مرايا – كشف وزير المالية عمر ملحس أن الملامح الأبرز لمشروع قانون ضريبة الدخل تتمحور حول محاربة التهرب الضريبي وتحسين التحصيل الضريبي، من خلال تغليظ العقوبات والتعامل مع جريمة التهرب من وصفها جنحة لجناية.
وبين ملحس، خلال مشاركته في المنتدى الاقتصادي الأردني أمس، أن دائرة التحقيقات المالية التي ستستحدث للعمل بتقنية عالية سيكون دورها المحوري المساعدة في محاربة التهرب الضريبي.
وأكد نائب رئيس الوزراء وزير الدولة للشؤون الاقتصادية، الدكتور جعفر حسان، أهمية أن يكون لدينا سياسة مالية ونقدية مرنة ومنيعة، لافتا إلى أن ذلك يتطلب حجم مديونية أقل بكثير من المستويات الحالية كنسبة من الناتج المحلي، ليكون بمقدرونا تحفيز الاقتصاد من خلال السياسة المالية والسياسة النقدية، وبشكل متصل مع الدورة الاقتصادية.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية ضمن أعمال المنتدى الاقتصادي الأردني الذي نظمته اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب أمس، وشارك فيها محافظ البنك المركزي الدكتور زياد فريز ووزير المالية عمر ملحس ارتكزت حول السياسات الاقتصادية العامة، وترأس الجلسة النائب خيري أبو صعيلك رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار.
وبين حسان أن المنطقة في حالة تحول مستمر ولا بد أن نتكيف مع ذلك، وأن لا يكون عملنا مبني على مبدأ الانتظار حتى تعود الأمور من حولنا إلى سابق عهدها، مشيرا إلى أن ذلك لن يحصل، ولكنه لا يعني أن ظروف المنطقة لن تتحسن كذلك.
ولفت حسّان إلى أن الأولويات السياسية كانت تحكم إلى حد بعيد السياسة الاقتصادية والمالية في معظم سنوات العقد الماضي، خاصة أثناء الربيع العربي، وكان هناك اعتماد كبير على المنح والاستدانة، على اعتبار أنها مرحلة طارئة وعابرة وضرورية لحماية الاقتصاد، ولكن لم يعد بإمكاننا الاستمرار بهذا النهج.
وشدد على أن بناء قدراتنا ومفهوم الاعتماد على الذات في مواجهة التحديات الحالية ضروري وأساسي إذا ما أخذنا كل المعطيات الاقليمية، لأنه لا خيار لنا غير ذلك، مشددا، في هذا الإطار، على أهمية أن نتفاءل بالمستقبل فمجتمعنا وامكانياتنا الحالية تدعونا إلى ذلك بصرف النظر عن المعقيات والتحديات حولنا.
وفي معرض حديثة عن خطة تحفيز النمو، أشار إلى أنها تهدف إلى تحشيد جهود جميع المؤسسات والوزارات للاسراع بتنفيذ البرامج والخطط والاستراتيجيات التي كانت معدة خلال السنوات الماضية والتي كانت في كثير من الأحوال تواجه التردد والتأخر في تنفيذها.
وقال إن هذه الخطة جديرة بالتنفيذ ومبنية على رؤى واضحة، وغيرنا طبق تلك الرؤى ونحن بقينا نتحدث عنها، مبينا أن الخطة تشكل مشروع ومظلة لعمل وجهود كل المؤسسات، وهي قابلة للتطوير المستمر.
وفيما يتعلق بضمانات تنفيذ الخطة ومتابعة الإنجاز فيها، قال حسان وضعنا آلية واضحة لذلك فجهودنا مكرسة على أن نكون شفافين قدر الإمكان في تحديد العمل بالخطة التي تتضمن 97 برنامجا و92 إجراء إصلاحيا و23 مشروعا استثماريا، وجميعها تنعكس ضمن خطوات محددة مدرجة في رزنامة شهرية تتابع بشكل شهري، ويعلن عنها تأكيدا على الشفافية والمساءلة في العمل.
