خلاف الأعيان والنواب حولَ مصير صندوق الشباب والرياضة.. الحلقة المفقودة
مرايا – شؤون نيابية – أعاد مجلس الأعيان مشروع القانون المعدل لقانون المجلس الأعلى للشباب إلى مجلس النواب، معترضاً على قرار النواب بالإبقاء على الصفة الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري للصندوق الوطني لدعم الحركة الشبابية والرياضية، خلافاً لرغبة الحكومة التي تريد إنهاء الصفة الاعتبارية للصندوق واستقلاليته، ونقله إلى مظلة وزارة الشباب، بعد أن عادت الوزارة إلى الوجود، وأصبحت الخلف القانوني والواقعي للمجلس الأعلى للشباب.
الأعيان برّروا موقفهم بالحرص على إنهاء تبعية صندوق الشباب والرياضة للوحدات الحكومية التي توصف عادة بالمستقلة، تعبيراً عن التوجه السائد لديهم بتقليص هذه الوحدات المستقلة التي يبلغ عددها حالياً 55 وحدة حكومية.
غير أن الأعيان لم يأخذوا بالاعتبار أن النواب أيضاً لديهم الحرص نفسه على تقليص عدد الوحدات الحكومية المستقلة، ومع ذلك وجدوا أنفسهم أمام نتيجة مختلفة تماماً، وهي التمسك بالصفة الاعتبارية للصندوق وباستقلاله المالي والإداري، وذلك بهدف الحفاظ على موجودات الصندوق الحالية في خدمة الحركة الشبابية والرياضية. فماذا يعني ذلك؟
لقد أفاد النائب محمد هديب رئيس لجنة الشباب والرياضة في مجلس النواب، أن وزير المالية أجاب بصراحة عندما التقته لجنة الشباب وسألته عن الإعفاءات التي يتمتع بها الصندوق وعما ستؤول إليه استثمارات الصندوق، بأن موجودات الصندوق ستعود إلى خزينة الدولة، وليس إلى وزارة الشباب. ولم ينفِ أحد من الحكومة ذلك، كما أن الحكومة لم تتعهد بإعادة موجودات الصندوق بعدما تؤول إلى الخزينة بملحق موازنة مثلاً أو أي طريقة أخرى.
وجدير بالذكر أن مناقشات مجلس النواب قد عكست وجود خلاف داخل المجلس حول ماهية صندوق الشباب والرياضة، من حيث هل هو مؤسسة مستقلة أم لا. فوزير الشباب (آنذاك) المهندس حديثة الخريشة حاجج بأن الصندوق كان ضمن المؤسسات المستقلة، وموازنته وردت ضمن موازنات الوحدات الحكومية.
وبالعودة إلى تلك الموازنات لسنة 2018، وجدنا فعلاً أن موازنة الصندوق مدرجة ضمن موازنات الوحدات الحكومية، ومقدارها مليونان و57 ألف دينار. ومن منطلق أن الصندوق مؤسسة مستقلة، أيد النائب د. مصلح الطراونة مشروع القانون كما جاء من الحكومة، معتبراً أن من شأن ذلك تقليص المؤسسات المستقلة. وفي وقت لاحق من المناقشات، انضم النائبان المهندس جمال قموه وحسن السعود إلى مؤيدي مشروع القانون على أساس أنه يكفل تقليص المؤسسات المستقلة ويحافظ على أوجه صرف الصندوق كما هي.
وفي المقابل، قال رئيس لجنة الشباب والرياضة بأن “هذا الصندوق لا يعتبر من المؤسسات المستقلة نهائياً”. وذهب في هذا الاتجاه، أيضاً النائب د. مصطفى ياغي، إذ أكد أن “هذا الصندوق لا يعتبر من المؤسسات المستقلة بالمعنى المنصوص عليه في قانون الوحدات المستقلة”.
ولئن وضعنا جانباً الخلاف حول تبعية الصندوق للوحدات الحكومية المستقلة، فإن العنصر الأهم الذي دفع بمزيد من النواب لمعارضة المقترح الحكومي الرامي إلى وضع الصندوق تحت مظلة وزارة الشباب، بدل أن يحتفظ بصفته الاعتبارية واستقلاله المالي والإداري، هي الخشية على مصير موجودات الصندوق، مفترضين أن موجودات الصندوق إذا عادت للخزينة، فإن هذا سيلحق أبلغ الضرر بمصالح الأندية الشبابية والرياضية.
وإلى جانب دعوات رئيس لجنة الشباب والرياضة أعضاء المجلس لتأييد قرار اللجنة بالحفاظ على الوضع السابق للصندوق، انضم النائب معتز أبورمّان أيضاً إلى دعوة زملائه لتأييد قرار اللجنة من منطلق الأهمية الكبيرة للصندوق في دعم الحركة الشبابية والرياضية.
وكانت كلمة الفصل في هذا الاتجاه قبل التصويت على القرار للنائب المخضرم عبد الكريم الدغمي الذي شكر لجنة الشباب لإبقائها على النص الأصلي بشأن وضع الصندوق، مشدداً على “أن إلغاء هذا الصندوق دمار لقطاع الرياضة والشباب، دمار حقيقي، لأن موجودات الصندوق ستؤول إلى الخزينة”. وذكّر الدغمي بأنه كان أول من طالب بإلغاء المؤسسات المستقلة في تارخ الحياة النيابية، وأكثر من تبنى هذا الطلب مع زملاء آخرين. وقال إن الصندوق لا يعتبر مؤسسة مستقلة مثل الهيئات التي أنشأتها الحكومات المتعاقبة، لأنه تأسس لدعم الرياضة، وهو يتلقى الدعم والتبرعات لهذا الغرض، وأضاف: “حتى لو افترضنا أنه مؤسسة مستقلة فهو من المؤسسات الرابحة وليس من المؤسسات المكلفة على الدولة”. وحذّر من أن إلحاق الصندوق بوزارة الشباب سيجعل منه عالة على الخزينة.
وصوّت 47 نائباً من أصل 77 نائباً حاضرين الجلسة لصالح قرار لجنة الشباب بعدم الموافقة على التعديل الحكومي، والإبقاء على النص الأصلي للمادة والتي جاء في الفقرة (أ) منها “يؤسس صندوق يُسمى الصندوق الوطني لدعم الحركة الشبابية والرياضية يتمتع بشخصية اعتبارية واستقلال مالي وإداري، وله بهذه الصفة تملك الأموال المنقولة وغير المنقولة اللازمة لتحقيق أهدافه…”، بينما نصت الفقرة (أ) من التعديل الحكومي على أنه “ينشأ في الوزارة صندوق يسمى صندوق دعم الحركة الشبابية والرياضية”. وتبق الإشارة إلى أن قد جرى تعديل اسم القانون الذي أصبح “قانون رعاية الشباب”، بدل “قانون المجلس الأعلى للشباب” في ضوء عودة وزارة الشباب إلى المشهد.