مرايا – محمد فخري – الحياة بغزة صعبة ، وكل العالم بعرف قديش صعبة ، بس الحياة بدها تتكمل وبدك تضحكلها ، لإنه بس تكبر وتصير ختيار سنانك رح تهر وما رح تضحك ، هذا المبدأ اللي كبرت عليه بحي الشجاعية ، أضل أضحك انتقلنا لمنطقة تل الهوى ودرست بالجامعة الإسلامية وتخرجت تخصص وسائط متعددة ، اشي اله علاقة بالتصوير والميديا وبعد هالتخرج شاركت أنا وصديق اللي بإنتاج شركة عين ميديا بتتختص بإنتاج مواد إعلامية وأنتجنا مواد للجزيرة الوثائقية وللبي بي سي وصورنا أفلام وثائقية كثيرة ، هالإشي هذا كان مهنة وخطر في بالي إنه هالمهنة ليش ما تكون مقاومة ، بقدر بالكاميرا أصور وأوثق وأورجي العالم معاناتنا بغزة ، والمقاومة مش ارمي حجر واولع مولوتوف ، بتقدر تقاوم بالتوثيق اللي هو نوع أقوى لإنه رح يضل وراك حتى لو متت ، بالفعل بلشت من غزة أصور الحروب ومعاناة أهل غزة والقصف وكلشي بتتعرضله غزة ، لحد ما صورت الطفلة بيسان وهي تحت الأنقاض وكيف أنقذناها ، هالطفلة كانت نايمة بأمان الله وانهد البيت فوق راسها وراس أهلها من ورى قصف صهيوني وبس صحيت بيسان بحكم انها صغيرة ما استوعبت شو في وكان كل البيت واقع عليها ، قدرنا نطلعها وللأسف كانت فاقدة كثير ناس من أهلها وصابها حالة نفسية بدها 100 دكتور نفسي لحتى يقدروا يضحكوها ، كان البيت في أجزاء منه معرضة للإنهيار بس خاطرت بحياتي ودخلت وصورت كيف عملية انتشالها وأخذت عهد على نفسي إنه هالبنت تكون زي ابني عبود وأطلعها من هالحالة وبالفعل مع الطشات والألعاب ودرت بالي عليها قدرت أرجع الها ضحكتها وأنتجت فيلم مدته ساعة تقريبا بحكي عنها وعن قصتها ، إستمريت هيك بالتوثيق وغيرت مهنتي من صحفي ومصور لمشروع شهيد ، لإنه بأي لحظة رح أستشهد ، طلعت بسيارات إسعاف وصورت جرحى وشهداء ، وشفت أهالي الشهداء وردات فعلهم كان أشي محزن وصعب تتحمله ، الحياة كانت حلوة بس لولا هالقصف ولولا شويت هالفقر ، الفقر كان معشش بغزة وممستفحل فيها ، كنت حاب أغير غزة بس ما بقدر كنت أساعد الناس لوجه الله ، بتذكر إنه مرة شفت غرفة لا تصلح انه حيوانات تعيش فيها ، بيني وبين ربي تكفلت إنه أبنيها وأساعد هالعيلة ، والحمد لله بنيتها وما حد عرف عنها ، كثير شغلات كانت بيني وبين ربي ومخبية عن الكل ، كنت بحاول قد ما أقدر أساعد الناس بس للأسف ما حد ساعدني لأقدر أسافر ، كانت أمنيتي أسافر وأصور لقطة لغزة من الجو عن جد مش وأنا ع الأرض ، كنت أول الناس اللي دخلوا الطائرة اللي بتصور على غزة وصورت صوره لغزة من الجو طلعت حلوة وتمنيت لو اني محل الطيارة فوق ، نزلت بوست ع الفيس كتبت فيه على هالصورة :
“متى رح يجي اليوم اللي اخذ هاي اللقطة من الجو مش وأنا على الأرض ؟
اسمي ياسر مرتجى
عمري 30 سنة
ساكن بغزة في غزة
عمري ما سافرت”
