مرايا – شؤون نيابية – خلصت دراسة الى أنه بالرغم من أن قانون الانتخاب لمجلس النواب الحالي لسنة 2016، مثل خطوة إصلاحية “محدودة” لنظام الانتخاب بإلغاء “نظام الصوت الواحد غير القابل للتحويل”، وتبني نظام القائمة النسبية المفتوحة على مستوى الدائرة الانتخابية، لكنه ما يزال قاصرا أمام خلق ظروف مواتية للأحزاب، لإيصال ممثليها للمجلس، على نحو يسهم بتشكيل حكومات برلمانية.
وحملت الدراسة التي أعدها مركز القدس للدراسات السياسية، عنوان “أثر قانون الانتخاب لسنة 2016 على بنية مجلس النواب الثامن عشر وأدائه”، وأعدها مؤخرا مدير وحدة الدراسات في المركز الباحث حسين أبو رمان.
وبلغ عدد النواب الفائزين من بين المرشحين المعلنين عى القوائم الحزبية 15 عضوا، جميعهم من المرشحين على قائمة التحالف الوطني للإصلاح، فيما بلغ عدد النواب الفائزين من بين المرشحين الحزبيين غير المعلنين عى القوائم الأخرى 23؛ يمثلون 11 حزبا سياسيا، ومجموعهم 38 نائبا “حزبيا”.
ودعت الدراسة لتوصية رئيسة وجهتها للحكومة والنواب، لإجراء تعديل جوهري على قانون الانتخاب، لتخصيص نصف مقاعد المجلس – على الأقل – لقوائم وطنية نسبية على مستوى المملكة، وأن تتشكل القائمة المترشحة من حزب أو ائتلاف أحزاب.
وسيعقد المركز ندوة اليوم لنتائج الدراسة، يعقدها مرصد البرلمان الأردني، بعنوان “نحو حوار وطني مبكر لمراجعة قانون الانتخاب لسنة 2016″، وبمشاركة وزير الشؤون السياسية والبرلمانية المهندس موسى المعايطة؛ ونواب وممثلين عن أحزاب سياسية ومؤسسات مجتمع مدني.
ورأت الدراسة أنه بغير هذا التعديل، فيتعين جمع القائمة لعدة آلاف من تواقيع المواطنين، (يُتفق عليه)، بالاضافة لتعديل طريقة احتساب الفوز باعتماد عتبة تمثيل (نسبة حسم)، ونظام بديل لنظام الباقي الأعلى، لتحسين فرص القوائم القوية في الحصول على مزيد من المقاعد، والاقتراب من توفير شروط تشكيل الحكومات البرلمانية.
كذلك تعديل طريقة التصويت، بإدلاء الناخب بصوته لقائمة واحدة من القوائم المترشحة أولا، ثم التصويت لمرشح واحد فقط من القائمة التي صوت لها، بدلا من التصويت للمترشحين جميعا أو عدد منهم.
واستندت الدراسة على نسخة منها، إلى تحليل تطبيقات قانون الانتخاب النافذ والنظام الانتخابي، وفق القائمة النسبية المفتوحة، وتقسيم الدوائر الانتخابية ومشاركة الأحزاب السياسية في الانتخابات البرلمانية، وآلية احتساب الاصوات للمرشحين ولمقاعد الكوتا المختلفة.
كما استندت لأداء الكتل النيابية والفصل المتعلق بتشكيل الكتل، وفق النظام الداخلي للمجلس، ومضامين خطابات النواب والكتل في مناقشات البرلمان، بخاصة المتعلقة بالبيان الوزاري والموازنة العامة؛ والتصويت على الثقة بالحكومة.
كذلك استندت إلى نتائج تحليل أثر قانون الانتخاب على الأداء التشريعي والرقابي للمجلس الـ18؛ قياسا بأداء المجلس الـ17، وسيصار إلى نشرها لاحقا، كما بلورت جملة توصيات وجهتها إلى كل من الحكومة والنواب والأحزاب، فيما شخصت أوجه الاختلالات الناجمة عن تطبيق قانون الانتخاب.
