مرايا – شؤون اقتصاية – بدأ قطاع السياحة في الاردن بالتعافي بعد أن أثرت عليه أزمات المنطقة وصدمات الربيع العربي، وذلك بفضل استراتيجية جديدة تهدف الى استقطاب أسواق جديدة وتنويع إيرادات هذا القطاع الحيوي.
وتضرر قطاع السياحة في الأردن إثر أحداث الربيع العربي عام 2011 وسيطرة تنظيم الدولة الاسلامية عام 2014 على مناطق واسعة في الجارين العراق وسوريا. ولكن الوضع بدأ بالتحسن خلال العام الماضي بعد القضاء تقريبا على الجهاديين.
ويقول مدير هيئة تنشيط السياحة عبد الرزاق عربيات لوكالة فرانس برس ‘ارتفعت أعداد السياح العام الماضي بنسبة 10 بالمئة مع وصول أربعة ملايين و350 ألف سائح، فيما ارتفع الدخل السياحي بنسبة 12,5 بالمئة مسجلا 4,6 مليار دولار’.
وأكد أن ‘عامي 2011 و2012 كانا من أكثر السنوات تأثيرا على قطاع السياحة في الاردن بسبب الربيع العربي (…)، إذ انخفضت أعداد السياح الى حوالى ثلاثة ملايين ومئتي ألف شخص’، بعد ان كان وصل عددهم الى حوالى سبعة ملايين سائح عام 2010.
وجرت معارك عنيفة في جنوب سوريا الحدودي مع الاردن خلال سنوات النزاع الاولى، ما تسبب بإقفال الحدود، وخصوصا بتدفق اللاجئين الذين تجاوز عددهم المليون في المملكة. لكن حدة النزاع تراجعت في الجنوب منذ حوالى سنتين.
ويقول عربيات ‘كلما استقرت أوضاع المناطق المجاورة للاردن، كلما أثر ذلك ايجابا على قطاع السياحة وأعداد السياح والايرادات… الامور بدأت تبشر بالخير، والارقام بدأت بالارتفاع’.
– تنويع الاسواق والموارد –
ويعتمد اقتصاد الاردن البالغ عدد سكانه حوالى 9,5 مليون نسمة، وتشكل الصحراء نحو 92% من مساحة أراضيه، الى حدّ كبير على دخله السياحي الذي يشكل ما بين 12 الى 13 من إجمالي الناتج المحلي.
ويلجأ الاردن الى توسيع مروحة الترويج لمواقعه السياحية لاستقطاب سياح من جنسيات متعددة، ولأنواع السياحة فيه. ويفخر خصوصا بتحوله الى وجهة للسياحة العلاجية.
ويقول رئيس جمعية المستشفيات الخاصة في الأردن فوزي الحموري لوكالة فرانس برس ‘سنويا يدخل الاردن ما بين 250 الى 300 ألف مريض تتراوح إيراداتهم بين مليار الى 1,5 مليار دولار’.
ويضيف أن مجلس الوزراء اتخذ قرارا بتسهيل دخول أشخاص يحملون جنسيات كانت تخضع لقيود (العراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان وتشاد واثيوبيا)، ‘لغايات العلاج’، و’سيتم منحهم ومرافقيهم تأشيرة دخول خلال 48 ساعة’، متوقعا ان يؤدي ذلك الى زيادة عدد القادمين لغايات علاجية.
ويروي العراقي سامر مصطفى (50 عاما) الذي أجرى عملية قلب مفتوح في أحد مستشفيات عمان الخاصة من أجل زراعة ثلاثة شرايين تاجية للقلب بتكلفة بلغت حوالى 15 ألف دولار، أن ما دفعه لاختيار الاردن ‘الاستقرار الامني ونظافة المستشفيات وعدم انقطاع التيار الكهربائي فيه والمواعيد الدقيقة والاهتمام الكبير بالمريض بعد العملية’.
ويضيف ‘الجو في الاردن يتميز بالنقاء والبرودة، ما يساعد المريض على التعافي بشكل افضل’، مشيرا الى انه أمضى شهرا كاملا في الاردن بعد العملية أنفق خلالها حوالى أربعة آلاف دولار وزار مواقع أثرية وسياحية.
ويقول الحموري إن ‘إيرادات السياحة العلاجية تشكل 4 بالمئة من الناتج القومي الاجمالي، ويشغل هذا القطاع بشكل مباشر 35 ألف موظف’.
ويأتي المرضى خصوصا من السعودية والعراق وليبيا والسودان واليمن وسوريا وفلسطين.
– السياحة الاثرية والدينية –
ويتحدث عربيات عن ‘استراتيجية جديدة للتسويق’ للسياحة في الاردن، من خلال التعريف، بالاضافة الى السياحة الطبية، بـ’سياحة المغامرة والسياحة الدينية وسياحة التاريخ والآثار وسياحة الأفلام وسياحة تنظيم الأعراس…’.
ويشير الى ان ذلك يتم ‘عبر كل محركات البحث العالمية من +غوغل+ و+تريب آدفايزر+ و+أكسبيديا+ و+فيسبوك+ و+تويتر+ و+إنستغرام+’.
في جبل القلعة، أكثر المناطق جذبا للسياح في عمان والواقع على ارتفاع 800 متر، يقول السائح الفرنسي إيمانويل رينيوم لوكالة فرانس برس ‘إنه بلد غني ثقافيا، أنظر خلفنا. هناك بقايا معبد روماني وكنيسة بيزنطية ومسجد أموي، إنه مشهد رائع’.
ويؤكد عربيات ان لدى الاردن ’21 ألف موقع أثري وتاريخا يمتد لنحو عشرة آلاف سنة قبل الميلاد’. وأبرز هذه المواقع مدينة البتراء الاثرية الوردية، والبحر الميت الذي يعد أكثر بقعة منخفضة على وجه الارض والذي له خواص علاجية، والمغطس حيث يقول التقليد إنه موقع عماد السيد المسيح، وصحراء وادي رم التي تشبه تضاريسها سطح القمر وحيث تم تصوير العديد من الافلام الاجنبية.
ويشير إلى أن ‘هناك أسواقا سياحية جديدة ترتفع بشكل كبير’ في آسيا، ‘من ماليزيا واندونيسيا والصين والهند’. و’بين السياح أولئك الذين يأتون لسياحة إسلامية ويزورون السعودية وفلسطين ثم الاردن’.
ويتابع ‘كما يأتينا سياح من أسواق بعيدة كأميركا اللاتينية والولايات المتحدة والمكسيك والصين واليابان في برامج زيارات مشتركة مع مصر ودول الجوار’.
ووقعت وزارة السياحة في شباط/فبراير اتفاقا مع شركة ‘راين إير’ الايرلندية المنخفضة التكاليف لإطلاق 14 خط طيران جديدا بين أوروبا والمملكة. ويتوقع أن تحمل هذه الخطوط نحو 300 الف سائح إضافي من أوروبا سنويا الى المملكة.
ويعبر العاملون في قطاع السياحة الاردني بدورهم عن سرورهم بانتعاش هذا القطاع.
ويقول صاحب شركة سفر وسياحة سلامة خطار ‘الوضع ممتاز جدا والسياحة بدأت منذ آب/اغسطس من العام الماضي بالعودة الى ما كانت عليه عام 2010’، مضيفا ‘لم يمر علي موسم مثل هذا الموسم بتاريخ حياتي’.
ويشير الى ان لدى شركته حجوزات لغاية نهاية العام الجاري وبداية العام المقبل.