مرايا – هكذا هي السياسة بكل معنى الكلمة اليوم ، لا تحالفات تدوم ، ولا توافق في كل الملفات في كل الاوقات ، أسوق هذا الحديث وانا اطالع ما ذهبت اليه التصريحات المتبادلة كرشق المطر بين موسكو وطهران مرورا بدمشق موضع الاتفاق قبل ايام وموضع الخلاف اليوم .
وهنا لا بد ان نعلن ان العلاقة الروسية والايرانية باتت على مفترق طرق، خصوصا بعد لهجة التحدي التي نطالعها في التصريحات بينهما ، اذ تقول طهران أنه لا أحد يستطيع أن يجبرها على مغادرة سوريا، في ما بدا تحدّيا لموسكو التي دعت إلى خروج جميع القوات الأجنبية بما فيها الإيرانية، لإنجاح العملية السياسية في هذا البلد الذي تحول إلى ساحة حرب على النفوذ بين قوى إقليمية ودولية.
وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي “وجودنا في سوريا هو بناء على طلب من حكومة ذلك البلد وهدفنا هو محاربة الإرهاب”، مضيفا أن إيران “ستواصل مساعداتها لسوريا طالما هناك خطر للإرهاب، وطالما أن حكومة ذلك البلد تريد من إيران مواصلة مساعدتها”.
وحول ما نُقل عن مسؤولين روس بشأن انسحاب القوات الإيرانية من سوريا، قال قاسمي “لا يمكن لأحد أن يجبر إيران على القيام بذلك؛ لأن لدينا سياسات مستقلة خاصة بنا”.
أثارت التصريحات الروسية بضرورة خروج القوات الأجنبية بمن فيها الإيرانية من سوريا غضب طهران، التي سارعت للرد بالقول إنه لا أحد يستطيع إجبارها على الخروج لأنها جاءت بدعوة من الحكومة، وهذا أول صدام علني بين الطرفين، ويعكس في واقع الأمر مدى هشاشة تحالفهما على الأرض السورية
وأضاف في مؤتمر صحافي “وجودنا في سوريا هو بناء على طلب حكومة ذلك البلد، وهدفنا هو محاربة الإرهاب”. وتابع “من عليهم مغادرة سوريا هم الذين دخلوا إلى هذا البلد دون إذن من حكومتها”.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال خلال اجتماع عقده مع نظيره السوري بشار الأسد، في سوتشي الخميس الماضي، إنه بعد بدء العملية السياسية في البلاد “لا بد من إخراج القوات الأجنبية من سوريا”.
وفي تفسير لكلام بوتين حول الأطراف المعنية بالمغادرة أوضح مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيف، أن “الحديث يجري عن جميع الوحدات العسكرية الأجنبية المتواجدة في سوريا بما في ذلك الأميركيون والأتراك وحزب الله، وبالطبع الإيرانيون”.
ظهرت شروخ صغيرة في العلاقات بين إيران وروسيا بشأن سورية لليوم الثاني على التوالي، إذ نُقل عن مصادر روسية رفضها فكرة أن موسكو ستستخدم بطارياتها المضادة للطائرات المتقدمة في سورية ضد طائرات إسرائيلية، تتعقب أهدافا إيرانية.
روسيا وإيران على خلاف سوري ،ووفقا لتقرير نشرته صحيفة “الحياة” العربية ومقرها لندن، قالت مصادر مقربة من وزارة الخارجية الروسية، إن موسكو حددت غارات إسرائيلية سابقة على مواقع إيرانية في وسط سورية، لكنها لم ترد عليها، كما أن روسيا مهتمة بمنع أي صراع بين إسرائيل وإيران في المنطقة، لأن ذلك يمكن أن يعرقل جهود موسكو لحل الأزمة في سورية.
