حول الإصلاح والتحول الديمقراطي في الأردن
د. أبوحمور: وضوح منهجية التحول الديمقراطي في الأوراق النقاشية لجلالة الملك عبدالله تبرز أهمية تكامل الحلقات السياسية والاجتماعية – الاقتصادية ودور المجتمع المدني
د. أبوحمور: منتدى الفكر العربي ساهم في تعزيز وتوسيع الحوار حول مضامين الأوراق النقاشية الملكية بمبادرة من رئيسه سمو الأمير الحسن بن طلال
د. أبوحمور: العوامل الدولية والإقليمية والداخلية أذكت العمل الإصلاحي الديمقراطي وأكدت أهمية العدالة في توزيع الفرص بين المواطنين
د. أبوحمور: تداعيات النزاعات في المنطقة العربية تتطلب تخطيطاً استراتيجياً ورؤية لإدارة الوفرة والندرة من داخل المنطقة لا من خارجها
مرايا – شارك الأمين العام لمنتدى الفكر العربي د. محمد أبوحمّور في المؤتمر الدولي “المساواة في الديمقراطية : مشاركة، عدالة، مواطنة”، الذي نظمه المركز الدولي لعلوم الإنسان وجامعة البلمند في مدينة جبيل بدعم وزارة الثقافة اللبنانية، وافتتح برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور وزراء ونخبة من البرلمانيين والسياسيين والدبلوماسيين والإعلاميين وممثلي قطاعات المجتمع المدني، إضافة إلى باحثين وأكاديميين من عدة دول عربية وأوروبية، وذلك مساء الأربعاء الماضي واستمر ثلاثة أيام 19-20/4/2018.
وفي ورقته الرئيسية في المؤتمر التي قدمها حول الإصلاح والتحول الديمقراطي في التجربة الأردنية ونالت اهتماماً واسعاً في أوساط المؤتمر، أوضح د. أبوحمور أن عملية التحول الديمقراطي تتطلب تحقيق التوازن بين المكوّنات السياسية والمكوِّنات الاجتماعية والاقتصادية، حتى لا تتحوّل العملية الديمقراطية إلى محصّلات عددية لنتائج العملية الانتخابية فقط، فمنظومة القيم والتقاليد الثقافية وأنماط التفكير، وإرساء مبادئ التفاوض، واحترام الآراء وتقبّل التباين في وجهات النظر، وتحقيق المساواة في الفرص والعدالة الاجتماعية، عوامل رئيسة في النهوض بأي تجربة ديمقراطية تريد التأسيس للهوية الوطنية الجامعة، والخروج من الولاءات الفرعية التي تعرقل الاندماج في البنية السياسية للدولة.
وقال د. أبوحمور: إن المنهجية المقترحة للتحول الديمقراطي في الأردن أوضحها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين من خلال الأوراق النقاشية الملكية السبع التي طرحها حتى الآن كمشاركة من جلالته في الحوار الوطني حول مستقبل العملية السياسية الأردنية، وذلك بتأكيد دور المسؤولية الجماعية “في احتضان القيم والممارسات الديمقراطية والاستمرار في تطويرها مستقبلاً، بحيث تتجذر في المنظومة القيمية والتربوية والتشريعية”، وبحيث يسير الحوار والعمل معاً بالتوازي في حوار بنّاء حول القضايا الكبرى التي تواجهنا، وثقة جلالته بأن رؤية المواطنين للعملية السياسية والإصلاحية هي فرصة للوصول إلى أفضل الأفكار والحلول.
وأضاف د. أبوحمور أن ذلك يجعلنا بالفعل أمام سابقة نموذجية في تاريخ الديمقراطيات في العالم عندما نجد أن التحول الديمقراطي والإصلاح فكراً وتطبيقاً، هما نتيجة طبيعية وغير مصطنعة للحوار بين رأس الدولة والمواطنين، وفي إطار حوار وطني عام، قائم على عمق الثقة المتبادلة بين الملك والشعب، والإيمان بقدرة الأردن على التعامل بحكمة واقتدار مع الصعوبات والتحديات، وبالتالي السير في الطريق السليم للبناء الديمقراطي والمستقبل الآمن.
