مرايا – – رغم “عدم” بت القضاء حتى الآن بعشرات القضايا ووسط انتقاد واستهجان مواطنين من “عدم حصولهم على تعويضات مادية مقابل استملاك الحكومة لأراضيهم”، بدأت منذ أسبوعين أعمال الحفر والتأهيل بمسافة وصلت إلى 1.5 كلم في مشروع بناء الخط الناقل للغاز الطبيعي من إسرائيل، وذلك بدءا من أراضي ابسر أبو علي بلواء الطيبة في محافظة إربد، والمملوكة لخزينة الدولة.

ويؤكد مواطنون “أن آليات العمل بدأت بالفعل بتنفيذ هذا المشروع، وذلك بدءا من أراضي ابسر أبو علي، رغم عدم حصولهم حتى الآن على تعويض مقابل أراضيهم التي تم الإعلان عن استملاكها واستئجارها لصالح المشروع”.

وجددوا رفضهم لقرار الاستملاك لصالح هذا المشروع، قائلين إنهم سـ”يقفون بوجه هذا المشروع والحيلولة دون تنفيذه، كونه يعمل على تدمير أراضيهم الزراعية وتحويلها إلى فضلات، إضافة إلى أنه يُعتبر تطبيعا مع دولة الاحتلال الإسرائيلي”.

يأتي ذلك في وقت أكد فيه المحامي رأفت القرعان “أنه وحتى الآن لم يبت القضاء في القضايا التي تم تسجيلها ضد وزارة الطاقة والثروة المعدنية للمطالبة بالتعويض العادل عن الأراضي الذي تم استملاكها لصالح المشروع”.

وكان مجلس الوزراء وافق على استملاكات الأراضي التي أعلنت عنها وزارة الطاقة والثروة المعدنية في الصحف المحلية لـ344 دونمًا واستئجار 611 دونمًا، من أراضي 18 بلدة في محافظتي إربد والمفرق لصالح المشروع.

وقال المحامي القرعان، الموكل بعشرات القضايا التي تم رفعها في المحاكم، “إنه وحتى الآن لم يبت القضاء في القضايا التي تم تسجيلها ضد وزارة الطاقة والثروة المعدنية للمطالبة بالتعويض العادل عن الأراضي الذي تم استملاكها لصالح المشروع”، لكنه أضاف “أن الحكومة قادرة على التصرف بها بعد أن تم استملاكها وتسجيلها رسميًا باسم وزارة الطاقة”.

وتابع “أنه تم تسجيل قضايا أيضًا للمطالبة ببدل استئجار لمدة عامين (حق المنفعة)”، موضحًا “أنه ونتيجة استملاك أراض من موكيله أصبح هناك فضلات بالأراضي لا يُستفاد منها، فضلًا عن أن هناك أراضي، تم استملاكها، مشجرة بزيتون معمَّر”.

وأكد القرعان “أن الجهة المدعى عليها، وهي وزارة الطاقة والثروة المعدنية، لم تقم بدفع التعويض العادل جراء استملاكها أراضي، ولا حتى قيمة استملاك حق التصرف (حق الانتفاع لمدة عامين) ولا بدل الفضلات، ولا ما أبطل الاستملاك النفع منها ولا بدل ما عليها من أشجار أو إنشاءات”.

وأشار إلى “أن زملاء محامين له قاموا أيضًا بتسجيل دعاوى قضائية مماثلة بعد أن تم توكيلهم رسميًا من أصحاب أراض متضررين من المشروع”، مبينًا أنه “لا يجوز لأصحاب الأراضي التي تم الإعلان عن استملاكها التصرف بها، ما ألحق أضرارا بهم”.

