مرايا – محمد فخري – تهجرنا من من بلدتنا سوفير ورحنا ع غزة على مخيم المغازي ، طبعا بالمخيم ما سكنا بقصر ولا فيلا ، سكنا ببيت أو حتى ما بتسمى بيت ، كنا ساكنين بغرفة وبالإيجار وصعب إنه حد يوصله شعور ومأساة أهل غزة ، كنت كل يوم أقف ع شباك الغرفة وأسمع شو الناس بتحكي إنه في مسيرة عودة وفي كوشوك وفي ناس بدها تطلع ، ثاني يوم ع الفجر أتحمم وأصلي وأطلع على المسيرة أنا وأخوي محمد ، وأضل هناك للمغرب وبعدين أروح ، كنت أساعد الشباب وأوصللهم مي وأوديلهم حجار ، وأساعدهم بأي اشي بقدر عليه ، وحتى إنه كنت أوصل السلك وبيني وبين الأرض المحتلة 10 متر وأرمي حجار ع الجنود ، وكثير صحفيين صوروني بين الدخان وعند السلك ‘ هيك كل يوم بين الدخنة ومسيل الدموع حتى إنه اذا بيوم ما شميت دخنة ومسيل دموع راسي بوجعني ، يعني هذا الإشي كان فرض من فروض المقاومة ، إذا سكان غزة ما طلعوا ع المسيرة وما استشهدوا وإنصابوا نجيب مين يطلع ويتستهد عنا !
حتى الصغير قبل الكبير لازم يطلع ، أمي بتحكيلي لا تطلعي ولا تروحي من خوفها علي ، بس حكيت إلها إنه إذا ما رجعت بكون شهيدة وبشفعلكوا بالجنة وإذا رجعت بنقرب شوي من بلدتنا المحتلة ومن مطالبنا ، لازم يما نرجع ع سوفير ونرتاح من غزة ومن إجار هالغرفة ، بتاريخ 13/5/2018 كنت ع شباك الغرفة إسمعت إنه ثاني يوم في حشد ولإنه قربت ذكرى النكبة كان واضح إنه هاليومين في غليان ، تعشيت مع خواتي وحكيت الهم “قد تكون هذه لقمتي الأخيرة بينكن ، فقد أعود غداً شهيدة” وحكيت بالفصحى ، وهاي كانت أمنيتي إنه يكون كل كلامي وكل كلام الدنيا بالفصحى ، أمي سمعتني وخافت كثير وحست إني رح أطلع ما أرجع ، ثاني يوم سكرت الباب علي ومنعتني أطلع وحكتلي ما في تطلعي وكانت خايفة كثير ، أنا إنقهرت وصرت أعيط وحكيت لأمي :
والله لو تيجي كل الدنيا غير أطلع ، صرلي شهر بستنى بهذا اليوم بدك تحرميني منه ، يمكن أرجعلك شهيدة ، وبعد ترجاية وعياط خلتني أطلع ، وصلت أنا وأخوي محمد لعند خيام العودة ، تيممت بالرمل وصليت ركعتين وما لحقت ساعة من حد ما وصلت إلا رصاصة بمخي من وين أجت وكيف ما عرفت ، وقعت على الأرض ونص مخي طلع ع الرمل وخلصت حياتي ، أخوي محمد ركض ع الدار وراح يعيط عند أمي وحكالها وهو بعيط :
يما وصال أختي إستشهدت وأخذوها الإسعاف وما خلوني أطلع معها .
ركضت أمي ع المستشفى وبلشت تسأل الدكاترة والممرضين وكل واحد بتشوفه عني وتحكيلهم : إسم “وصال الشيخ خليل بنت عمرها 15 سنة” شهيدة عندكو !؟
كل اللي بالمستشفى حكولها ما في حد بهيك إسم عنا ، أمي إرتاحت شوي وتأملت إنه يمكن تكون مصابة ، بس في صحفية حكت الها إنه في بنت مجهولة الهوية بالثلاجات ، أمي رجليها ما حملوها ومشت لعندي شوي شوي وبتسحب بحالها سحب من الرعب وهي رايحة تشوف جثة بنتها ، وبس فتحت الثلاجة لقتني قدامها زي ما توقعت ، عيطت علي كثير وحزنت كثير بس شو بدها تعمل !
هاي حال غزة وسكانها ، بدنا نرجع ع بلادنا ونرتاح من غزة وقرفها وايجارات البيت ، وبدي أشفعلكم بالجنة ، أصلا بغزة كان بهذاك اليوم كان في 62 شهيد و 3188 مصاب ، أنا إستشهدت واليهود فكروا إنهم خلصوا من واحد من مليون متظاهر بس ما بعرفوا إنه في بدالي 5 رح يطلعوا ، خواتي الثلاثة وأمي وأخوي ، ولو اليهود قدروا يمنعوا المليون رح يطلع بدالهم 5 مليون ، لإنه الرصاصة إللي بتقل شهيد بتحيي 5 من عيلته .
#الشهيد_ليس_رقمًا،