على أمل انه أقدر أسافر على أهون سبب ، عمرني ما سافرت بس حاولت وأكثر من مرة ، حاولت أسافر على تركيا واسبانيا وقطر وكنت أحكي مع صحابي بتركيا وقطر انه رح أجيكم هانت بس ادعولي تتيسر أموري ، بس ع معبر رفح انمنعت اكثر من مرة من انه اطلع وامارس هوايتي وكان كل مرة العائق من معبر رفح وآخر العوائق انه “اسمي مدرج في كشوفات أمن الدولة وممنوع أدخل مصر” ، سلمت للأمر الواقع وحكيت بنحاول مرة ثانية ، اسمعت بمسيرة العودة المسيرة السلمية اللي رح تصير وما عجبني ردت فعل ناس كثير انهم مش مع هالمسيرة ، يا أخي اللي بغزة همه اللي بقرروا يطلعوا أو لأ وفي حال المواطن الغزاوي طلع ع المسيرة فهو عارف انه ممكن يستشهد ما حد اله دخل فينا ، جهزت حالي ورتبت مقابلات مع ناس وقررت انه أروح أشارك “كمقاوم” بس بصفة صحفي ، يعني بلبس خوذة ودرع الصحافة وبصور المعتصمين وبصور جنود الكيان وبحاول اخذ لقطات زي اللقطات الإنسانية والإجرامية اللي كنت أخذها ، وبطبيعة الحال كل مرة بطلع أصور بتطلع معي صورة خرافية ، وكنت شاك انه هالجمعة رح تكون للتاريخ كونه تجمع 10.000 عجل سيارة وقرروا يحرقوهم ويردوا ع إعدام واستشهاد عبد الفتاح ، بالفعل أفطرت وطلعت من البيت وأمي حكتلي دير بالك ع حالك يما،
بلشنا يومنا بالتصوير بالصلاة وكنا متحمسين كثير ودخلنا على منطقة الحدود الشرقية لقطاع غزة وبلشنا نصور نواحي السياج الأمني شرق خان يونس ونصور المعتصمين والمصابين وكالعادة يعني ، كنا لابسين سترات الصحافة ودروع ومعروفين انه إحنا صحفيين وبمأمن ما بنشكل خطر على حد ، كان الوضع عبارة عن دخنة ومحدش شايف حد ، جنود الكيان بلشوا اللي بشوفوه يقنصوه قنص متعمد ، وكان هون أنا دوري أصور وأوثق هالإعدامات وأورجي الناس ، بس فجأة صار في اصابات قدامي بالزبط حاولت أصور اللي اتصابوا قدامي بس ما قدرت حسيت بوجع ببطني وبخصرتي اليمين والشمال، شفت دم وعرفت إنه أنا تصاوبت ببطني ، حكيت لصحابي أنا تصاوبت حملوني وحملوا كاميرتي وعالجوني بشكل مبدئي وحاولوا يسكروا الجرح لحد ما أوصل المستشفى، وحملوني بالإسعاف ومشوا فيي ، بالطريق صحابي كانوا يركضوا وراي وبدهم السيارة توقف وهمه يحملوني للمستشفى ، وصلت للمستشفى وكنت مش حاس بإشي مسكت بايد الدكتور وسألته عن اصابتي ، من الوجع اللي صار معي ما حسيت ولا قدرت أميز من وين دخلت الطلقة ومن وين طلعت ، حسيت مصارين بطني بتتقطع ، دخلت ع العمليات ، ضغط الدم بين عند الدكاترة انه بنخفض وهذا يعني انه في هبوط في وظائف الجسم ، القرار كان اجراء عملية بحضور اخصائيين جراحة ومسالك وأوعية وممرضين وفنيين تخدير ويحاولوا يعالجوني ويعرفوا شو الجزء المتضرر بالزبط ، بلشوا بالعملية وكانت المفاجأة ، الشريان الرئيسي مقطوع وتمزق في الكبد والمعدة والأمعاء وقطع في الحالب المغذي للكلية والطحال والقولون وشظايا الطلق متفتت ومتوزع بالجسم ، ومكان خروج الطلقة كبير كثير ، حطولي 25 وحدة دم وكمان وحد بلازما وقررا بعد 48 ساعة عملية ثانية ، كان جوا بطني عبارة عن مجزرة وكلشي متهتك والسبب نوع طلق جديد محرم دوليا هالطلق بتفجر داخل الجسم ، بعد أول عملية بساعات رجع النزيف داخل جسمي وبسرعة على غرف العمليات ليحاولوا يسيطروا ع النزيف بس وقف قلبي واستشهدت !