ونقلت الصحيفة عن المصادر قولها “تسعى موسكو إلى الحفاظ على التوازن الدقيق بين الجهات الإقليمية والدولية الفاعلة في الأزمة السورية من أجل التوصل إلى حل سياسي مستدام ومرضٍ لجميع الأطراف، كما أن موسكو مستاءة من عدم اقتناع الإيرانيين بالحل السياسي ورغبتهم في مواصلة الحل العسكري وتشجيع نظام الأسد على القيام بذلك، على عكس الجانب التركي، والذي في العام الماضي ضغط عليه حلفاؤه لقبول المفاوضات وتقديم التنازلات”.
اذن فهذا اول صدام علني بين الحليفين الروسي والإيراني، ويقول مراقبون إن الأمر كان متوقعا فرغم أن الجانبين في الخندق ذاته الداعم لنظام الرئيس بشار الأسد، بيد أن لكل طرف حسابات تتعارض ومصالح الأخر.
وتدرك روسيا أن استمرار الوجود الإيراني في سوريا من شأنه أن يعرقل عملية السلام في ظل وجود فيتو غربي عليه، وأن بقاء إيران وميليشياتها يعني إمكانية تدمير المكاسب التي حققها تدخلها منذ العام 2015 في سوريا، والتطورات الأخيرة المرتبطة بالهجمات الإسرائيلية على مواقع سورية تؤكد مشروعية المخاوف الروسية.
ويبدو أن النظام السوري نفسه يتبنى وجهة نظر روسيا حيث إنه يريد هو الآخر حسم الأزمة ويعلم أن ذلك لا يمكن تحقيقه بتحدي الإرادة الغربية، رغم الانتصارات العسكرية التي حصدها خلال السنوات الأخيرة.
وكان الرئيس بشار الأسد قد رحب خلال لقائه الأخير بنظيره الروسي في سوتشي بدعوة بوتين إلى إطلاق عملية سياسية جادة لإنهاء الصراع، وأبدى استعدادا لإرسال وفد إلى الأمم المتحدة للبحث في تشكيل اللجنة الدستورية المعنية بالعمل على صياغة القانون الأساسي في سوريا على أساس عملية جنيف وتحت إشراف المبعوث الخاص ستيفان دي ميستورا.
وذكر موقع “تابناك”، المحسوب على أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، محسن رضائي، أن النظام وموسكو اتفقا على ما يبدو على إقصاء طهران، مقابل إشراك الدول الغربية في الحل السياسي للأزمة السورية.
وأشار الموقع الإيراني إلى أن قبول موسكو والنظام بالعودة لمفاوضات جنيف يدل على توافقات مع الدول الغربية حول إنهاء النزاع في سوريا بطرد إيران وميليشياتها.
بدورها رأت صحيفة “شرق” الإصلاحية الإيرانية أنه بالرغم من أن روسيا تواصل مفاوضات أستانة حول سوريا بمشاركة إيران وتركيا، لكن يبدو أنها عازمة على حل الأزمة في سوريا بمشاركة الدول الغربية، وذلك “بإقصاء إيران والضرر بمصالحها في سوريا”.
وذكرت الصحيفة أن التقارب بين روسيا والغرب يمكن ملاحظته من خلال الدعوة إلى سحب كافة “القوات الأجنبية” من سوريا، بما فيها ميليشيات إيران وحزب الله والقوات التركية، أي يجب أن يذهب الجميع، وأن تبقى القوات الروسية فقط في سوريا.
منذ أن تدخلت روسيا في الأزمة السورية في ايلول 2015 وحتى الآن، وجدت نفسها أمام ضرورة التعامل مع عدد من الأطراف المحلية والإقليمية، ما زاد من تعقيد وصعوبة الوضع، أن جميع هذه الأطراف لديها مصالح متعارضة وأهداف وسياسات متناقضة، سواء تركيا وإيران من ناحية وتركيا والأكراد من ناحية ثانية وإسرائيل وإيران من ناحية ثالثة.
ومن أجل أن تتجاوز هذه التعقيدات، اعتمدت روسيا في إدارة علاقاتها وتحالفاتها السياسية في الأزمة السورية على صيغتين:
الأولى المراوحة بين الأكراد والأتراك
الثانية التوازن الدقيق بين تركيا وإيران من ناحية، وإسرائيل وإيران من ناحية أخرى.
