مرايا – شؤون اقتصادية – يرتبط ربيع الكرك بصناعة هي الأشهر على مستوى الوطن وهي صناعة اللبن الجميد ، فالربيع يعني علفا اخضر ـ وهذا في عرف مربي الماشية ادرارا اوفر لحليب أكثر جودة لانتاج اللبن الجميد بمذاق شهي هو سر شهرة الجميد الكركي الذي اكثر مايستخدم في اعداد أكلة المنسف التي باتت الكرك واحدة من المناطق الأكثر ريادة فيه على مستوى المملكة.
لقد اضحى تصنيع اللبن الجميد تجارة أسرية رائجة في محافظة الكرك ، حيث اصبحت هذه الصناعة مهنة موسمية لمئات الأسر اما للاتجار باللبن المنتج وتحقيق عائد مالي لها او لغايات تأمين مؤونة تلك الاسر من هذه المادة ، واذا ما اضيف لذلك العديد من معامل تصنيع اللبن الجميد وتزايد اعداد الأسر المشتغلة في تصنيع هذه المادة التي تشتري الحليب طازجا من مربي الماشية فتقوم على تصنيعه فهذا يعني فائض انتاج ينعكس على اسعار اللبن الجميد التي تسجل تراجعا في هذه الايام لوفرة الانتاج المحلي ويفاقم من هذه المشكلة وفق عارفين بشؤون السوق اغراق السوق المحلية بكميات كبيرة من اللبن الجميد المستورد.
لم تعد صناعة اللبن الجميد الذي هو وفق عارفين المنتج الابرز لحليب الاغنام تتم كما كان الحال سابقا بطريقة يدوية، بل باستخدام التقنية في كافة مراحل التصنيع ، ثم اذا كانت بعض الاسر غير قادرة بداية على شراء ما يتطلبه الانتاج من تجهيزات ومعدات، فثمة جهات مقرضة كثيرة يمكن ان تقدم الدعم المالي لهذه الأسر لشراء ما تحتاجه من التجهيزات والمعدات اياها ، فيما هناك جهات داعمة اخرى تقدم منحا مالية غير مستردة لهذه الغاية ايضا.
في الزمن السابق لم تكن في الكرك معامل معتمدة لتصنيع اللبن الجميد بل كان يتم تصنيعه كما قالت الحاجة ام علي منزليا وبطريقة يدوية خالصة باستعمال مايسمى ب»السعن» المصنع من جلود المواشي لخض الحليب الذي يتم ترويبه باضافة مادة إليه تسمى الروبة ، وقد استعيض عن السعن مؤخرا باداة كهربائية لخض الحليب المروب ، ويتم من خلال عملية الخض فرز المادة الدهنية الموجودة في الحليب و هي الزبدة البلدية والتي يجري فصلها ليصنع منها السمن البلدي بعد اضافة مكونات معينة اليها ، اما السائل المتبقي ويسمى ب»اللبن المخيض» فيتم تخثيره ليتماسك فينتج ‹الجبجب› الذي يعمل منه اللبن الجميد بعد اضافة كمية مناسبة من ملح الطعام اليه.
وتضيف الحاجة ام علي ان هناك نوعان من الجميد الكركي هما الجميد العادي بلونه الابيض الناصع واللبن الجميد الذي يسمى ب»المحلب» والذي يميل الى الصفره نتيجة اضافة بعض انواع البهارات اليه وهو مايكسبه مذاقا خاصا يصلح لبعض الأكلات الشعبية ، وهذا يعطي اللبن الجميد قيمة اضافية ترتب فارقا سعريا بين اللبن الجميد العادي واللبن الجميد المحلب.
ويقول رئيس جمعية مربي الماشية في الكرك زعل الكواليت ان مهنة تصنيع اللبن الجميد مهنة متوارثة في محافظة الكرك ومنذ زمن بعيد فالعديد من الأكلات الشعبية لاتكون الا باللبن الجميد بعد مرسه وهذه الاكلات بالاضافة الى اكلة المنسف الأكثر شهرة العديد من انواع الفتات والشوربات ومن ذلك مايسمى بالشوربة الحامضه والمعروفة شعبيا في الكرك باسم «المدقوقه».
ويضيف الكواليت ان مهنة تصنيع اللبن الجميد بعد ان كانت مقتصرة على مربي الماشية اضحت وسيلة رزق للعديد من الأسر حتى التي لاتملك الماشية عن طريق شراء الحليب من اصحاب المواشي فما اسست لغايات تصنيع اللبن الجميد ايضا العديد من المعامل في المحافظة التي تنتج هذه المادة بكميات وفيرة ووفق مواصفات الجودة المطلوبة وتقدر بنحو (50 – 60) طناً خلال الموسم.
ويبين الكواليت ان الموسم المطري للعام الحالي حسن كثيرا من انتاج الحليب بالنظر لنمو المراعي الطبيعية التي توفر العلف الاخضر الأكثر ملاءمة للمواشي لانتاج حليب بنكهة مميزة تنعكس على اللبن الجميد المنتج منه ، موضحا ان انتاج المحافظة من الحليب في هذا العام يصل قرابة (مليون و200) الف كغم وذلك من خلال (300) الف رأس من الماشية ينتج كل راس منها مايقدر ب(40) كيلوغراما خلال موسم الحلابة المقدر بحوالي ثلاثة اشهر بدء من اذار الحالي ويذهب من هذه الكمية وفق ماقال الكواليت مانسبته( 30) بالمئة لتصنيع مشتقات الألبان الأخرى من اللبن الرائب والمخيض والجبنه والسمن البلدي ، مقدرا كمية اللبن الجميد التي ستنتجها المحافظة في هذا العام بحوالي(900 )طن.
واوضح الكواليت ان سوق اللبن الجميد البلدي تتراجع من عام لاخر من حيث الاسعار وذلك بالنظر لتزايد أعداد الاسر المنتجه للبن الجميد وكذلك تزايد اعداد معامل تصنيعه وتراجع القوة الشرائية للمستهلكين بالنظر للأوضاع الاقتصادية للمواطن الاردني ، يضاف الى ذلك كما قال سبب مهم اخر وهو اغراق السوق المحلية باللبن الجميد المستورد من الخارج والمقدر بحوالي الفي طن سنويا هو لبن اقل جودة من المنتج المحلي لذلك يباع بسعر متدن ففي حين يصل سعر الكيلو غرام الواحد من الجميد المحلي بحوالي (9-12)دينارا فان اللبن المستورد يباع بسعر (5ر3)دينار للكيلوغرام الواحد ، مايعني بحسب الكواليت منافسة غير متكافئة بين المنتجين تضر بمصلحة المنتج المحلي خاصة وأن بعض الناس لعدم درايتهم بشكل كاف بالتمييز بين اللبن الجيد والاقل جودة خاصة وان شكل ولون كرات اللبن الجميد المستورد متشابهة بشكل متطابق مع المنتج المحلي فقد يقعون ضحية غش وتلاعب بعض الباعة ، مطالبا الجهات الرسمية المختصة بالعمل على حماية المنتج المحلي من اللبن الجميد من حيث وقف عملية استيراده من الخارج خاصة في موسم انتاجه محليا .