الله للعمران، وتؤدي الحروب إلى احتلال مياه الجوار، ولا يمكن لاحتلال كهذا أن يدوم”، مضيفاً:” المياه عماد الحياة، والحروب وسيلة الدمار. ولا يمكن لوسيلة الدمار أن تدوم”.
وتحدث حدادين عن حاجة المجتمعات للمياه (البلدية، الصناعية والزراعية)، وتضمنت اولا المجتمعات ذوات الدخل العالي التي تبلغ حصتها في السنة 1200 م. مكعب للفرد الواحد. اما اصحاب الدخل المتوسط العالي فيحتاجون 1500 م. في السنة، بينما بلغت حصة الفرد متوسط الداني 1700 م. مكعب. واخيرا المجتمعات ذوات الدخل المتدني يحتاجون 1900 م. مكعب في السنة.
وعن حقوق الأردن في مياه الحوض، قال حدادين:” كانت الولايات المتحدة قد تدخلت في الماضي كي تجنب الأطراف العربية الحرب مع إسرائيل في نزاعهم على حقوق استعمال مياه نهر الأردن، حيث أرسل الرئيس الأميركي في العام 1953 مبعوثاً شخصياً له السفير أيريك جونستون إلى المنطقة”.
وأضاف: “بعد أربعة جولات لجونستون في المنطقة غطى المبعوث المذكور دول لبنان وسورية والأردن ومصر وإسرائيل، والذي خرج باقتراح وزعه على تلك الدول في العام 1956 يقتضي بكيفية استعمال مياه الحوض وكيفية ذلك الاستعمال، حيث ان جونستون اصطلح تسمية ذلك الاقتراح باسمه، لافتا ان التسمية الرسمية للمشروع كانت “الخطة الموحدة لتطوير وادي الأردن”.
في هذا السياق، لفت حدادين ان “الخطة الموحدة” استنتجت أن حصة الأردن بضفتيه كانت في العام 1955 ما معدله 720 مليون م. مكعب من مياه الحوض، مبينا ان هذه الحصة تقسم بين الضفة الشرقية (479م) والضفة الغربية (241م).
واشار إلى ان الأردن مضى في استعمال حصته من خلال مشروع قناة الغور الشرقية، بما يضمن استمرار الحصول على منح مالية من الولايات المتحدة، منبها إلى ان مساحة الأرض المروية الأردنية – الأغوار بلغت 123 ألف دون العام 1967.
وقدم حدادين تعريفا وتوضيحا لمفهوم “المياه الخضراء”، الموجودة في التربة، التي تنتج المزروعات والمحاصيل والثروة الحرجية، وهي بحسب حدادين تبلغ 860 م سنوياً وهي المياه التي تختزنها التربة، مؤكدا أهمية هذا المفهوم وضرورة احتسابها عند دراسة الواقع المائي لأي دولة، حيث إن جزء من مياه الأردن يتم استيراده بعملات صعبة بشكل غير مباشر من خلال المستوردات التي تستهلك المياه في بلادها.
وبحسب حدادين فان موارد المياه السائلة (المياه الزرقاء) بلغت زهاء 752 م من المياه السطحية والمياه الجوفية الوطنية. بينما شكلت المياه السطحية العابرة للحدود 284م، لكن المياه الجوفية العابرة للحدود شكلت 70 م. لتبلغ المياه الزرقاء 1133 م. سنوياً.
“اما المياه الشهباء فهي بحدود 100 م، وتتضمن (مياه معالجة 70 م، ومياه تتسرب من شبكات مياه ومن مياه صرف صحي أخرى)، وفقا لحدادين.
واشار الى انه عند احتساب منسوب 10 ملايين نسمة من السكان، تكون حصة الفرد حوالي 216 م. مكعب في السنة، مقارنة باحتياجاته البالغة 1700 م مكعب بالسنة، مبينا بهذا الصدد انه لدينا زهاء 12.7% من احتياجاتنا.
