مرايا – كتب : محمد فخري – قرية نورس بحيفا هي قريتنا ومسقط رأسنا، سنة 1948 مع النكبة لجأنا زي هالناس وأستقرينا بمخيم جنين ، إنولدت بعد النكبة بفترة كبيرة بس هالحكي لا يعني إنه أنسى مرارة لجوء أهلي ومعاناتهم وإنه تهجرت ، كبرت ودرست بمدارس الوكالة وكنت بالمظاهرات أشتبك وأرمي حجار زي هالأولاد ، كنت حاب أكبر بسرعة وأحاول ألقى مدخل أو طريق مشان أصير أتدرب على سلاح وأقتل صهاينة لإنه الحجر لازم يتطور ولازم أقتل هالجنود ، كبرت وإشتغلت بالبناء وكانت حياتي عبارة عن شغل ومسجد وصيام بأيام الإثنين والخميس ، تزوجت وربنا رزقني بدعاء وعبد الله لهون كانت حياتي عادية ، سنة 2000 بإنتفاضة الأقصى بلشت حياتي تتغير ، إنضميت لحركة الجهاد الإسلامي بعد ما تعرفت على محمد بشارات مقاتل من حركة الجهاد ، وشوي شوي تدربت على السلاح وبلشت أطخ نار على الحواجز الصهيونية وبعدها على الطرق الإلتفافية اللي عند المستوطنات وبعد فترة من هالحكي وجهد أثبتت حالي وصرت قائد سرايا القدس ، تطورت الأمور عندي وصرت الصانع الأول للمتفجرات يمكن بفلسطين كلها وعلى درب العياش كنت ، وغير هيك صرت أجهز إستشهاديين وأبعثهم على مناطق محتلة يفجروا حالهم ، كانت صناعة المتفجرات اشي مش سهل ، من 6 طن بدك تصنع وتستخلص 2 طن وكانت تقعد معي 10 أيام ، ما كنت أثق بحد الا بشغل ايدي ، نفذنا 12 عملية استشهادية راح فيها 38 قتيل وحوالي 263 جريح ، وبأحد المرات وديت أخوي الصغير مراد على حيفا يفجر نفسه ، وعادي كان هذا اشي مشرف لأخوي واللي بتمناه أنا حققه أخوي ، وصار معاه مشكلة وما قدر يفجر الحزام وإنمسك ، إنعرف إسمي ” محمود طوالبة” للكيان وإنطلبت حي أو ميت ، ونجيت من محاولتين إغتيال بعد ما قصفوا سيارة استشهد فيها مجدي وعكرمة ، ومرة زرعوا عبوة ناسفة وقدرت أهرب ، وكملت بالطريق هاي ورا هالإحتلال لحد ما يحل ، كانت فكرتي بتتلخص على إنه نرعب الصهاينة بغض النظر عن الإمكانيات والنتائج ، لازم يضلوا حاسيين إنهم بخطر ،الكيان حطني على قائمة إنه ‘محمود طوالبة’ أخطر المطلوبين وسلموا تقارير للسي أي أيه الأمريكية وCIA طلبوا السلطة تتصرف لانهم ما قدروا يمسكوني ، بالفعل السلطة تصرفت وإعتقلوني سنة 2001 وصار في مظاهرات قدام المركز الأمني كإحتجاج على اعتقالي ونقلوني على سجن جنيد ، وبعد النقل الكيان قصف السجن بهدف قتل كل اللي فيه بس العناية الإلهية كانت موجود ما صابني أذى قدرت أهرب ،،