أدركت روسيا أنها أمام قوتين إقليميتين فاعلتين في المنطقة بشكل عام وفي الساحة السورية بشكل خاص. والتقارب معهما في نفس الوقت _ برغم التناقضات والخلافات السياسية التركية الإيرانية_ سوف يمكن روسيا من تحقيق أهدافها بفاعلية كبيرة في الساحة السورية، فاعتمدت التوازن الدقيق صيغةً للتعامل مع الطرفين ولتجاوز تناقضاتهما السياسية، ومنع الصدام بينهما في الساحة السورية.
ما يجمع روسيا وإيران في الساحة السورية تحالف قوي؛ من أجل إنقاذ وتثبيت حكم “بشار الأسد” في مواجهة الجماعات المعارضة المسلحة، وضمان استمرار حكمه لضمان استمرار مصالحهم الجيواستراتيجية في سوريا والمنطقة بشكل عام.
أما تركيا وروسيا فما يجمعهم، تبنيهما لمسار مشترك للحل السياسي للأزمة السورية في أستانا، وتفاهماتهما بشأن تقاسم جغرافيا النفوذ السورية، وتوتر علاقاتهما مع الولايات المتحدة.
وأخيراً تركيا وإيران فيبدو التقارب أكثر هشاشة، وإن كان يجمعهم مسار أستانا السياسي لحل لحل الأزمة السورية، والمواجهة مع الأكراد، لما يمثله من خطر مشترك على أمنهما القومي، وأخيراً توتر أيضا العلاقات مع الولايات المتحدة.
ومن ثم، فإن القاسم المشترك الذي يجمع الترويكا “روسيا، تركيا، إيران” توتر علاقاتهم مع الولايات المتحدة. وبالتالي فإن أي انفراجه في العلاقات التركية الأمريكية قد ترتب تداعيات سلبية على التفاهمات الثنائية التركية الروسية من ناحية، والتفاهمات الثلاثية التركية الروسية الإيرانية من ناحية أخرى.
ويقول محللون إن الموقف الروسي من استمرار الوجود الإيراني، ليس فقط وليد الرفض الغربي، بل أيضا لأن موسكو لن تقبل بأن يزاحمها الإيرانيون على النفوذ في سوريا، وهي بالطبع لا تريد تكرار خطأ الإدارة الأميركية في العراق.
ويشير هؤلاء إلى أن موسكو لم تعارض إلا نادرا القصف الإسرائيلي على مواقع يفترض أنها قواعد عسكرية تابعة لإيران وميليشياتها، وأن الانتقاد الوحيد المسجل حينما قصفت إسرائيل مطار تيفور العسكري لخشية موسكو من إمكانية أن تتدحرج الأمور إلى منزلق خطير يهدد ما تحقق في سوريا.
ويلفت المراقبون إلى أن الأزمة السورية حسب الروس بلغت منتهاها وأنه بعد عودة النظام وسيطرته على معظم المدن وتأمينه لمحيط العاصمة دمشق بات من الضروري إطلاق العملية السياسية مع ضرورة تقديم تنازلات، طبعا لا تأخذ من حصتها وإنما من حصة الأطراف الأخرى ومن بينها الحليفة إيران. وأعلنت قيادة الجيش السوري الاثنين سيطرتها بالكامل على العاصمة ومحيطها بعد “تطهير” أحيائها من تنظيم الدولة الإسلامية، معلنة أن هذه المناطق باتت “آمنة بالكامل”.
ويأتي ذلك بعد هجوم واسع بدأه الجيش في 19 نيسان ضد تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر في العام 2015 على القسم الأكبر من مخيم اليرموك وأجزاء من أحياء الحجر الأسود والتضامن والقدم المجاورة. وقال متحدث عسكري في بيان بثه الإعلام الرسمي إن وحدات الجيش تمكنت من “القضاء على أعداد كبيرة من مسلحي تنظيم داعش الإرهابي ما أدّى إلى إحكام السيطرة التامة على منطقة الحجر الأسود ومخيم اليرموك، وقبلها يلدا وببيلا وبيت سحم”.