المواطن علي القرعان، صاحب أرض تم استملاكها لتنفيذ المشروع، يقول “إن الآليات، التابعة لأحد المقاولين الذين رسا عليهم العطاء لتنفيذ المشروع، بدأت فعليًا بأعمال حفر في بلدة أبسر أبو علي لمد خط أنبوب الغاز الإسرائيلي، حيث قام المقاول بنصب كرفانات وتعيين حراس”، مضيفًا “أن الآليات تعمل الآن في أراض أميرية مملوكة لخزينة الدولة”.

ويؤكد “أن أصحاب الأراضي المتضررين من الاستملاك هددوا بمنع الآليات من الوصول إلى أراضيهم وبكل الطرق، حيث أبلغوا المقاول بذلك وحذروه من عدم الاقتراب من أراضيهم، خصوصًا وأن هناك قضايا مرفوعة بالقضاء لم يتم حتى الآن البت فيها”.

ويشير علي إلى “أن آليات العمل لم تبدأ العمل لغاية هذه اللحظة بالأراضي التي يمتلكها مواطنون”.

من جهته، يؤكد المواطن عبد الرؤوف القرعان “أن الحكومة أعلنت عن استملاك دونم واستئجار دونمين لصالح مشروع مد خط أنبوب الغاز الإسرائيلي، من أصل 15 دونما يملكها هو وأشقاؤه في بلدة أبسر أبو علي”، قائلًا “إن أراضيهم التي تم استملاكها

مزروعة بأشجار الزيتون المعمرة، كما أنهم يزرعون بعضها بقمح وشعير، يعتمدون عليها للوفاء بمتطلبات المعيشة الصعبة”.

ويوضح “أنه وأبناء البلدة يرفضون تنفيذ هذا المشروع من داخل أراضيهم ويعتبرونه تطبيعًا مع الكيان الإسرائيلي، ناهيك عما يلحق من أضرار بأراضيهم كتقسيمها وتفتيتها وبالتالي تصبح على شكل فضلات، إضافة إلى أن أسعار الأراضي في المنطقة ستنخفض إلى النصف”.

وتابع عبدالرؤوف “أن أمر استملاك الأراضي أصبح واقعا لا محال عنه جراء قانون الاستملاك، ما اضطرهم إلى تسجيل دعاوى قضائية، إلى جانب مطالبتهم عبر النواب والصحافة والإعلام بضرورة تغيير مسار الخط أو إلغاء المشروع بشكل نهائي”.

بدوره، قال نقيب المهندسين أحمد سمارة الزعبي “إن النقابة ترفض رفضًا تامًا استملاك أي جزء من الأرض التي تمتلكها النقابة في منطقة الحصن بلواء بني عبيد في محافظة إربد”، مجددًا تأكيده أن النقابة “ترفض اتفاقية مشروع الغاز الإسرائيلي وتعتبرها نوعا من أنواع التطبيع مع الكيان الصهيوني”.

ويوضح أن النقابة سـ”تعمل، وفق القانون والدستور، للحيلولة دون تنفيذ خط أنبوب الغاز الإسرائيلي ومروره بأراض تمتلكها النقابة، حيث تم الإيعاز إلى محامي النقابة برفع دعاوى قضائية، إضافة إلى استمرار الاحتجاجات على ذلك”.

ويشير الزعبي إلى أنه “تم الإعلان عن استملاك 4 دونمات من أراضي النقابة التي تقع في منطقة الحصن، إضافة إلى استئجار 8 دونمات، فيما تعتزم النقابة تسجيل قضايا للطعن بقرار الاستملاك نظرًا لما سيحدثه المشروع من دمار لأراضي النقابة”.

ويضيف “أن النقابة رفضت السماح لشركة مقاولات مصرية بالعمل في الأردن، لتنفيذ هذا المشروع، وذلك خلال اجتماع لجنة حكومية نقابية رسمية مختصة بمنح الموافقات لشركات مقاولات غير أردنية على العمل في المملكة، برئاسة وزير الأشغال العامة والإسكان”.