وراحت القصة لحد وبعد تفجير فندق نتانيا وتوسعت المقاومة وهون قرر الكيان انه يعمل عملية اجتياح شاملة للضفة ومنها جنين ويقضوا على المقاومة ، وهون كان القرار مني أنا ومن القادة ومن كل الفصائل إنه نتوحد بالمخيم ونتماسك ونعمل جدار يمنع إجتياح هالمخيم حتى لو كلفنا أجسامنا تكون جدار ، كنا حوالي 200 مقاتل بمساحة 1 كم ، وكان الكيان أكثر من 5000 جندي و 400 دبابة و 125 جرافة و 50 طيارة ، بأول يوم قدرنا نعطب 3 دبابات ميركافا وقتلنا 4 جنود وإصابة 16 جندي وبلشت حربنا للدفاع عن هالمخيم ، بيتي كان أول بيت بالمخيم وكنت متوقع رح يقتحموا ، عبيته متفجرات وبالفعل دخلت دورية فيه وفجرت البيت فيهم ، وكان لسا في 4 جنود رميت عليهم قنابل وقتلتهم وإستفتحنا فيهم ، وبلشنا كمائن للجنود ولآلياتهم ، وبعدها زرعت عبوة متفجرات 70 كيلو غرام تحت دبابة وكان الهدف من زراعتها إنه الدبابة فيها عدد جنود أكبر من الجرافة وتفجيرها رح يفسخ عقود بيع للكيان مع تركيا واليابان ، كان الهدف كلشي بضر الكيان لازم نعمله ، فخخت الشجر والعمدان والجدران والبيوت حتى الهواء لو قدرت أفخخع كان فخخته، كمائن بكل مكان ، محاصرة جنود ، أخذنا سلاح وأسرنا جثث لنفاوض عليهم ، رمضان شلح حكى معي وحكالي :
يا محمود المعركة كر وفر !
رديت عليه وحكيتله :
المعركة عندي فش فيها كر وفر ، أنا بدي أفر من اليهود اللي كنت أوديلهم ناس يفجروا حالهم فيهم !
طلبوا منا هدنة مشان يسحبوا جثث جنودهم ويعاينوا الوضع ، وحكيت الهم ما في هدنة وكملنا ضرب فيهم ، وصلنا لمرحلة جنود الكيان حسوا انهم تورطوا معنا ، باليوم السابع على إجتياح جنين 7/4/2002 عملنا أكثر من كمين لمجموعة جنود وقدرنا نقتل 15 جندي وإصابة 7 ، وكمين ثاني لآلياتهم ، ورمينا قنبلة بمركز الهم يعني هذاك اليوم كان كارثي عليهم ، رد الفعل كان إبادة المخيم !
قصفوا المخيم بالطيارات وهدوه على روسنا ، أنا والقادة تحاصرنا بمنطقة جورة الذهب وخلص سلاحنا وصار المقاومين يركضوا على الدبابة بايديهم ويحاولوا يشتبكوا مع الجنود بالإيدي واللي معاه قنبلة يرمي حاله بالدبابة ويفجرها بحاله بس للأسف قصفونا بصواريخ أباتشي وإستشهدت أنا والقادة وكان عمري ما بتجاوز 24 سنة !
كنت بعمر ما بتصور أي عقل بشري إنه هالإنسان بالعمر هذا أرعب الكيان وأذله ، بعد 12 يوم من إجتياح جنين كان الشهداء مجموعهم 53 قائد و27 مدني وحوالي 400 جريح ، وكان فاطس منهم 56 جندي و142 جريح ،،
جثتي ما بينت بين هالأنقاض ، سكان جنين وأهالي المنطقة كل واحد سمع خبر استشهادي قلبه دق بسرعة كأنه بمصعد كهربائي وبدنه قشعر ، ما قدروا يصدقوا إنه أبو عبد الله إستشهد ، ما إستوعبوا فكرة إنه الجينرال محمود طوالبة رح يستشهد !
الحجر والشجر والزقق وكل مكان بجنين افتقد الجينرال ، بعد الإجتياح عانى جنود الكيان اللي نجوا من المخيم من أمراض نفسية وأمراض توحد واضطرابات ، وترمج من الخدمة جنود كثير ، شافوا الرعب والموت بعيونهم ، وكان قدرهم يكونوا أحياء ليحكوا لأسلافهم عن صمود جنين ،
صمد المخيم وصمد أهله ومقاومينهم وأثبت هالمخيم إنه كل مخيمات اللجوء هي أصل الحكايات .