ممرات المستشفى كانت معتمة ومش طالع منها صوت الا صوت صحابي وأهلي ودعائهم اللي ، بس للأسف إستشهدت ببساطة بداية فجر يوم السبت 7/4/2018 وأنا أعزل ما معي سلاح وبعيد عن السياج 300 متر لإنه بدي أصور جرائم الكيان !

أنا ما تفاجأت اني سافرت من غزة لإني كنت عارف إنه رح يجي يوم وأسافر برا غزة وخارج حدودها وأخذ صورة لغزة من الجو ، والحمد لله سافرت وقدرت أخذ صورة لصاحبي من الجنة أول صورة لصاحبي قدام ثلاجة الموتى وهو بحكيلي :” يا راس قلبي يا ياسر ، يا راس قلبي ”
قدرت أخذ ثاني صورة لصحابي وزملائي وهمه بعيطوا علي ، وأخذت صورة ثالثة وهمة صاحيين 3 أيام مش قادريين يناموا ، وصورة رابعة لبيسان اللي حكت اخذوا أهلي مني وهيهم أخذوا ياسر ، وصورة خامسة للزلمة اللي ما حد عرف مين هو ببيت الأجر لمدة 3 أيام وطلع صاحب البيت اللي بنيتله اياه بالسر وقرر انه يبطل سر ، وصورة سادسة وقفات احتجاجية ، وصورة سابعة لبئر مي ببنغلادش انحفر بالروهينحا صدقة جارية عن روحي ، وصورة ثامنة لناس عملت عمرة عني وصورت تاسعة الطفلين واحد من عائلة خلة وواحد من عائلة مسلم رزق سموا أولادهم ع اسمي ، صورت صورة عاشرة ل 20 الف منحة لطلاب غزة عن روحي ، صورة كمان صورة لأهلي وأخواني ووجعهم ، صورة صبر أمي وكيف الناس متافجأة من صبرها ، وزرت كثير ناس بأحلامهم ، وصورت أهم صورة ؛ صورت حالي ع معبر رفح وكيف رجعت أكثر من مرة وهاي حقيقة ما حد بحث عنها ، صورت عبود ابني وصورت كل واحد باسه وتصور معه صورت كثير صور من السماء ، وشفت كثير ناس تأثرت وحزنت وترحمت علي وهي ما بتعرفني ، شفت أكثر من ياسر بأكثر من شخص ، وشفت لأول مرة إبتسامتي الغريبة اللي ما عرفت انها عن جد حلوة الا لما شفتها ع صفحات الناس بالفيس بوك ، ما رح أقدر أحكي عن حالي أكثر من هيك ياسر مرتجى ضحكته وحسه بعيون وبقلوب كل واحد عرفه ، وتركت سؤال كل الناس بتسأله : شو في بين ياسر وبين ربنا ليختاره ربنا ويحبه ويحبب الناس فيه؟
شو اللي كان شايفه ياسر واحنا مش شايفينه ؟
ما الذي يراه الشهيد ولا نراه ؟
وكل يوم بصور غزة من الجنة ، خليكم اتطلعوا ع السماء وابتسموا عشان أصوركم
#شهيد_الحقيقه_ياسر_مرتجى
#الشهيد_ليس_رقمًا،