مرايا – شؤون محلية – قال رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد محمد العلاف أن الاردن ينطلق في رؤيته لمكافحة الفساد من قناعاته بحجم الأضرار السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يُحدثها الفساد في المجتمعات، واكثرها خطراً على الاطلاق هي اهدار موارد الدولة التي تفرز اقتصاديات مشوهة وتؤدي إلى تراجع القدرة الانتاجية العامة للدولة فيما تمتد هذه الأضرار لتشمل قيم النزاهة والاصالة في المجتمع وتصيب قدرة الحكومات على تقديم الخدمات الاساسية بصورة فاعلة.
وأضاف في اجتماعات المؤتمر الوزاري السادس الذي نظمته الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد الأحد في بغداد ، أن السياسة الاردنية في مكافحة الفساد تقوم على اربع مقومات اساسية ، أولها ، ان مكافحة الفساد قضية وطنية على درجة عالية من الاهمية والحساسية وتشكل اهتماماً واسعاً للرأي العام الاردني .
والثاني، ان ترسيخ معايير النزاهة في مؤسسات الادارة العامة تشكل الارضية السياسية والمجتمعية الضرورية لنجاح اعمال مكافحة الفساد، فيما يستند المقوّم الثالث على ان الاصلاح الاداري الشامل في مؤسسات الادارة العامة هو ما يعطي ادوات مكافحة الفساد الفاعلية والمهنية المطلوبة.
وقال أن ذلك كله يستدعي تطوير قدرات الجهاز القضائي وتعزيز سيادة القانون بما يُعطي منظومة مكافحة الفساد باكملها المصداقية السياسية المطلوبة لنجاح اعمال مكافحة الفساد.
وبيّن العلاف أن الاردن شهد خلال السنوات الماضية وبتوجيه من جلالة الملك تطورات نوعية واسعة في جهوده الوطنية لمكافحة الفساد، وقد رافق ذلك سلسلة من اعمال التشريع المنسجم مع التطورات في القطاعات المهنية المتعددة هدفت الى تضييق المساحات امام الفساد وتقليل فرص الاعتداء على المال العام وتطويق جرائم الفساد.
واشار العلاف الذي رأس وفد الاْردن في كلمته إلى جهود اللجنة الملكية لصياغة ميثاق ‘النزاهة الوطنية’ وإلى إعادة هيلكة هيئة النزاهة ومكافحة الفساد وصدور قانونها الجديد في منتصف عام 2016 الامر الذي احدث نقلةً نوعية في الوظائف والمسؤوليات الاساسية للهيئة.
وأضاف أن التجربة الاردنية في مكافحة الفساد شهدت تطوراً نوعياً في اتجاهين رئيسيين: الاول تناول مفهوم النزاهة الوطنية حيث تولت الهيئة مسؤولية ‘حماية حقوق المواطن من الاضرار المادية أو المعنوية التي يمكن ان تحدثها سياسات الادارة العامة أو قراراتها أو اجراءاتها’، إضافة إلى مسؤولية ‘ادارة وتطبيق منظومة النزاهة الوطنية’ بوصفها مكوناً اساسياً من مكونات مسيرة الاصلاح السياسي الشامل في الاردن بالاضافة الى كونها تشكل اساساً اخلاقياً ومهنياً لمكافحة الفساد.
أما الاتجاه الثاني فيكمن في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد 2017 – 2025.
وقال أن منظومة النزاهة الوطنية تشكل الارضية السياسية والمجتمعية الضرورية لنجاح مكافحة الفساد في الاردن.
وتهدف الى ترسيخ خمسة مبادئ في ستة اتجاهات، أما المبادئ فهي: سيادة القانون، والحاكمية الرشيدة، والشفافية في اعمال الادارة العامة، والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، والمساءلة والمحاسبة.
اما الاتجاهات فهي: السلطة التنفيذية، السلطة التشريعية، السلطة القضائية، القطاع الخاص، الاحزاب والنقابات، والهيئات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، ووسائل الاعلام.
وأكد العلاف في كلمته على أن منظومة النزاهة الوطنية والنصوص القانونية التي تنظمها، ستبقى في اطارها النظري ما لم تجسدها خطة عمل واقعية قابلة للتطبيق، وهذا تحديداً ما انجزته هيئة النزاهة ومكافحة الفساد وشركاؤها الاستراتيجيون خلال النصف الاول من عام 2016.
وتناول مخرجات الاستراتيجية الوطنية الأردنية للنزاهة ومكافحة الفساد التي وضعت لتنسجم مع معطيات الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد ولتحقيق الهدف الاستراتيجي الرئيس وهو (ايجاد بيئة وطنية مكافحة للفساد).
وأضاف قوله أن الجهود الدولية المشتركة توفر فرصاً أفضل للنجاح في الصراع ضد الفساد من الجهود الفردية للدول، ومن أجل ذلك تضمنت الاستراتيجية الوطنية الاردنية برامج شراكات استراتيجية وبرامج تعاونية مع عدد من الشركاء المحليين والاقليميين والدوليين.
ودعا العلاف المؤتمرين للعمل على إنجاح جهود الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد من خلال الخروج ببرنامج عمل ناجح، يعمل على تأكيد مبدأ وروح التعاون بين الأشقاء العرب، تأكيداً للعنوان العريض الذي تم اختياره كموضوع أساسي في هذا المؤتمر وهو (مكافحة الفساد في خدمة آمن الانسان والمجتمع).
وشارك في المؤتمر الذي استمر يومين ورعاه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قادة النزاهة ومكافحة الفساد في المنطقة العربية ومسؤولون حكوميون وممثلو منظمات غير حكومية وهيئات اقليمية ودولية ناقشوا على مدى يومين الجهود المشتركة للنزاهة ومكافحة الفساد كأساس لترسيخ الأمن بمفهومه الشامل وبأبعاده الاقتصادية والاجتماعية كما جرى تسليط الضوء على أحداث ومستجدات تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد في الدول العربية.
ويذكر أن الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد التي أُطلقت في البحر الميت عام 2008 تختص في دعم جهود الدول العربية ضد الفساد بما يتماشى مع الأولويات الوطنية استناداً للمعايير الدولية والإقليمية ذات الصلة وتضم في عضويتها 47 وزارة وهيئة حكومية وقضائية من 18 بلداً عربياً من ضمنها الأردن بشقيها الحكومي المتمثل في هيئة النزاهة ومكافحة الفساد وغير الحكومي المتمثل في التحالف الأردني مركز رشيد للنزاهة، ومركز الشفافية الأردني.