مرايا – شؤون سياسية – تتبادل عمان والدوحة رسائل الود سرا وعلانية. ولا تكاد تظهر مبادرة سياسية أو اقتصادية لعودة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها حتى تلحقها أخرى.
وتأتي هذه المبادرات وسط حديث عن تنويع الخيارات الأردنية ومراعاة مصالح الدولة بعيدا عن الانحياز والاستقطاب، اللذين بلغا أشدهما في المنطقة التي تشهد تغيرات حادة وتنتظر تغيرات أكبر في مشهدها السياسي القريب، لا سيما على صعيد القضية الفلسطينية.
آخر المذكرات البرلمانية المطالبة بعودة السفير القطري إلى عمان كانت من طرف النائب الدكتور عقلة الزبون، الذي خاطب رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة بهذا الطلب الذي وقعه 45 نائبا.
وقال الزبون إن المذكرة جاءت لتعبّر عن رغبة النواب في “طرق الباب لعودة العلاقات العربية وفق أسس عادلة يسودها التعاون”.
وأضاف “انطلاقا من ضرورة أن تكون علاقات الأردن طيّبة مع أشقائه، فمن الواجب أن نذهب لرأب الصدع بين الأشقاء في الأزمة الحالية التي تمر بها دول الخليج وأن تكون البداية من طرفنا بعودة السفير القطري إلى عمان”. وشدد على أن كثيرا من النواب أبدوا رغبتهم لاحقا في التوقيع على المذكرة.
وكانت عمّان قد قررت تخفيض التمثيل الدبلوماسي مع الدوحة في يونيو/حزيران الماضي، وأغلقت مكتب شبكةالجزيرة الإعلامية لديها بعد مقاطعة السعودية والبحرين والإمارات ومصر لقطر وفرض حصار عليها من البحر والجو والبر.
مواقف قطر
هذه المذكرة لم تكن الأولى من نوعها، فقد أكد عضو مجلس النواب صالح العرموطي أن كتلة الإصلاح النيابية طالبت في فبراير/شباط الماضي بعودة العلاقات الأردنية القطرية إلى طبيعتها الأولى.
وقدمت الكتلة طلبا خطيا للحكومة لإعادة النظر في قرار تخفيض التمثيل الدبلوماسي مع قطر، في ظل تأكيدات الكتلة النيابية المعارضة على أهمية مواقف قطر في نصرة الحقوق الفلسطينية والمقاومة.
الدعوات المطالبة بعودة العلاقات بين الأردن وقطر تتزايد أيضا في أروقة الندوات السياسية وبين أوساط النخبة.
وقبل يومين صرح الدكتور جواد العناني نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية السابق بأن “الأردن لا يرغب في أن يكون مخيرا بين أن يقف مع طرف عربي ضد طرف عربي آخر”.
ولفت العناني -الذي يرأس حاليا مجلس إدارة بورصة عمان- إلى خطورة الوضع الاقتصادي لبلاده. وقال “نحن بحاجة إلى قطر ولا يمكن أن نضحي بوظائف 40 ألف أردني في الدوحة” في ظل التحديات القاسية التي يعاني منها الاقتصاد الأردني.
وأوضح العناني للجزيرة أن “الأردن لا يريد أن يخسر أي طرف في الخليج لوجود العمالة الأردنية في كل هذه الدول”.
ويستحضر صانع القرار الأردني في حساباته السياسية والاقتصادية وجود نحو نصف مليون أردني في السعودية وأكثر من ربع مليون في الإمارات و87 ألفا في البحرين و56 ألفا في قطر.
وهذا الوجود الأردني في الدول الأربع يوفر لعمّان تحويلات تصل تباعا من المغتربين تبلغ أكثر من أربعة مليارات دولار.
الميزان التجاري
ووفقا لحيوية العامل الاقتصادي بين الجانبين، زار وفد تجاري أردني الدوحة الأسبوع الماضي. ورأس الوفد الأردني عضو مجلس الأعيان ورئيس غرفة تجارة الأردن نائل الكباريتي، وضم كلا من رئيس غرفة تجارة عمّان عيسى مراد ونقيب الصرافين علاء ديرانية ورجل الأعمال محمد كيلاني.
وتباحث الوفد مع رئيس غرفة التجارة القطرية الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني حول رفع الميزان التجاري بين البلدين لما يفوق 450 مليون دولار، إضافة إلى تعزيز الاستثمارات المشتركة بين البلدين.
وقد حضر اللقاءات أيضا أمجد مبيضين نائب السفير الأردني في الدوحة.
وكان الكباريتي قد صرح بأن الحصار المفروض على قطر أثّر على أسعار الواردات الأردنية من قطر بنسبة 20%. وأوضح أن القطاع الخاص في كلا البلدين يعمل على إيجاد مسارات بديلة لعملية الاستيراد والتصدير.
يشار إلى أن رجال الأعمال القطريين تلقوا دعوة أردنية لتنظيم مجلس أعمال مشترك بين البلدين في عمّان خلال شهر مايو/أيار المقبل، كما صرح بذلك الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني.
وتبدو التفاهمات أكثر قوة بين عمّان والدوحة في الشهور الأخيرة، وتشير المبادرات والمطالبات بعودة الدفء للعلاقة بين الجانبين لوجود صوت تيار قوي داخل الأردن يطالب بالنأي عن الاستقطابات والاصطفافات التي لا تحقق مصالح البلد العليا ضمن المستويين السياسي والاقتصادي، في ظل إقليم قابل للاشتعال في أي لحظة.(الجزيرة)