مرايا – ثمّن النائب العربي في الكنيست طلب أبو عرار، الدور الأردني في القدس، الذي يعوّل عليه المقدسيون كثيرا، داعيا الى إيجاد لجنة عليا تمثل الأردن والسلطة الفلسطينية، وكذلك فلسطينيي الداخل، وتشمل أيضا جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، لتشكيل هيئة عليا تعنى وتهتم بقضايا القدس والمسجد الأقصى، الذي يتعرض لِأنكى الهجمات والاقتحامات الهمجية لقطعان المستوطنين.

وقال في حديث لبرنامج “عين على القدس” الذي بثه التلفزيون الأردني مساء الاثنين، ان مدينة القدس تتعرض لهجمة شرسة وغير مسبوقة في كافة مجالات حياتها، وعلى جميع الأصعدة المعيشية لمواطنيها العرب، الذين يرزحون تحت عوامل ضاغطة لترك المدينة، ليتم تنفيذ المخطط التهويدي بشكل كامل، في اطار السياسات الممنهجة للحكومات الاسرائيلية المتعاقبة التي تعمل بعقلية واحدة لتنفيذ ذات المخططات التهويدية.

وأشار أبو عرار الى أن هذه السياسات يمكن رؤيتها من خلال تجنيد الخرائط الهيكلية التي تحوّل الأراضي الصالحة للسكن الى أراض خضراء، ومصادرة الأراضي لتحويلها إلى مشاريع استيطانية او لملكية سلطة الآثار والحدائق التوراتية، او الاستيلاء على العقارات والأراضي بحجة أنها أملاك غائبين، والتكاليف الباهظة للضرائب والتراخيص التي تحول بين الشباب المقدسي الذي يريد أن يؤسس مسكنا، وبين امكانياته المتواضعة التي لا يكفي عمره كاملا بتغطية تكلفة بناء بيت عادي، وغير ذلك من السياسات التعسفية الظالمة بحق المقدسيين.

وأكد أن النقب مثلٌ على سياسة اسرائيل التهجيرية التي تهدم بيوت عرب النقب بشكل متواصل، لافتا الى أنهم إزاء هذه الممارسات يقفون أمام تحد وجودي تستهدف مخططاته التهجيرية التي تصاعدت في السنوات الأخيرة، عرب النقب وقراهم ليتم اخلاء أرضهم، ليتم بناء مستوطنات وتجمعات يهودية على أنقاض بيوتهم وقراهم.

وتابع، قمنا بتأطير أنفسنا لنكون تحت مظلة قيادية واحدة عليا للمتابعة، انبثقت عنها لجنة التوجيه لعرب النقب المؤطرون في لجان متفرعة، وتم تشكيل مجلس إقليمي يشمل جميع اللجان المحلية في كل قرية غير معترف بها، او في كل قرية تتعرض لسياسة هدم البيوت، مشيرا الى أننا قد أصبحنا موحدين بالكامل لنقف جميعا وسوية أمام هذه السياسة بكافة أشكال الاحتجاجات المستمرة، وكذلك اللجوء الى السفارات والقناصل الأجنبية.

وأكد أنه كلما ازدادت اللحمة والوحدة في صفوف الداخل الفلسطيني، تستطيع أن تضغط لتغيير النهج التهجيري، ضاربا مثلا بمخطط “برافر” الذي قامت عليه الحكومة الإسرائيلية بشكل عنصري ليصادر 800 ألف دونم في النقب، واستطاعت الوحدة الميدانية العربية في الداخل من إفشال هذا المخطط، وبقي بدو النقب في قراهم، رغم أن بعضها لا يزال يتعرض للهدم المستمر، وسنواصل العمل لوقف هذا الهدم الجائر.

وأشار الى أن النواب العرب في القائمة العربية المشتركة في الكنيست، يعملون بجهد موصول، لانتزاع حقوق للمواطنين العرب المقدسيين، لأن السياسات الاسرائيلية لا صلاحية لها أصلا في أرض محتلة، لافتا الى أنها أخذت الغطاء لسياساتها التهويدية بعد الاعتراف الأمريكي، لتشريع قوانين عنصرية بامتياز، وتواصل سن المزيد منها لتكريس سياستها الاستيطانية والقانونية التي تثقل كاهل المقدسي من حيث الضرائب، ومن حيث التكاليف الباهضة التي تحرمه من السكن او حتى الإيجار في القدس.

وذكر أن الهدف من وراء تلك المخططات يأتي في إطار سياسة إجبار المقدسيين على الخنوع والاستسلام لترك المدينة لتفريغها وتغيير واقعها الديمغرافي، مؤكدا على أن الصمود الشعبي المقدسي هو الذي يحول دون ذلك، ويتصدى بصلابة لسلسلة الممارسات والقوانين العنصرية التي سنتها الحكومة الاسرائيلية، وتحديدا بعد الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لدولة اسرائيل.