وأشار د. أبوحمور إلى أن مجموعة من العوامل الدولية والإقليمية والداخلية أذكت العمل الإصلاحي الديمقراطي في إطار الرؤية الأردنية المستقبلية، وأبرز هذه العوامل خلال السنوات الأخيرة التداعيات والتحولات التي أفرزتها مرحلة “الربيع العربي”، ما أكد ضرورة تعزيز إمكانات تحقيق مسار يلبي احتياجات التحولات الاجتماعية الجديدة في المنطقة العربية؛ مشيراً إلى أن هذه التداعيات أكدت ضرورة العمل على إيجاد العدالة في توزيع الفرص بين المواطنين داخل القطر الواحد أو بين الأقطار العربية نفسها في إطار من التعاون والعمل المشترك، وإدارة الوفرة من حيث استثمار الطاقات البشرية، وأيضاً إدارة الندرة في استثمار المصادر المالية العربية لتجنب المزيد من انتشار جيوب الفقر والبطالة التي بلغت نسبتها في الوطن العربي حوالي 18% وهي النسبة الأعلى عالمياً وتمثل 3 أضعاف المتوسط العالمي للبطالة، فيما نسبة الشباب العربي حالياً 50% من مجموع السكان وستصل هذه النسبة إلى 70% في عام 2030، مما يمثل تحدياً كبيراً يتطلب التعامل معه تخطيطاً استراتيجياً ورؤية واضحة في المنطقة العربية حتى لا نصبح جزءاً من خطط الآخرين وأجنداتهم في هذه المنطقة، ولا سيما في ضوء الكلف الباهظة للربيع العربي والحروب التي تشهدها بعض الدول في المنطقة، والخسائر التي بلغت حوالي 1700 مليار دولار من الدخل القومي العربي.
وقال د. أبوحمور: إن الأردن استشعر ضرورة استحداث أجندة سياسية اجتماعية نابعة من واقعه الوطني للمبادرة بعملية إصلاح جذرية، ضماناً للاستقرار والتنمية، وتستند إلى ثلاث حلقات متكاملة : السياسية، والاجتماعية- الاقتصادية، والمجتمع المدني، وهو ما طرحه جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين في الأوراق النقاشية، معبِّراً عن رؤاه الإصلاحية في مؤشرات قابلة للقياس، تشمل المؤسسات الحكومية والتمكين الديمقراطي والمواطنة الفاعلة، وإعادة التوازن المفقود في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتعزيز الحاكمية، والارتقاء بالأداء الحزبي والنيابي، وتأكيد دور القضاء بوصفه حكماً مستقلاً بين مختلف السلطات والهيئات والأطراف. ووفق مبدأ التعددية وحماية الحقوق والحريات والتوازن بين السلطات، يمكن أن يؤدي كل طرف في المعادلة السياسية دوره على نحو فاعل ومتكامل مع بقية الأطراف وأدوارها، سواء الأحزاب أو النواب والمواطنين أو السلطة التنفيذية.
كما أشار د. أبوحمّور إلى مبادرة سمو الأمير الحسن بن طلال رئيس منتدى الفكر العربي وراعيه في مساهمة المنتدى بتوسيع دائرة النقاش والتحاور والتفاكر حول مضامين هذه الأوراق، وتعزيز مشاركة مختلف الأطياف الاجتماعية والسياسية والفكرية في سلسلة من اللقاءات الحوارية على مدار (18) جلسة، بدأت في نهاية العام 2012 وامتدت في غضون السنوات اللاحقة ويعمل المنتدى على استمرارها. وقال: إن هذه الحوارات ترافقت مع ما شهدته المنطقة والوطن العربي من تداعيات وتحولات سياسية واجتماعية واقتصادية منذ بدايات ما سمّي بالربيع العربي وحتى اليوم، مما أكسب هذه النقاشات والحوارات سمة استقرائية تحليلية متفاعلة ومتنوعة الاتجاهات، شارك فيها ما يزيد على (500) من ممثلي الأطياف الفكرية والسياسية والبرلمانية وقادة الرأي والإعلاميين والأكاديميين والاقتصاديين والقانونيين والقطاع الشبابي وقطاع المرأة، وكذلك ممثلو سائر الشرائح الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني، تمثلت خلاصتها في الكتاب التوثيقي للحوارات المُنجَزة الذي أصدره سبق أن أصدره المنتدى.