مرايا – يمثل معبر نصيب ومسألة السيادة عليه وعلى الحدود مع الأردن وإسرائيل عقدة أي مفاوضات غير مباشرة مقبلة بين المعارضة السورية في الجنوب والحكومة السورية، في ظل تمسك المعارضة بها وعدم التنازل عن سيادتها على المعبر، الذي تقترح إدارته مؤقتا من قبل موظفين منشقين وآخرين تابعين للحكومة السورية بإشراف أردني روسي.
في مقابل ذلك فان هناك اصرارا من قبل الحكومة السورية على استعادة هذه الحدود، ووضع المعبر تحت سيادتها، قبل الحل السياسي النهائي، الذي تصر المعارضة عليه كشرط أساسي للسماح بدخول القوات الحكومية إلى الجنوب، والتي ما زالت تحشد بقواتها، مما ينذر بحرب قادمة.
وهو ما يجعل التكهن بمجرى الأحداث في هذه المنطقة التي تخضع لاتفاق خفض تصعيد خارج التوقعات مستقبلا، خصوصا وأن روسيا تلح من اجل إعادة ترتيب الأوضاع في هذه المنطقة، مما يتيح للجيش السوري السيطرة على الحدود مع الأردن وإسرائيل وفتح معبر نصيب.
وتؤكد ذلك تصريحات لنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف مؤخرا ، بان” روسيا تؤيد وقف إطلاق النار في الجنوب السوري، دون تشكيل فراغ، الذي قد يملأه الإرهابيون والمتطرفون، لذلك فنحن علي قناعة بأن هذه المناطق يجب أن تكون تحت سيطرة الجيش الحكومي السوري”.
وقال بوغدانوف للصحفيين إن روسيا تنتظر رد الولايات المتحدة من أجل الاتفاق على تفاصيل الاجتماع الثلاثي المرتقب في عمان، بمشاركة روسيا والولايات المتحدة والأردن، مشيرا إلى أن الأطراف ستبحث خلال الاجتماع الثلاثي مسألة وقف إطلاق النار جنوبي سورية، لكنه لم يحدد موعد الاجتماع.
وكان ممثلون عن كل من الأردن وأميركا وروسيا وقعوا في عمان في 12 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي على تأسيس منطقة خفض تصعيد مؤقتة جنوب سورية، تتويجا لاتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب السوري، الذي أعلن من عمان أيضا في تموز (يوليو) الماضي.
بيد أن المعارضة ورغم الالحاح الروسي تؤكد انها لن تتنازل عن السيادة على المعبر والسيطرة على الحدود مع الأردن وإسرائيل قبل الحل السياسي النهائي للأزمة السورية، مهما كلفها الثمن، مشيرة إلى أن الأردن والذي ينسق معهم في هذا الشأن، لا يمارس أي ضغط عليهم في هذا المجال.
وهو ما يعبر عنه قائد فصيل تجمع توحيد الأمة خالد الفراج بقوله إن “الأردن لا يمارس أي ضغط على المعارضة بشأن الجنوب”، غير انه أشار إلى أن “هناك تنسيقا ومشاورات حاليا بين المملكة والمعارضة”.
وأكد الفراج أن “معبر نصيب لن يكون إلا تحت سيادة الجيش الحر، مؤكدا أن هذا المعبر كما يمثل مصلحة للنظام، يمثل للمعارضة مصلحة عليا قدمت من اجل تحريره الشهداء”.
وأوضح أن التمويه الذي تمارسه الميليشيات الإيرانية بالانسحاب من الجنوب السوري مقابل ابتعاد الفصائل عن الحدود الأردنية والإسرائيلية وفقا للمطالب الروسية، هو أمر مكشوف، لان هذه الميليشيات تحاول خداع الجميع وحتى روسيا من خلال العودة بلباس وهويات عسكرية لجيش النظام السوري”.
فيما أكد رئيس المكتب السياسي في جيش اليرموك أحد أبرز مكونات جيش الثورة العامل في محافظة درعا وعضو الهيئة السورية العليا للمفاوضات بشار الزعبي، أن موقف المعارضة من دخول النظام إلى الجنوب السوري واضح، بأنه لن يتم السماح للنظام بالتقدم، ولن نفاوض على أي شروط للاستسلام أو الانسحاب.
وأضاف الزعبي أن “المعارضة لن تقبل دخول قوات النظام، الا بعد حل سياسي نهائي بالتوافق بين الجميع، أو البندقية والتي ستكون هي الخيار حينها”.
وقال الزعبي إن” الفصائل اقترحت آلية بأن يتم إعادة موظفي المعبر المنشقين لتسيير أعمال المعبر ضمن حل مؤقت، وأن تكون المناطق المحررة هي المستفيدة من إعادة فتحه”.
اما المنسق في الجيش السوري الحر أبو توفيق الديري فيؤكد ثقة المعارضة بالدول الضامنة الأردن والولايات المتحدة في الاجتماع الثلاثي الذي سيعقد في عمان مقابل الطرف الروسي.
وأكد الديري انه لا يمكن ان نقبل دخول النظام إلى الجنوب دون حل سياسي عادل للقضية السورية، تتضمن انتقال سياسي ورحيل رأس النظام، ومحاكمة مجرمي النظام، ومصير الأسرى والمعتقلين”.
اما القيادي في المعارضة ومدير الهيئة السورية للإعلام العميد ابراهيم الجباوي فيؤكد ان” المعارضة ولاعتبارات دولية يمكن ان تقبل بفتح المعبر تحت سيادة الجيش الحر، وبإداره موظفين من طرف النظام، على أن تكون برعاية واشرف أردني روسي”.
وأضاف الجباوي أن “المعارضة لا يمكنها التنازل عن المعبر الذي قدمت من اجله آلاف الشهداء وتعطيه للنظام على طبق من ذهب”.
وفي الاثناء يواصل الجيش السوري حشوده في الجنوب، رغم التحذير الأميركي برد حازم، في الوقت الذي تبدي فيه المعارضة ثقة باتفاق خفض التصعيد، وتعتبر الحشود حربا إعلامية.
وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت قالت في بيان توعدت الجيش السوري برد حازم تجاه أي تحركات عسكرية له بالجنوب، مشيرة إلى أن” واشنطن تشعر بالقلق إزاء التقارير الواردة بان عملية عسكرية يقوم بها نظام الأسد في المنطقة الجنوبية الغربية بسورية، الواقعة ضمن مناطق خفض التصعيد المتفق عليها من قبل الولايات المتحدة الأميركية والأردن وروسيا العام الماضي”، بحسب شبكة “سي إن إن”.
وأضاف البيان “ستتخذ الولايات المتحدة إجراءات حازمة ومناسبة ردا على انتهاكات نظام الأسد بوصفها ضامنا لمنطقة عدم التصعيد تلك مع روسيا والأردن”.
وطالبت واشنطن موسكو بالضغط على النظام السوري” لوقف هذه الأفعال”، مؤكدة “أن روسيا مسؤولة كعضو في مجلس الأمن باستخدام قوتها الدبلوماسية والعسكرية لوقف نظام الأسد من تقويض الأمن في تلك المناطق”.
وكانت طائرات تابعة للقوات الحكومية السورية أسقطت خلال اليومين الماضيين منشورات على مناطق يسيطر عليها فصائل الثوار في درعا تحث المقاتلين على إلقاء السلاح.