وأوجزت الدراسة التي جاءت في نحو 40 صفحة، أوجه الاختلالات في 6 نقاط رئيسة، متعلقة بقانون الانتخاب، أولها؛ أن نظام القائمة النسبية المفتوحة بالشكل الذي طُبّق به، ينطوي على مثالب تتمثل بغياب عتبة تمثيل (نسبة حسم)، واعتماد نظام الباقي الأعلى لتوزيع المقاعد الفائزة، ما اعتبرته الدراسة انحيازا لصالح القوائم الضعيفة، والأحزاب ذات النفوذ المحدود، بدل أن تعزز فرص الأحزاب والقوائم القوية في الحصول على مقاعد إضافية، بما يحسن من تكوين مجلس نواب.
ورأت أيضا، أن تجربة الكتل النيابية، “لم تشكل” حتى الآن قيمة مضافة حقيقية لعمل المجلس، بخاصة على صعيد تطوير الأداء البرنامجي والمؤسسي لأعضائه، وباستثناء كتلة الإصلاح النيابية، فإن “الكتل النيابية الأخرى تفتقر للتماسك والالتزام بموقف موحد في قضايا التصويت على الثقة والموازنة، أو فيما يخص دورهم التشريعي والرقابي”.
وفي السياق ذاته؛ رأت الدراسة أن الفصل الخاص بالكتل والائتلافات النيابية في النظام الداخلي للمجلس، “تشوبه عدة ثغرات تؤدي إلى عدم الالتزام بتشكيل اللجان الدائمة من أعضاء الكتل النيابية، وفق مبدأ التمثيل النسبي”، معتبرة أن ذلك يُضعف السلوك السياسي لأعضاء الكتل، باعتبارهم ممثلين لكتلهم ويلتزمون بتوجهاتها، وأن حصر حق تشكيل الكتلة بنسبة 10 % كحد أدنى من الأعضاء، يحرمهم من تشكيل كتل أكثر تجانساً من الناحية الفكرية والسياسية، إذا ما أتيح لهم تشكيل كتل بعدد أقل من النواب.
وفيما يتعلق بعدالة التمثيل بين الدوائر الانتخابية، أشارت الدراسة إلى أن توزيع مقاعد الكوتا النسائية، يعد “مظهرا حادا” للاختلال وغياب العدالة الجندرية، إذ فيما تحصل كل واحدة من الدوائر الـ12 الصغيرة والمتوسطة، على مقعد للكوتا النسائية، فإن أكبر ثلاث محافظات وتمثل 72.5 % من عدد السكان في المملكة، لا تحظى سوى بثلاثة مقاعد للكوتا النسائية فيها.
واعتبرت الدراسة أن في ذلك “غُبن شديد”؛ يلحق بتمثيل النساء في محافظات: العاصمة وإربد والزرقاء، ويتعين معالجته لتحقيق نوع من التوازن في تمثيل المرأة في الدوائر المختلفة، لا سيما وأن فرص النساء في المحافظات الكبيرة بالحصول تنافسيا على مقاعد؛ هي إضعاف من فرصهن في الدوائر الصغيرة والمتوسطة، وهذا ما يؤكده أن فوز النساء الخمس تنافسيا، هن مرشحات في دوائر عجلون وجرش والبلقاء والكرك، بينما لم تفز أي مرشحة في دوائر العاصمة وإربد والزرقاء تنافسيا.
وفي الاطار ذاته؛ رأت الدراسة أن تجربة التحالف الوطني للإصلاح، بينت عبر لجوئه لائتلاف مع شخصيات سياسية صديقة غير حزبية، والتقدم بقوائم مرشحة في الدوائر التي للتحالف فيها نفوذ انتخابي حقيقي، وأن مصلحة الأحزاب كانت تقتضي اللجوء لبناء أوسع تحالفات سياسية ممكنة في كل الدوائر التي يكون لها فيها وزن انتخابي مناسب، وعدم حصر اهتمام الحزب بفوز أمينه العام، أو عدد محدود من قياداته أو كوادره.
كما اعتبرت الدراسة، أن منح الناخب الحق بالتصويت لعدة مرشحين ضمن القائمة التي صوت لها، يُشعل منافسة حامية الوطيس بين المرشحين في القائمة الواحدة، وأن ذلك له تبعات سلبية، بخاصة عندما يتعلق الأمر بقوائم تشكلها أحزاب أو قوى اجتماعية.