وفي هذا الإطار، بين حسان أن بعض الإجراءات التي يعلن عن إنجازها تبدو وكأنها روتينية، ولكنها في الواقع متممة لبعضها البعض حتى نستطيع فعلا أن نضمن في نهاية كل عام أن البرامج تنفذ ولا تراوح مكانها.
ولفت حسان إلى أهمية تهيئة القطاعات الإنتاجية لمتطلبات المنافسة للعقد المقبل؛ حيث أننا لا نتنافس مع أنفسنا إنما مع غيرنا، والمنافسة تزداد شدة من حيث الانتاجية والمدخل المعرفي والرقمي، في مختلف القطاعات ولا بد كذلك من العمل على تعزيز مدخلات الطاقة والعمل في الصناعات الانتاجية مع تسهيل الاجراءات وضمان بيئة أعمال منافسة.
ومن جانبه، أكد محافظ البنك المركزي، الدكتور زياد فريز، ضرورة الالتزام الكامل والضروري في برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي الذي بدأته الحكومة دون العودة عنه أو التباطؤ في تنفيذه، نظرا للضرورة القصوى التي تتطلبها المرحلة للاستمرار في الحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي في المملكة.
وأشار فريز إلى أن خطة التحفيز والنمو جاءت لمعالجة الثغرات التي تكتنفها عملية الإصلاح الاقتصادي التي بدأت الحكومة بها لضمان عدم تأثيرها على نسب النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات وتشغيل العمالة، مشيرا إلى أن الخطة عملت على توحيد الجهود الحكومية من مؤسسات ودوائر بشكل منسق وفترات زمنية محددة لتنشيط عملية الاقتصاد وزيادة معدلات النمو الاقتصادي.
وبين فريز أن عملية الإصلاح الاقتصادي تحتاج إلى عدد من الإجراءات؛ أولها ضبط النفقات والاعتماد على الذات في إعداد الموازنة ووجود نظام مالي ونقدي مستقر وقادر على جذب الاستثمارات والوصول إلى ثقة المستثمرين والمواطنين، وهذا ما تقوم به الدولة من خلال عملية الاصلاح الاقتصادي.
وأوضح أن السياسة المالية التي تنتهجها الحكومة جاءت لتضيف إجراءات للحد من عجز الموازنة وتقليل الحاجة إلى الاقتراض من خلال ترشيد الانفاق، في حين أن السياسة النقدية جاءت في المقابل لضبط النظام المالي والنقدي والمحافظة على هدف رئيس وهو استقرار أسعار الصرف للدينار مقابل الدولار ووجود سعر ثابت للمستثمرين، وهذا ما شملته عملية التحفيز الاقتصادي الذي انتهجته الحكومة.
وحول سعر الصرف والسياسة النقدية، قال فريز إن القانون أناط بالبنك المركزي مسؤولية الاستقرار المالي، مؤكدا أن إجراء ربط الدينار في الدولار منذ العام 1995 حتى الآن أثبت نجاعته في استقرار السياسة النقدية.
وبين أن المحافظة على استقرار الصرف والسياسة النقدية المستقرة هدف استراتيجي لدى البنك المركزي وكإدارة يومية لتحقيق هذا الهدف والسعي إلى الإبقاء عليه مستقرا من قبل البنك المركزي.
وحول سياسة وإجراءات سعر الفائدة، أكد فريز أن العديد من الدول تجاوزت فيها أسعار الفائدة مستويات أسعار الفائدة بالمملكة بنسب كبيرة مثل لبنان ومصر وتركيا، عدا عن سياسة البنك المركزي الأميركي.
وقال إن العالم يتحدث اليوم عن ذهاب عهد أسعار الفائدة المنخفض وجاء عهد الفوائد المرتفعة وهناك اليوم حاله ترقب أن يصدر الفدرالي الأميركي قرارا برفع أسعار الفائدة وعلى كافة الدول التي ترتبط بهذا النظام رفع أسعار الفائدة خلال اسبوع للحفاظ على جاذبية سعر الصرف لعملتها.