وتابع “هذا ما يتوّج تطهير جميع بلدات الغوطتين الغربية والشرقية تماما من رجس الإرهاب” ليعلن باسم قيادة الجيش “دمشق وما حولها وريفها وبلداته مناطق آمنة بالكامل وعصية على الإرهاب ورعاته”.
وجاء بيان الجيش بعد ساعات من خروج آخر مقاتلي التنظيم المتطرف من الأحياء الجنوبية بموجب اتفاق إجلاء برعاية “روسية”، أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان، من دون أن يأتي الإعلام السوري الرسمي على ذكره.
بالون اختبار وردة الفعل
باعتراف المسؤولين الإيرانيين أنفسهم، صرفت إيران في سوريا منذ اندلاع الثورة الشعبية في العام 2011 ما يزيد على خمسة وعشرين مليار دولار. دافعت إيران عن بقاء بشّار الأسد في دمشق. جندت مئات الخبراء العسكريين وعناصر “الحرس الثوري” وآلاف من عناصر “حزب الله” و“الحشد الشعبي” في العراق والميليشيات الأفغانية في حربها على الشعب السوري. فعلت كلّ ذلك من منطلق مذهبي ليس إلا، وتحت شعارات طائفية من نوع الدفاع عن مقام السيّدة زينب ومقامات أخرى وما شابه ذلك ربما هذه من بين هذه الأسباب التي تجعل من الضرورة بمكان الخروج الان من سوريا بالاضافة الى حجم الاستثمار الإيراني في سوريا وفي المحافظة على رأس النظام المتمثل ببشّار الأسد
في أول رد على المطالب التي أعلنها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو من إيران، شدد الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف على أن الاتفاق المُبرم بين طهران والدول الست ما زال يعمل، لافتاً إلى أن الأهم الآن هو موقف طهران من مطالب واشنطن، وتقويم النقاط الـ12 التي طرحتها الولايات المتحدة. وأشار إلى أن روسيا تأمل بأن «تبقى إيران في الاتفاق»، لافتاً إلى» فهم مشترك لدى موسكو وبرلين وباريس في شأن ضرورة العمل معاً لتخفيف آثار انسحاب واشنطن منه».
صحيح ان الموقف الأميركي يشكل تحدياً كبيراً للسياسة الخارجية الروسية، لكنه يُعدّ في الوقت ذاته فرصة تتجاوز بكثير المنافع الاقتصادية، وتبلغ إعادة تشكيل محاور عالمية، مع خيبة أمل موسكو وبروكسيل من إدارة الرئيس دونالد ترامب، كما تختبر الفترة المقبلة متانة العلاقات الروسية – الإيرانية، بعد خلافات بين الطرفين حول سورية.
ومع إعلان ترامب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، سارعت موسكو إلى تشكيل «محور» مع البلدان الرافضة للخطوة الأميركية. والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، كما سيستقبل نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.
ويعني ذلك عملياً توجهاً روسياً إلى مرحلة أخرى في التعامل مع الولايات المتحدة، وتبخّر أي أمل في إعادة «تفعيل العلاقات» معها في ظل إدارة ترامب، بعد مراهنة الكرملين طويلاً على سياسة مغايرة للنهج الذي اتبعه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
وبعيداً ممّا يُثار بين فترة وأخرى عن خلافات بين موسكو وطهران حول سورية، يرتبط البلدان بعلاقات إستراتيجية في مجالات كثيرة. وإذا كان طلب الانسحاب من سورية يخدم رؤية موسكو بضرورة منع تطوّر الأوضاع في المنطقة إلى نزاع شيعي – سني، ويعقلن مطالب إيران في سورية، فإن المخاوف من تحوّل سورية ساحة حرب بالوكالة بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، وإيران وحلفائها من جهة أخرى، يوجّه ضربة لجهود روسيا في سورية وقد يسبّب خسارتها كل جهودها في السنوات الأخيرة.
