مرايا -مرت المملكة بتحديات اقتصادية عديدة على مدى تاريخها كان من بين أطولها الأزمة الحالية والتي بدأت منذ 10 سنوات وهي مستمرة وتتعمق في ظل سياسات اقتصادية صعبة هدفها سد عجز الموازنة وتقليص المديونية.
ولكن رغم تلك الأزمات إلا أن الاقتصاد الأردني مايزال يقاوم ليصمد في محيط ملتهب نتيجة التوترات السياسية الملتفة حوله لكن الوقت الراهن يتطلب تجاوز التحديات عبر إدارة حسنة، بحسب خبراء اقتصاديين.
وأكد الاقتصايون ضرورة تصحيح النهج الاقتصادي وإدارة الملف الاقتصادي بهدف تحفيز الاقتصاد والابتعاد عن الجباية من المواطنين لسد عجز الموازنة.
وقفز صافي الدين العام في المملكة 163 % منذ العام 2009 مع بدء ظهور تداعيات الأزمة المالية على الأردن مقارنة مع نهاية العام 2017.
وكان صافي الدين يبلغ في 2009 نحو 9.66 مليار دينار ويشكل 59.6 % من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع 25.4 مليار دينار في نهاية العام الماضي ويشكل ما نسبته 88.9 % من الناتج المحلي.
في حين أن عجز الموازنة كان يبلغ في نهاية 2009 نحو 1.5 مليار دينار مقارنة مع 747.9 مليون في نهاية 2018.
وقال الخبير الاقتصادي زيان زوانة إن “الأردن مر بتحديات وأزمات اقتصادية كبيرة وينبغي أن نتذكرها لنصحح أخطاءنا ونهجنا الاقتصادي المتبع بالدولة”.
وبين زوانة أن الأردن استطاع أن يصمد أمام الكثير من الأزمات الاقتصادية، وهنا يجب أن نعلم أن ما يحمي اقتصادات الدول وقدرتها على مواجهة الأزمات هو قدرتها على إدارة شؤونها الداخلية على رأسها الملف الاقتصادي.
وأشار زوانة إلى أن الأردن اليوم مطلوب منه فقط وضع الرجل المناسب في المكان المناسب فالأردن يحتاج إلى وضع اقتصاديين يدركون قراراتهم وتبعاتها فزيادة الضرائب والذهاب إلى جيب المواطن لا تعد الطريق السليم في علم الاقتصاد، فالأردن لديه الكثير من الاقتصاديين القادرين على أن يضعوا نهجا اقتصاديا جديدا للدولة الأردنية بعيدا عن فرض الضرائب.
وأضاف زوانة أنه لا يمكن لأي دولة في العالم أن تخرج نفسها من أزمتها الاقتصادية والمالية وتستمر بالاقتراض، فالأردن ينتهج سياسة فرض الضرائب وتعديل مشروع وقانون الضريبة لماذا فقط ليثبت لصندوق النقد الدولي انه ملتزم بما تم الاتفاق عليه فقط والضرائب وجنيها يأتي لتطوير التعليم والبنية التحتية وغيرها في الدول الأخرى إلا أننا في الأردن نتبع سياسة فرض الضرائب لسداد ديوننا وخدمة الدين التي تتجاوز المليار دينار سنويا.
بدوره؛ قال الخبير الاقتصادي د.ماهر المدادحة إن “الاقتصاد الوطني خاض خلال السنوات العشر الماضية العديد من الأزمات الاقتصادية ابتداء من الأزمة المالية العالمية العام 2008 ومرورا بالربيع العربي وكان لها تأثيرات سلبية على واقع الاقتصاد الوطني”.
وبين المدادحة أن الربيع العربي والاضطرابات السياسية التي تشهدها دول المنطقة تعتبر من أكبر الأزمات التي مرت على الاقتصاد الوطني وكان لها تأثيرات سلبية كبيرة منها تراجع الاستثمارات واغلاق الأسواق التصديرية الرئيسية أمام المنتجات الوطنية وتدفق اللاجئين إلى المملكة من دول المنطقة وما يترتب على ذلك من ضعوظات كبيرة على الاقتصاد وتسريح العديد من العمالة الأردنية في العديد من دول المنطقة.
وأكد المدادحة أن الاقتصاد الوطني استطاع الصمود خلال الفترات الماضية وتجاوز الأزمات والتحديات مشيرا إلى أن الاقتصاد ما يزال يعاني من العديد من التحديات الداخلية والخارجية.
وحول مسار الاقتصاد الوطني خلال الفترة المقبلة قال المداحة “إن الاقتصاد الوطني يحاول الخروج من “عنق الزجاجة” للمشاكل التي تواجه الاقتصاد الوطنية معتبرا ذلك يتطلب تحسين بيئة الاستثمار والأعمال وثبات التشريعات”.
كما شدد على ضرورة التركيز على فتح أسواق جديدة أمام الصادرات الوطنية بحيث تكون بديلة عن الأسواق التقليدية التي اغلقت بسبب “نيران المنطقة”.
وكانت الصادرات الوطنية تبلغ في نهاية العام 2009 نحو 3.573 مليار دينار في حين بلغت في نهاية العام 2017 نحو 4.474 مليار دينار، بنمو نسبته 25 % خلال التسع سنوات ما تعتبر نسبة متواضعة.
من جانبه؛ قال خبير الاستثمار وإدارة المخاطر د.سامر الرجوب إنه “للأسف الأزمة الاقتصادية الحالية التي يمر بها الأردن تتعمق نتيجة لسوء الإدارة بشكل عام”.
ولفت الرجوب إلى أن التوترات السياسية في المنطقة وإغلاق الحدود مع سورية والعراق فاقمت الأزمة الاقتصادية في المملكة.
ولكن الرجوب تطرق إلى القطاع المصرفي في الأردن والذي صمد أمام التحديات نتيجة مرونته والقدرة على التأقلم مع الظروف الصعبة.
وتوقع الرجوب استمرار الأزمة نتيجة التعديلات الجدية على قانون ضريبة الدخل والذي برأيه سيفاقم من صعوبة المعيشة ويؤثر على الاستثمار الخارجي والداخلي.
وأكد أن عدم استقرار التشريعات الاقتصادية في المملكة أحد أهم الأسباب في استمرار الأزمات الاقتصادية والتي تؤثر على الاستهلاك والاستثمار وبالتالي النمو.
ولفت الرجوب إلى أن استمرار الحكومة في اللجوء إلى الدين لتغطية النفقات زاد من الأعباء الاقتصادية ما اضطر الحكومة إلى أسلوب الجباية لتغطية العجز في الموازنة.
من جانب آخر تطرق الرجوب إلى حوالات المغتربين الأردنيين والتي تأثرت منذ الأزمة العالمية استمرارا حتى تأثر دول الخليج سلبا من هبوط أسعار النفط.
وكانت حوالات المغتربين تبلغ في العام 2009 نحو 2.214 مليار دينار مقارنة مع 2.371 مليار في نهاية العام 2017، بنسبة نمو طفيفة 7 %.