وبينت الدراسة إن معالجة آثار ذلك، يكون في التصويت الثاني، عبر اختيار مرشح واحد فقط بدلا من عدة مرشحين في القائمة، معتبرة أن هذا التطوير على القائمة النسبية المفتوحة، يفيد في أن كل مرشح يأخذ الأصوات المؤيدة له فقط، ما يشكل أرضية مريحة لتحالف الأحزاب.
واعتبرت أيضا أن ذلك، يمكن الأحزاب المؤتلفة من الاستفادة من تعزيز فرصها في الفوز عبر الصوت الأول، بينما يتوقف ترتيب مرشحي الأحزاب على الثقل الانتخابي لكل منها.
وقالت إن هذه مسألة تحقق العدالة، اذ يغلق الباب أمام الاتفاقات “الكاذبة” المتوقعة في توزيع الصوت الثاني بين المرشحين، بحسب وصف الدراسة، كما أن ذلك قد لا يوفر فرصة الفوز لمرشح ضعيف؛ لمجرد أنه لم يلتزم بالاتفاق على توزيع الصوت الثاني عند اختيار المرشحين المفضلين في القائمة.
وفيما يتعلق بالتوصيات الأخرى الموجهة للحكومة والنواب، بالإضافة لتعديل قانون الانتخاب، دعت الدراسة الحكومة لتوفير الدعم المالي للأحزاب، وربطها بشكل رئيس بمعيار مشاركتها في الانتخابات النيابية بمرشحين معلنين يمثلون هذه الأحزاب، وتحديد قيمة الدعم وفق عدد الأصوات الانتخابية التي تحصل عليها، وعدد المقاعد النيابية التي تفوز بها، وذلك لتحفيز أكبر عدد ممكن من الأحزاب على المشاركة الفاعلة في الانتخابات، وتغطية التكلفة المالية لهذه المشاركة، وفق معيار النتائج التي تُحققها.
وأوصت الدراسة أيضا، بتعديل فصل الكتل والائتلافات النيابية في النظام الداخلي للمجلس عبر 3 متطلبات رئيسة، هي؛ أولا السماح لأي مجموعة يقل عددها عن 13 ضوا، وهو العدد اللازم كحد أدنى لتشكيل الكتلة، بتشكيل كتلة مصغرة بمسمى “مجموعة نيابية”، على أن يكون لها حقوق مماثلة للكتل الرسمية، لكن بمزايا نسبية أقل تراعي فارق العدد.
وأوصت الدراسة ثانيا في هذا الجانب؛ بتشكيل اللجان الدائمة للمجلس بشكل ملزم، وفق مبدأ التمثيل النسبي للكتل النيابية والمستقلين، بينما أوصت ثالثا؛ بزيادة الحصة المخصصة من المقاعد النيابية للنساء من 15 مقعدا، بواقع مقعد لكل محافظة ودائرة من دوائر البدو الثلاثة، إلى ما لا يقل عن 30 % من إجمالي عضوية المجلس؛ انسجاماً مع الاستراتيجية الوطنية للمرأة الأردنية 2013-2017، والتي وافق عليها مجلس الوزراء، وتوخي العدالة في شروط الفوز بتلك النسبة من المقاعد.
أما التوصيات المتعلقة بالأحزاب، فدعت الدراسة الاحزاب ذات القواسم الفكرية والسياسية المتقاربة، لخوض الانتخابات وفق أوسع ائتلافات ممكنة، لتحسين فرصها في الفوز، ولتعزيز مناخ التوافقات الحزبية فيما بينها على أسس برامجية وعملية.
وأوصت بأن تكون ترشيحات الأحزاب في الانتخابات معلنة، باعتبارها تمثل أحزاباً أو ائتلافات حزبية، قائلة إن “الترشيحات غير المعلنة حزبياً، والتي تراهن على كسب أصوات الولاءات الفرعية العشائرية والدينية والجهوية، قد توصل أصحابها إلى قبة المجلس، لكنها ترشيحات غير ذات جدوى للعمل الحزبي”.
كما دعت الأحزاب لأن تمنح الأولوية في خطابها الموجه للحكومة والمجلس، تشكيل الحكومات البرلمانية، وما يستلزم ذلك من تغيير جوهري في نظام الانتخاب، وفي مقدمة ذلك، تخصيص نصف مقاعد المجلس لقوائم تقودها أحزاب أو ائتلافات حزبية.