مرايا – في وقت يؤكد في خبراء؛ أهمية دمج الأشخاص ذوي الاعاقة في المجتمع، وتوفير التسهيلات البيئية لتحقيق ذلك، يتوقع بأن تعلن وزارة التنمية الاجتماعية، عن الخطة العشرية لبدائل الرعاية الايوائية في تموز (يوليو) المقبل.
وتأتي الخطة؛ تطبيقا لقانون حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة، والذي دخل حيز التنفيذ العام الماضي، تحديدا المادة 27 والتي تنص على ضرورة استبدال منظومة الإيواء الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة؛ بمنظومة خدمات داعمة ومساندة، من شأنها تحقيق أقصى معايير اعتماد الأفراد ذوي الإعاقة على أنفسهم، وتحقق لهم عيشا مستقلا ضمن أسرهم ومجتمعاتهم المحلية.
وتقترح هذه المادة حلولاً وبدائل مرحلية ومؤقتة، تطبق تدريجيا خلال 10 أعوام، كونها تتعلق بجوهر الحق في العيش المستقل، وعدم الإيداع في دور الإيواء على أساس الإعاقة، بحسب خبراء.
وتأتي هذه المادة في القانون؛ تطبيقا لنص المادة (19) من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي صادق عليها الأردن عام 2008.
وفي هذا السياق؛ يقول الناطق باسم وزارة التنمية الاجتماعية د. فواز الرطروط إنه “منذ دخول القانون الجديد حيز التنفيذ، بادرت الوزارة لاتخاذ الخطوات اللازمة للدمج المجتمعي للاشخاص ذوي الاعاقة؛ تماشيا مع المادة 27 من القانون”.
وأكد على “حق الاشخاص ذوي الاعاقة بالعيش المستقل ضمن اطار أسرهم ومجتمعاتهم المحلية وتوفير التسهيلات اللازمة لهم”.
وبين أن “الوزارة ولتنفيذ القانون، وضعت خطة تدريجية حسب الاصول، تحوي بنودا عملية للانتقال من منظومة الايواء الى منظومة الدمج”، لافتا الى أن “موظفي الوزارة خضعوا لبرامج تدريبية في مجال الممارسات الفضلى بخصوص الدمج، كما أوفد موظفون للمملكة المتحدة للاطلاع على التجربة هناك”.
ولفت الى أن “الوزارة شكلت كذلك فريقا وطنيا للخروج بخطة عشرية، لتطبيق بدائل الايواء”، مؤكدا أن الخطة ستعلن قريبا.
وبموازة الخطة؛ أشار الرطروط للاجراءات التطبيقة التي تقوم بها الوزارة حاليا، وقال “الوزارة كانت أوقفت التراخيص لفتح مراكز ايوائية جديدة لذوي الاعاقة، كما تعمل على توفير التسهيلات البيئة للاشخاص ذوي الاعاقة في كافة مراكزها”.
وبحسب أرقام الوزارة، يبلغ عدد المراكز المختصة برعاية ذوي الإعاقة الذهنية 61 مركزا تتبع للقطاع الخاص، منها 30 نهارية و31 إيوائية.
ولفت الرطروط الى أن “الوزارة تقدم الخدمات لنحو 12 الف شخص من ذوي الاعاقة، وذلك عبر مراكز الرعاية النهارية والايوائية وخدمات التأهيل والاعفاءات الجمركية، وعاملات المنازل وغيرها، في حين يبلغ عدد الاشخاص ذوي الاعاقة المنتفعين من المعونة الوطنية أكثر من 15 الف مواطن”.
وبين أن “الوزارة ستتوسع بتقديم خدماتها الداعمة الفترات المقبلة، بما يتماشى مع متطلبات القانون والخطة التنفيذية”.
من جانبه؛ لفت الامين العام للمجلس الاعلى لشؤون الاشخاص ذوي الاعاقة د. مهند العزة، لاجراءات الوزارة الايجابية، لجهة وقف الترخيص للمراكز الايوائية وتشكيل لجنة لايجاد البدائل للايواء.
وقال العزة ان “الحديث عن البدائل لا يعني فقط الانتقال من مراكز ايوائية الى نهارية، بل يشمل مجموعة اجراءات وخدمات تعزز العيش المستقل والدمج المجتمعي، وتمكن الاسر من تقديم الرعاية لابنائهم، فضلا عن تأهيل المدارس في المجتمع المحلي لتكون دامجة، بالاضافة الى الوصول للخدمات الصحية”.
وأضاف أن العمل يجري حاليا على خطين متوازين؛ الاول يتعلق بالتأهيل المجتمعي والاسر، والثاني يتعلق بالخدمات البديلة، وتعمل الوزارة على اعدادها”.
وفي وقت اكتفى فيه الرطروط بالقول إن الاعلان عن الخطة سيكون قريبا، قال العزة إن “اطلاق الخطة سيكون في تموز (يوليو) المقبل”.
وطمأن العزة المتخوفين من الغاء المراكز الايوائية، مبينا “الامر ليس الغاء منظومة وحسب، بل الانتقال من منظومة ايوائية اقصائية، الى منظومة دامجة تعتمد النهج الحقوقي”.
من ناحيتها؛ قالت مديرة مجموعة القانون لحقوق الانسان “ميزان” المحامية ايفا أبو حلاوة إن “خطوات مهمة اتخذت منذ اقرار القانون، لجهة تطبيق اتفاقيات حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة”، لافتة الى أن “القانون يأخذ بنهج حقوقي دامج للاشخاص ذوي الاعاقة في المجتمع، على العكس من النظام الايوائي الذي يعمل على فصلهم وعزلهم عن المجتمع”.
ولفتت أبو حلاوة الى اتخاذ نهج الدمج في سياسات الوزارة الحالية، فضلا عن تأهيل المراكز لتستجيب لاحتياجات الاشخاص ذوي الاعاقة، مشيرة الى دار آمنة التي استحدثت مؤخرا لرعاية النساء المعرضات للخطر، اذ أهلت الدار بحيث تستجيب كذلك لاحتياجات النساء من ذوات الاعاقة.
وأشارت أبو حلاوة في حديثها، الى القرار القضائي المتعلق بتعويض شخص من ذوي الاعاقة عن الاهمال الذي تعرض له في مركز ايوائي يتبع للقطاع الخاص، مبينة أن القرار “مهم لجهة انصاف الاشخاص ذوي الاعاقة، ورفع الانتهاكات الممارسة عليهم”.
وكانت خبيرة برامج الدمج لذوي الاعاقة لوموس جورجيت مولهير، قدرت أن تستغرق فترة الانتقال في منظومة رعاية الاشخاص ذوي الاعاقة من منظومة ايوائية الى نهارية؛ بين 7 الى 10 سنوات، مؤكدة أن الانتقال يجري على مراحل تدريجية، بما يضمن المصلحة الفضلى للأشخاص ذوي الاعاقة.
وقالت مولهير في تصريحات سابقة أثناء زيارة لها الى عمان أنه “سيتم خلال هذه الفترة الانتقالية، ايجاد منظومة خدمات مساندة للعائلات لرعاية ابنائهم، وتأهيل المؤسسات التعليمية لضمان حق الاطفال بالتعليم الدامج”، مؤكدة أن “كلفة توفير هذه الخدمات من قبل، سيكون أقل بكثير من كلفة الرعاية الايوائية”.
وبينت حينها أن “كلفة الشخص الواحد في مراكز ذوي الاعاقة الايوائية، تعادل تكلفة رعاية 10 أشخاص في محيطهم الأسري والإجتماعي”.