وأشار فريز إلى أن البنك المركزي قام بإطلاق العديد من المبادرات للقطاع الخاص وفتح المجال للمشاريع الصغيرة والمتوسطة؛ حيث خصص ما يقارب مليار دينار لمشاريع تعمل في قطاعات عدة أهمها الزراعة والصناعة والطاقة والطاقة المتجددة والسياحة بأسعار فائدة مخفضة يتم تقديمها من خلال الاجهزة المصرفية ولمدد طويلة وشروط سهله تصل الى 15 عاما في بعض القطاعات مثل قطاع الطاقة المتجددة، مؤكدا أن حجم الاستفادة من هذا البرامج وصل إلى ما يقارب 400 مليون دينار.
وقال إن البنك المركزي يحرص على تقديم الخدمات المالية لكافة النشاطات الاقتصادية لأكبر عدد من السكان من خلال سياسة الاشتمال المالي، مبينا ان الذين يتعاملون مع الجهاز المصرفي الأردني وصل إلى 41 % بعدما كان لا يتجاوز 25 % في العام 2012.
وبين أن تأثير الفوائد المنخفضة كان لها أثر على نمو القروض الاستهلاكية بشكل كبير جدا، مشيرا إلى أن آخر خمس سنوات زادت 35 % ومنها قطاع السيارات وقطاع الاسكان وهذه الزيادة كبيرة وتشجع على الاستهلاك.
وقال “إننا مقبلون على تغير كبير في البيئة الاقتصادية والأعمال؛ حيث التطور التكنولوجي سيؤدي إلى غياب بعض الصناعات والوظائف وظهور وظائف جديدة لهذا بدائنا في بما يسمى التكنولوجيا المالية والتي ستوفر فرص عمل كبيرة للشباب.
وأشار إلى ارتفاع نسبة التسهيلات الائتمانية الممنوحة للقطاع الخاص، ما يشير إلى أن هناك نشاطا اقتصاديا.
وبين أن كافة المؤشرات الدولية تشير إلى أن المملكة ستحقق نسب نمو بنسبة 2-3 % بالرغم من أن اغلب دول العالم تعاني من نسب النمو في العمل والسياسة المالية لديها، مؤكدا أن “نجاحنا في الوصول إلى نسب نمو تتراوح ما بين 1.5-2 % يعتبر إنجازا ويدل على الاستقرار المالي والاقتصادي للمملكة”.
وأكد أن سياسة البنك المركزي تقوم على الحفاظ على النظام المصرفي، فوجود نظام مصرفي قوي يمثل صخرة تحمي العملية الاقتصادية.
من جانب آخر، قال وزير المالية، عمر ملحس، إن تحقيق معدلات نمو اقتصادي يتطلب جذب المزيد من الاستثمارات، وهذا لا يتحقق إلا إذا كان هنالك استقرار اقتصادي، وهذا مرتبط بالاستقرار المالي.
وبين ملحس أن الاقتصاد الوطني ما يزال يواجه تحديات تتمثل في وجود عجز بالموازنة وارتفاع حجم الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي وزيادة نسب معدلات البطالة.
وأشار إلى تنفيذ الوزارة برنامج الاصلاح المالي والاقتصادي الذي بدأ العمل به منذ العام 2016 وكان يتوقع أن يأتي الى المملكة خلال الأعوام 2018 – 2020 مليار دينار منح سنويا إلا ان المنح تراجعت إلى 700 مليون وانخفضت إلى 300 مليون العام 2021.
وبين أن المنح لا تشكل في الوقت الحالي 2.5 % من الناتج المحلي الاجمالي بعد ان كانت قد وصلت الى 22 % خلال سبعينيات القرن الماضي.
وبين أن مشروع قانون ضريبة الدخل سيعرض على مجلس السياسات الاقتصادي يوم الاحد المقبل ثم يعرض على مجلس الوزراء الاسبوع المقبل.
وقال إن نصف التعديلات في مشروع قانون ضريبة الدخل تتعلق بمحاربة التهرب الضريبي ويتضمن مواد على التعامل مع المكلفين من باب حسن النوايا وفتح صفحات جديدة مع المكلفين. ولغايات تحصيل ومحاربة التهرب الضريبي، قال الوزير إنه سيتم إنشاء وحدة متخصصة لإدارة التحقيقات المالية ستعمل على معالجة مواضع التهرب الضريبي.