ومؤكد أن موسكو لا ترغب في وجود جارة نووية على حدودها الجنوبية، وتعلم أن امتلاك طهران التكنولوجيا النووية يطلق سباق تسلّح بأبعاد نووية في المنطقة. وتعتبر أن من الأفضل مراقبة نشاطات إيران وضبطها، بدل مواجهتها وانتقالها إلى برامج سرية.
وستواصل روسيا سعيها إلى اتفاق مع إيران عبر المفاوضات، لأن الحرب معها يمكن أن تسبّب انهيار منظومة الأمن في بحر قزوين، التي أرستها بالتعاون مع طهران وبلدان الرابطة المستقلة، وتفاقم من خطر تهريب الأسلحة والمخدرات. كما أن أي حرب قد تؤدي إلى موجة لجوء تثير عدم استقرار في بلدان آسيا الوسطى، ما يؤثر سلباً في «الحديقة الخلفية» لموسكو وقد يترافق مع ارتفاع خطر الإرهاب.
مجلة فرنسية : لماذا يريد الأسد وبوتين إخراج إيران من سوريا؟
نشرت مجلة “كوزور” الفرنسية تقريرا أكدت فيه أنه في الوقت الذي لا تزال فيه تداعيات انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني تستحوذ على الرأي العام، يلوح في الأفق ملف جديد يتعرض بدوره لانتقادات ألا وهو الوجود الإيراني في سوريا.
وقالت المجلة، في تقريرها “، إنه يوم الأربعاء الماضي، التقى فلاديمير بوتين ببشار الأسد في سوتشي، وبعد تبادل المحادثات، علق المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، عن نتائج هذا اللقاء للصحفيين معتمدا كعادته اللغة الخشبية، حيث قال “لقد جرت محادثات معمقة بين الطرفين، وقد استغل الرئيس الروسي الفرصة لتهنئة نظيره السوري على النجاحات التي حققها الجيش النظامي السوري في محاربة الجماعات الإرهابية، مما ساهم في توفير شروط إضافية لتفعيل العملية السياسية على نطاق واسع”.
وأشارت المجلة إلى أنه وراء هذا التصريح المراوغ والممل تختفي “قنبلة روسية”، فحسب الصحافة الروسية يتطلع بوتين، مع بداية العملية السياسية وفي أكثر مراحلها نشاطا، “إلى دعوة القوات المسلحة الأجنبية إلى الانسحاب من الأراضي السورية”.
واستدركت قائلة: “لكن لم يحدد بوتين بالضبط من يقصد بالضبط عندما قال القوات الأجنبية، فهل يحيل ذلك إلى القوات التركية التي تحتل عفرين أم القوات الأمريكية المنتشرة إلى جانب الوحدات الكردية؟ أو تراه يقصد القوات الإيرانية المتمثلة في الحرس الثوري والميليشيات الشيعية وحزب الله؟”.
ونوهت المجلة إلى أنه “لا يمكن فهم الغموض الذي يلف تقرير الصحافة الروسية إلا في حال اعتباره إشارة مرسلة تحديدا إلى طهران، ولكي تصبح الرسالة أكثر وضوحا، صرح مستشار بوتين المكلف بالتعاون العسكري والتقني، فلاديمير كوجين، منذ ثمانية أيام، أي بعد مضي 24 ساعة من زيارة بنيامين نتنياهو لموسكو، بأن بيع أنظمة الدفاع الجوي إس-300 إلى سوريا ليس من بين اهتمامات موسكو”.
وقد برر كوجين ذلك قائلا إن “الجيش السوري لديه كل ما يحتاجه لمواجهة أعدائه”، مع العلم أنه قبل 15 يوما فقط كانت الحكومة الروسية ترى العكس، بحسب المجلة الفرنسية.