من جهته لفت الخبير في شؤون الاسكان والعقارات في القدس، المحامي مهند جبارة، الى المعيقات الكبيرة التي يعاني منها الفلسطيني في القدس الشرقية من قبل الاحتلال الاسرائيلي، ملخصا هذه المعيقات بنوعين، تنظيمية وقانونية، مشيرا الى أن سلطات الاحتلال عملت بشكل ممنهج منذ الاحتلال عام 1967، على عدم المصادقة على مخططات مدن التي تمكن المقدسي من بناء مسكنه اِلآمن في القدس الشريف.

وتابع، في ظل هذه الظروف الاحتلال الاسرائيلي لم يعمل عمليا على منع المصادقة على مثل هذه المشاريع فقط، انما عمل على مصادرة الآلاف من الدونمات من أراضي القدس العربية، والقلة المتبقية من هذه الأراضي والعقارات تم مصادرتها او الاعلان عنها كأملاك غائبين لا يمكن التصرف بها، فيما يتمثل المعيق القانوني في أن اسرائيل قامت عمليا بسن قوانين عديدة تحد من امكانيات البناء الفلسطيني في القدس الشريف.

وتحدث أيضا عن القانون الثالث الذي يحد من امكانية البناء في القدس، وهو قانون الضرائب الذي يجعل المقدسي الذي ينوي بناء وحدة سكنية واحدة في القدس، تكلفه مئات الآلاف من الدولارات، فعلى المقدسي أولا دفع ضريبة الأملاك التي هي مفروضة على العقار بحد ذاته كونه كان فارغا، ولا يسمح للمقدسي بفتح ملف ترخيص قبل تسديد هذه الضريبة التي تشكل 5ر2 بالمائة من سعر الأرض سنويا، والضريبة الثانية هي التي هدفها عمليا دفع ضريبة مباشرة الى بلدية الاحتلال مقابل ما يسمى بتحسين الأرض على مدار السنين، وهي تطالب المقدسي في هذه الحالة بدفع مبلغ قد يصل عمليا الى أكثر من سعر الأرض.

وأوضح أن الاسرائيلي الذي يريد البناء في القدس بشطريها، هو عمليا يقوم بالحصول على هذه الأرض المنوي البناء عليها من أراضي الدولة التي تم مصادرتها من الفلسطينيين، مشيرا الى أن هذه الأراضي تسلم لليهودي خالية من أي شوائب بما فيها ضريبة الأملاك، وبخصوص ضريبة التحسين فإن هذه العقارات التي يتم توزيعها على المقاولين الاسرائيليين للبناء للأزواج الشابة، تقوم بتوزيعها ما تسمى بدائرة أراضي اسرائيل التي هي تعنى بشؤون الأراضي التابعة للدولة، وهي تشكل 93 بالمائة من أراضي دولة اسرائيل، ومساحة 7 بالمائة المتبقية هي اراضي الملكية الخاصة التي يملكها الفلسطينيون، وباقي الأراضي تم مصادرتها، وتقوم دائرة اسرائيل بتوزيع هذه الأراضي الى المقاولين للبناء عليها للأزواج الشابة اليهود الذين هم معفيون عمليا من ضريبة التحسين، لأن الدولة لا تدفع ضريبة التحسين.

وأشار الى القرار المهم جدا الذي صدر عن وزيرة القضاء الإسرائيلية “شاكيد”، التي تنتمي الى حزب البيت اليهودي المتطرف الذي يدعو الى الاستيطان في الضفة الغربية، مبينا أنه منذ الاحتلال عام 1967، وحتى اليوم، جمدت اسرائيل كامل عمليات التسوية التي بدأت بها المملكة الأردنية الهاشمية في سنتي 1963-1964، في مناطق وأجزاء كبيرة من شرقي مدينة القدس.

وقال ان اسرائيل اتخذت قرارا سياسيا بتجميد كل عمليات التسوية التي بدأ بها مأمور التسوية الأردني، مشيرا الى أن هذا لم يكن عبثا، وإنما كان بهدف عرقلة وخلخلة الموازنة العقارية في شرقي القدس، بمعنى أن المقدسي المعني بإقامة مسكن له في القدس، هو يعاني من مشكلة إثبات الملكية الخاصة في قطعة الأرض المتبقية له بعد كل هذه المصادرات، لأن مأمور التسوية الإسرائيلي جمد كل عمليات التسوية منذ أكثر من خمسين سنة من الاحتلال.

واوضح ان هذا الامر يؤدي الى امكانية فتح ملفات ترخيص في بلدية الاحتلال، مثلما يشكل مفارقة كبرى حيث قامت المستشارة القضائية لبلدية الاحتلال باستصدار تعليمات في عام 2010، الى موظفي البلدية بعدم الموافقة بفتح أي ملف ترخيص لأي مقدسي إلا بعد أن يكون مسجلا في الطابو الإسرائيلي، وهذا يعني وقف عمليات الترخيص في القدس، لأن أكثر من 90 بالمائة من الملكيات في القدس لم يتم التقدم بها في عمليات التسوية، وبقيت على الوضعية التي انتهى اليها مأمور التسوية الأردني.