وعن استعمالاتنا البلدية والصناعية، بين حدادين ان معدل هذه الاستعمالات 80 م. مكعب للفرد، مقسمة بين الاستعمال الزراعي 136 م. مكعب للفرد، أو 9% من الاحتياجات الزراعية.
ولفت حدادين، في معرض حديثه، إلى نتائج أبحاثه المنشورة في المجلات المهنية العالمية المحكمة، الذي بين فيها أن الكفاية في المنتوجات الزراعية يمكن التعبير عنها بالمعادلة التالية:” الكفاية = (نصيب الفرد من الأراضي الزراعية البعلية / 4 + نصيب الفرد من الأراضي المروية بكثافة زراعية 100%/ 1.5) وتكون لبلدنا12.5″.%
فيما اشار الى أن كفاية الاردن من المياه للزراعة هي 9%، متسائلا” فماذا يعني هذا؟”، لكنه يجيب على سؤاله بنفسه، وقال:” إن المنتج الزراعي الأردني يبذل جهداً زراعياً أكبر مما هو عليه معدل المزارع من بلدان الاقتصاد المتوسط الداني”. مضيفا أن كفاءة المزارع الأردني تعادل حوالي 1.41 من كفاءة مزارعي البلدان الاخرى .. ولا غرو في ذلك ولا عجب!”.
وقدم المحاضر حدادين، مفهوم “الاعتماد على الخارج”، حيث رأى ان الاعتمادية على الخارج تقاس بمعادلة ميزان التجارة الخارجية في المواد الغذائية، لافتا ان العجز في الميزان هو التعبير عن الاعتماد على الخارج.
ولخص حدادين بعض الإجراءات التي تعنى بزيادة المتوفر من المياه، اهمها وقف الخسارة في مياه الفيضان بحجزها في سدود تنشأ لهذا الغرض أو تعلية الموجود منها، إضافة الى وتحسين أداء شبكات المياه، واستغلال المياه المسوس بالتحلية أو لتربية الثروة السمكية.
من جهتها، اعتبرت قسيسية ان موضوع المياه من القضايا الحساسة والمصيرية بالنسبة للأردن اليوم، خصوصا أنه يعد من أفقر دول العالم بمصادر المياه، لافتة ان المياه أيضا، قضية تشغل بال كثير من الدول والمنظمات الدولية والباحثين، خصوصا أن قراءات المستقبل تؤكد أن الحروب والنزعات المقبلة ستكون مصادر المياه هي المحرك الرئيس لها.
وبينت ان محاضرة حدادين، تأتي استكمالا لبرنامج “البيئة اليوم” الذي انطلق منتصف العام الماضي بالشراكة بين مؤسسة عبد الحميد شومان والمنتدى العربي للبيئة والتنمية في بيروت.
وأكدت قسيسية على الأهمية الخاصة التي تحظى بها شخصية معالي الدكتور منذر حدادين، حيث كانت له بصمات واضحة في العديد من المؤسسات الوطنية، سواء التي أسهم في تأسيسها، أو تلك التي تسلمها في مراحل تعثرها ليصوب أوضاعها، ثم يتركها ليمضي إلى غيرها.
وخلص المحاضر، الى ضرورة التوجه الطاقة الخضراء البديلة، المتمثلة في: (الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، طاقة الحرارة الجوفية).
وقال “في بلدنا مصادر للطاقة غير الخضراء متمثلة بالصخر الزيتي ويمكن استعماله لتقطير النفط منه أو حرقه المباشر لتوليد الطاقة الكهربائية”.
ورأى حدادين ان الأمل معقود على الطاقة النووية “ليس بالانشطار النووي، وإنما بالاندماج النووي، وهو ليس بعيد المنال”.
ومؤسسة عبد الحميد شومان هي مؤسسة لا تهدف لتحقيق الربح، تعنى بالاستثمار في الإبداع المعرفي والثقافي والاجتماعي للمساهمة في نهوض المجتمعات في الوطن العربي من خلال الفكر القيادي، الأدب والفنون، والابتكار المجتمعي.