وأفادت المجلة بأنه “إذا عملنا على تحليل هذه التفاصيل الدقيقة، سنتوصل إلى أن الروس قد قبلوا بالموقف الإسرائيلي، فهم لا يعتقدون أن الجيش الإسرائيلي يستهدف بهجماته السوريين، ما يعني أنهم لا يحتاجون إلى تحسين دفاعات الجيش السوري الجوية”.
وذكرت أن “إسرائيل ضمنت احترام القوات الروسية المنتشرة على الخطوط الحمراء التي تسيطر عليها موسكو، وبما أن الحرب الأهلية قد انتهت، فلماذا هذا الانتشار المكثف للإيرانيين في سوريا؟ إن هذا السؤال ليس مطروحا من قبل إسرائيل فحسب، بل يشغل روسيا أيضا”.
وأضافت المجلة أن بقاء الأسد في الحكم يطرح عدة قضايا استراتيجية جديدة، مع العلم أنه لا يمكن اعتبار ذلك بمثابة “انتصار” في ظل هذه الفوضى التي وصلت إليها سوريا، لافتة إلى أن “هدف الرئيس السوري يتمثل في استعادة الوضع الذي كانت عليه البلاد قبل شهر آذار سنة 2011”.
ورأت أن “ما يطمح إليه الأسد لا يبدو مستحيلا”، مستدركة قولها: “لكن يصعب تحقيقه في الوقت الحاضر، لأن على بشار الأسد أن يتخلص أولا من حلفائه واحدا تلو الآخر، وسيكون الإيرانيون أول من يجب التخلص منهم”.
وبينت المجلة أن “طهران تتعرض، من جهتها، إلى ضغوطات شديدة بعد اتهامها بمحاولة نقل الحرب إلى إسرائيل، الأمر الذي أجبرها على التصرف بعجالة لتبعد عن نفسها هذه التهمة”، منوهة إلى أن “ذلك ظهر جليا من خلال تقدم مختلف الميليشيات الموالية لإيران دون غطاء جوي ولا دفاع مضاد للطائرات، الأمر الذي يجعل من هذه القوات عرضة لأجهزة المخابرات الإسرائيلية”.
وأكدت أنه “نتيجة لذلك، نجحت الضربات الإسرائيلية في الحد من قدرات الإيرانيين في سوريا ومنعهم من تركيز خطوط دفاع ناجعة لمجابهة القصف الإسرائيلي”، معتبرة أن “إسرائيل نجحت منذ قرابة عشرة أيام، في تدمير المنظومة الصاروخية أرض- جو الإيرانية، التي تعتبرها تل أبيب مستوحاة إلى حد ما من منظومة إس-300 الروسية”.
وأوضحت المجلة أنه “في حال أراد الأسد رحيل القوات العسكرية الأجنبية المنتشرة على تراب سوريا، فإن الروس بدورهم يطمحون إلى أن يظلوا القوة الأجنبية الوحيدة الفاعلة في البلاد”، متوقعة أن “يتسبب ذلك في إثارة التوترات”.
وأردفت: “في الوقت الحاضر يحظى كل من بوتين والأسد بفرصة ذهبية لدفع الإيرانيين خارجا”، مضيفة أن “ما آل إليه الوضع في سوريا بات يصب في صالح إسرائيل، ففي ظل الظروف الحالية، بدأت تتشكل ملامح محور ثلاثي يضم موسكو ودمشق وتل أبيب”.
وشددت على أن “كلا منهم لديه أسبابه الخاصة لدفع الإيرانيين وأتباعهم إلى مغادرة سوريا”، مشيرة إلى أن “المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، تلقت دعوة من بوتين لاستقبالها في سوتشي، ومن ثم وجه دعوة أخرى إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ليكون ضيفه في سانت بطرسبرغ”.
وبينت المجلة الفرنسية أن “قضية التواجد الإيراني في سوريا ودفعها إلى سحب قواتها ومليشياتها، أو التخفيض في عدد عناصرها، قد أضحت من الآن فصاعدا جزءا من المفاوضات العالمية مع طهران”.الانباط