مرارة أردنية وغضب قطري وتردد مصري وشكوى فلسطينية
الملك عبد الله تحدث كزعيم للهلال الخصيب متجنبا زج الأردن في التناقضات الإقليمية
قطر غاضبة لعدم السماح لطائرة الأمير بالمرور ورفض الرياض استقباله وفق البروتوكول المعهود
عباس يشكو حماس وأمريكا .. ومصر على موقفها المتردد من خطف قصب الزعامة
مرايا – شؤون سياسية – يبدو الوقوف اجباريا حسب تعبير شاعر الاردن الراحل عرار , امام كلمة الملك عبد الله الثاني في افتتاح اعمال القمة العربية ال29 التي احتضنتها مدينة الظهران السعودية شرقي المملكة الشقيقة لحسابات امنية وحسابات تنويرية ان جاز التعبير , فمشهد مندوبة الاتحاد الاوروبي بشعرها الاشقر المنساب على اكتافها , لم يكن ليتحقق في غير الظهران , مقر شركة ارامكو النفطية الشهيرة والخارجة نسبيا عن تعقيدات المشهد السعودي الملتزم حدّ التزمت والذي لا يسمح للسيدات بالظهور حاسرات الرأس , اضافة الى ابتعاد المدينة عن صواريخ الحوثي البالستية والتي يمكن ان تعكرصفو انعقاد القمة رغم عدم نجاحها في الوصول , لكن منظرها يُلعي الامعاء السياسية ويدفعها الى الغثيان كشعرة في صحن الحساء .
عودة الى كلمة الملك عبدالله رئيس القمة السابقة ولمدة عام وشهر جرت خلالها احداث عصفت بالمشهد العربي وقضيته المركزية بعد اعلان الرئيس ترامب قراره الجائر بالاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لدولة الكيان الصهيوني ونقل السفارة الامريكية اليها , مما وضع الاردن في مواجهة صعبة مع واقع عربي متخلخل وظرف فلسطيني منقسم , لكنه تجاوز الصعوبة ونجح في انتزاع قرار كوني ضد القرار الترامبي بأقل دعم عربي ممكن , مما جعله يجلس على مقعد الرئاسة بامتياز , قبل ان يسلمه الى السعودية العائد رجلها القوي من جولة عالمية , كشفت عن شكل السياسة السعودية الخارجية التي تبدلت اولوياتها بحيث بات الخطر الحوثي اكثر الحاحية من الخطر الصهيوني وطبعا يمتد ذلك الى الخطر الايراني الداعم للحوثيين , تليه العصابات الارهابية مع مرور سريع على القضية الفلسطينية .
هذا الكشف المبكر للموقف السعودي الخارجي , دفع الاردن الى تجاوز البروتوكول المعهود في الخطاب الاردني الموجه الى الشقيقة الاقرب , فكلمة الملك استعرضت اولويات اللحظة العربية , التي تبدأ من فلسطين اولا والقدس دائما وابدا حسب السياسة الاردنية الثابتة , فكانت فلسطين استهلال كلمة الملك عبدالله , بتفاصيل دقيقة وصولا الى دعم الاونروا بوصفها العلامة الدولية او شهادة الايزو على قضية اللاجئين وحق العودة , وقد استخدم الملك طريقا سياسيا غاية في الذكاء للوصول الى الاهداف الاردنية العليا والمصالح الفلسطينية التاريخية والابدية الخالدة وفق التعبير الملكي .
كلمة الملك حملت اشارات ذات دلائل موغلة في العمق وهو يصف الدول العربية بالمجموعة على امل ان يصل هذا المفهوم الى اسماع دول الخليج حصرا , فمصطلح المجموعة تعبير اوروبي بامتياز , اظهرت فيه القارة العجوز تماسكها ووحدتها امام العالم ولعل تجربة اليونان ماثلة امام الجميع , قبل ان ينتقل الملك الى اشارتين حيال العراق الذي بارك له نجاحه في الحرب على الارهاب والخوارج , مع تذكيره بضرورة تجفيف منابعه سياسيا من خلال عملية سياسية تشمل الجميع والاشارة لا تحتاج الى كثير شرح , اما المرور الذكي الثاني , فكان عبر توصيفه للازمة في سوريا عبر تأكيده موقف الاردن الدائم بالحل السياسي الذي يحفظ وحدة سوريا ارضا وشعبا دون التورط في مشهد الضربة الجوية الاخيرة ودون انكار اي جهد سياسي لحل الازمة وتحديدا الجهد الروسي في سوتشي .
على عكس الاردن عبرت امارة قطر عن غضبها الشديد , لعدم تلقف الشقيقة الخليجية الكبرى لرسالة الامير تميم – امير قطر – الذي اعلن مبكرا عن حضوره لاعمال القمة العربية , لكن التعنت السعودي في عدم منح الطائرة الاميرية الاذن بدخول الاجواء السعودية وعدم استعداد السعودية للالتزام بالبروتوكول المعمول به في استقبال القادة العرب في مؤتمرات القمة دفع القطريين الى تخفيض التمثيل الى الحد الادنى ودخول السعودية من الاراضي الاردنية بعد رفض السعودية رفع الحصار الجوي عن قطر ولو لوفد القمة .
الرئيس الفلسطيني كرر شكواه منذ وعد ترامب المشؤوم ومنذ خطابه في اسطنبول مضيفا عليه تحميل حماس سبب الانقسام ومحاولة اغتيال رئيس الوزراء ومدير المخابرات العامة وهذه هي المرة الاولى التي يجري فيها تحميل حماس المسؤولية بهذا الوضوح والجلاء , فيما اكتفت الشقيقة الكبرى مصر بموقفها المتردد حيال المصالحة الفلسطينية وحيال اعادة الاعتبار لمنظومة العمل العربي المشترك والاكتفاء بالشكوى من كلفة حرب الارهاب ومن تدخل دول الجوار في الشأن العربي , وقال السيسى ،” أن الوضع فى العالم العربى يمثل ارتدادا حقيقيا عن كل ما أنجزته الدول العربية منذ التحرر الوطنى، وهناك دول إقليمية تهدر حقوق الجوار، وتعمل على إنشاء مناطق نفوذ داخل المنطقة العربية ” واضاف : ” أثق أنكم تتابعون الجهود الجبارة التى تقوم بها القوات المسلحة من الجيش والشرطة في معركة الحياة والشرف المعركة الشاملة في سيناء لدحر قوى الشر، والتى لا تهدد مصر وحسب، بل تهدد المنطقة والحضارة الإنسانية بأسرها، معركتنا هي جزء أساسي، الحرب الشاملة يجب أن تشمل كل العمل الإرهابى تنفيذا وتسليحًا وتمويلًا ، فحمل السلاح هو المرحلة الأخيرة” .
القمة العربية كانت حاضرة في الظهران على ايقاع الضربات الجوية سواء تلك الصواريخ التي سقطت على سوريا الشقيقة او صواريخ الحوثيين على الرياض من جهة وعلى ايقاع صفقة القرن السياسية التي تستهدف نهش فلسطين وقضيتها .الأنباط – قصي أدهم