من ناحيته، يقول مصدر في دائرة الأراضي والمساحة، طلب عدم نشر اسمه، إنه “تم تشكيل لجنة مهمتها تقدير قيمة التعويضات عن الأراضي التي تم استملاكها واستئجارها لصالح مشروع خط الغاز الإسرائيلي”، مضيفًا “أن الدائرة تبلغت بوجود عدد من القضايا التي رفعها أصحاب أراض تم استملاكها للمطالبة بتعويض عادل”.

ويؤكد “أن قطع الأراضي التي تم الإعلان عن استملاكها في الصحف المحلية استملكت بشكل نهائي وتم تسجيلها لصالح خزينة الدولة، في حين بدأ فعليا العمل بتنفيذ المشروع وبالتحديد في الأراضي المملوكة بالأصل لصالح خزينة الدولة”.

وكان مجلس الوزراء وافق في جلسة عقدها بـ19 شباط (فبراير) الماضي الموافقة على استملاك مساحات قطع الأراضي التي تم نشرها في الصف المحلية، استملاكا مطلقا لأغراض وزارة الطاقة والثروة المعدنية لغايات مشروع بناء أنبوب غاز طبيعي من نقطة التزويد على الحدود الأردنية بالقرب من معبر الشيخ ولغاية نقطة الربط مع أنبوب الغاز الطبيعي في الخناصري (خط الشمال).

والقرى والبلدات التي أعلن عن استملاك أراض فيها هي: الشونة الشمالية، المنشية، مخربا، صما، كفر أسد، حوفا الوسطية، مزرعة النميرة، الطيبة، أبسر أبو علي، دير السعنة، بيت يافا، هام، جحفية، حوفا المزار، حبكا، الحصن، أم الآبار، الرمثا، وصولا إلى بلدة بريقة والخناصري في محافظة المفرق.

وخصص مشروع قانون موازنة العام الحالي نحو 2.9 مليون دينار لمشاريع جديدة، منها 1.5 مليون دينار لتنفيذ خط الغاز مع إسرائيل.

وكانت شركتا الكهرباء الوطنية و”نوبل إنيرجي” الأميركية، وقعتا اتفاقية تسري في العام المقبل لاستيراد 40 % من حاجة الشركة من الغاز الطبيعي المسال من إسرائيل لتوليد الكهرباء.

وتعد “الكهرباء الوطنية” المستورد الوحيد للغاز الطبيعي للأردن، وتقوم بتحويل الغاز إلى شركات توليد الكهرباء التي تنتج 85 % من حاجة المملكة للكهرباء، فيما تستهلك ما يقارب 350 مليون قدم مكعبة يوميا من الغاز.

وكانت الشركة وقعت في العام 2014 مع شركة “نوبل انيرجي” الأميركية، المشغلة لحقل ليفاتيان للغاز الطبيعي قبالة السواحل الفلسطينية وتسيطر عليه إسرائيل مذكرة تفاهم، بحيث يتم بموجبها توريد الغاز الطبيعي الإسرائيلي للأردن للأعوام الـ15 المقبلة.

و”نوبل إنيرجي” هي الشركة الحاصلة على امتياز من قبل حكومة إسرائيل لتطوير أحد أحواض الغاز الطبيعي المسال في شرق البحر الأبيض المتوسط.

وكانت “الكهرباء الوطنية” قالت، في تصريح صحفي سابق، “إن نتائج الدراسات والتحليلات الفنية والاقتصادية التي أعدتها أظهرت تحقيق الجدوى للغاز المستورد من شركة (نوبل انيرجي)”، مشيرة إلى أن هنالك وفورات سوف تتحقق للشركة تتجاوز 300 مليون دولار أميركي سنويًا، مقارنة مع الغاز الطبيعي المسال المستورد من السوق العالمي حين يبلغ سعر برميل النفط من خام برنت 50-60 دولارا وتزداد الوفورات مع ارتفاع أسعار الخام.الغد