مرايا – أعادت قضية موقوف نظارة قسم بحث جنائي وسط عمان، الذي توفي فجر الجمعة داخل النظارة إلى السطح مطالبات حقوقية وقانونية، بتطبيق معايير وشروط المحاكمة العادلة، وسط دعوات بإجراء تعديلات على قانون العقوبات وإعادة تعريف جريمة “التعذيب”، وتغيير اختصاصات النظر في “قضايا الادعاء بالتعذيب والإساءة” إلى المحاكم النظامية.
ويخشى حقوقيون من إطالة أمد النظر في القضية التي أصدرت فيها مديرية الأمن العام بيانا رسميا بتشكيل لجنة تحقيق من مديرية القضاء الشرطي بإيعاز من مدير الأمن العام، متبوعة بقرار توقيف 5 من مرتبات القسم.
ولم ترشح بعد أي معلومات رسمية متعلقة بالحادثة، باستثناء بيان مقتضب للأمن العام بأن المتوفى وهو من مواليد 1978 كان موقوفا “على إثر قضية تحقيق وأسعف إلى المستشفى بعد إجراء الإسعافات الأولية له بعد قيامه بضرب رأسه داخل نظارة التوقيف إلا أنه ما لبث أن فارق الحياة”، فيما تبع ذلك قرار من مدير الأمن العام بناء على توصية لجنة التحقيق وقف 5 من الكوادر الأمنية إلى حين انتهاء التحقيق.
وتأتي حادثة المتوفى إبراهيم 40 عاما، الذي يعمل في أعمال النجارة بحسب عائلته، قبل أقل من شهرين من تسليم الحكومة رسميا، لتقريرها الوطني للأمم المتحدة لمناقشته في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل بمجلس حقوق الإنسان، ضمن الاستعراض الدوري الشامل بدورته الثالثة، والذي يستعرض حالة حقوق الانسان خلال السنوات الأربع والنصف الماضية.
وفي  تقرير التبليغ عن واقعة الوفاة الأولي الصادر من المركز الوطني للطب الشرعي بتاريخ الثامن الشهر الحالي، وتضمن عبارتي “النهي العصبي والإصابات الرضية المتقدمة” في بند أسباب الوفاة.
وقال زوج شقيقة المتوفى  خالد الحلاحلة، إن العائلة قررت تسلم جثته ودفنها أمس بعد تسلمها تقرير بلاغ الوفاة، مشيرا إلى أن المتوفى الذي يعمل في النجارة لديه أربعة أطفال أصغرهم يبلغ 3 أعوام من عمره.
وبين أن العائلة ستتدارس اللجوء لإقامة دعوى بالحق الشخصي، بعد صدور تقرير لجنة التحقيق والتقرير النهائي للطب الشرعي، لافتا إلى أن إبراهيم لم يكن يعاني من أي مشكلات أو أمراض مزمنة، وأن توقيفه تم في عمّان بعد عودته من إيصال ابنه الأصغر “لمشاهدة” والدته.
من جهته، قال المفوض العام في المركز الوطني لحقوق الإنسان د. موسى بريزات إن تشكيل لجنة تحقيق بالحادثة وتوقيف 5 مرتبات من البحث الجنائي هي قرارات “سريعة وسليمة”، إلا أنه عبّر عن خشيته من “إطالة أمد عمل هذا النوع من اللجان التحقيقية قياسا على تجارب سابقة”.
وأكد أن الإجراءات سليمة وسريعة “وأرحب بها باعتبارها إجراء فوريا، لكن لدينا مشكلة مع هذه اللجان ما عدا في حالات محدودة، من حيث أنها تستغرق وقتا طويلا بعملها بحيث لا يمكن للجهات الحقوقية متابعة قضاياها ومداولاتها لأن هذه اللجان وفق المعايير الدولية لا يعتد بها حيث أنها تشكل القاضي والخصم والحكم”.
وأشار بريزات  إلى أن المتابعة في هذه الحالات تكون متعذرة من قبل اللجان الرقابية وحتى من ذوي الضحية، لافتا إلى أن هذه القضايا لا يمنع فيها من حضور الجلسات، لكن المواعيد غالبا ما تكون غير معلنة للدعوى وما يرافقها من دعوى الحق الشخصي وغيرها.
وفيما شدد بريزات على ضرورة تطبيق شروط المحاكمات العادلة بقضايا الادعاء بالتعذيب أو إساءة المعاملة وما يتبعها من ضمان الملاحقة القانونية وصدور أحكام قطعية في المحاكم الخاصة التي تنظر فيها، أكد على ضرورة احترام القضاء الشرطي أيضا.
وتقاطعت عدة تقارير أعدتها منظمات مجتمع مدني تعنى بحالة حقوق الانسان في مطالبات متعلقة بتوفير شروط المحاكمات العادلة في قضايا “الادعاء بالتعذيب وسوء المعاملة”، ضمن التقارير التي رفعت إلى الأمم المتحدة في آذار (مارس) الماضي في إطار تقارير إفادات أصحاب المصلحة التي يؤخذ بها خلال مناقشات التقرير الوطني الرسمي في جنيف.
ووفقا لإحصاءات مديرية الأمن العام، اقتصرت الشكاوى التي تلقاها مكتب الشكاوى وحقوق الانسان فيها، بحسب ما نشرت  في شباط (فبراير) الماضي، “المتعلقة بالتعذيب من أجل انتزاع الإقرار على 4 قضايا”، سجلت اثنتان منها عام 2015، مقابل قضية واحدة عام 2016 وقضية واحدة في 2017، حيث “أحيلت إلى محكمة الشرطة ولم تصدر فيها أحكام قطعية للآن، ولا تزال جميعها بمراحلها القضائية”.
وفيما لا تزال نتائج التحقيق في الحادثة غير معلنة ولم يثبت فيها وقوع جريمة “التعذيب أو إساءة المعاملة”، فإن الأردن كان وافق في الاستعراض الدوري السابق على التوصيات المتعلقة بتفعيل إجراءات الحماية لمكافحة جريمة التعذيب، كما تم تعديل نص المادة 208 من قانون العقوبات لرفع الحد الأدنى للعقوبة من 6 أشهر إلى عام منتصف 2017.
إلا أن هذا التعديل، وفقا لمنسقة تحالف إنسان المحامية هالة عاهد، ما زال يبقي “تكييف الجرم على أنه جنحة، ولا يتم التعامل معه على اعتباره من أشد الجرائم خطورة، كما لا تزال هذه الجريمة تخضع لأحكام التقادم والعفو العام”.
وجددت عاهد التأكيد على أن التحقيقات التي تجرى أمام محاكم خاصة تابعة للأجهزة الأمنية، تقع تحت مظلة السلطات التي يخضع أفرادها للتحقيق حول مسؤوليتهم عن “ارتكاب مثل هذه الجرائم”، ما يشكل انتهاكا لمعايير المحاكمة العادلة، ما يتطلب إحالة هذه القضايا لتصبح من اختصاص المحاكم النظامية، بموجب تعديلات تشريعية.
ولفتت عاهد إلى أن هناك إجراءات لاتزال غير مفعلة في حالات التوقيف، من بينها توكيل محام في فترة التحقيق منذ اللحظة الأولى كضمانة لتوفير المساعدة القانونية.الغد