مرايا – -لم يتمكن الأوروبيون من تجاوز خلافاتهم حول ملف الهجرة رغم اتفاق صعب توصلوا إليه أمس في بروكسل يثير تساؤلات عدة حول كيفية تطبيقه، فضلا عن الانتقادات التي طاولته من منظمات غير حكومية.
وذكرت مأساة جديدة أمس قبالة السواحل الليبية بضرورة ايجاد حلول دائمة، فقد قضى ثلاثة رضع واعتبر 100 آخرون في عداد المفقودين بعد غرق زورق مطاطي.
واعتبرت دول وسط أوروبا الأكثر مناهضة لاستقبال المهاجرين، انها حققت انتصارا إثر القمة، مؤكدة أن التسوية لم تتضمن أي اجراء استقبال الزامي، وذلك بعدما توعدت ايطاليا بتعطيل صدور أي نص مشترك بسبب عدم تضامن جيرانها معها لمواجهة وصول المهاجرين إلى سواحلها.
وعلق رئيس الوزراء الايطالي جوزيبي كونتي بعد “توصيات” القمة التي تمت الموافقة عليها بالاجماع ، إثر تسع ساعات من المفاوضات الشاقة، أن “ايطاليا لم تعد وحدها”.
من جهته، قال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون “انه اتفاق للبناء عليه، إنه لا يعالج الأزمة التي نعيشها”، فيما اقرت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل بأن الأوروبيين “لم يصلوا بعد إلى نهاية المطاف”.
بدوره، اعتبر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، أن “من المبكر جدا الحديث عن نجاح” أوروبي، موضحا أن الاتفاق السياسي هو “في الواقع الجانب الأكثر سهولة من المهمة مقارنة بما ينتظرنا على الأرض حين نباشر تطبيق” الاقتراحات.
ويقترح الاتفاق خصوصا “مقاربة جديدة” تقوم على انشاء “نقاط وصول” للمهاجرين خارج الاتحاد الأوروبي لمنع عمليات عبور البحر المتوسط، في موازاة دعوة الدول الأوروبية المنظمات غير الحكومية إلى “عدم عرقلة عمليات خفر السواحل الليبيين”.
لكن مسؤولة العمليات الطارئة في منظمة أطباء بلا حدود كارلين كلايجر لاحظت، أن “العناصر الوحيدة التي يبدو أن الدول الأوروبية توافقت في شأنها هي من جهة تجميع الناس على أبواب أوروبا، ومن جهة أخرى معاداة المنظمات غير الحكومية التي تنشط بحرا”.
ويقترح الاتفاق بالنسبة إلى المهاجرين الذين يتم انقاذهم في المياه الأوروبية، أن تقيم الدول الأعضاء على أساس طوعي “مراكز تخضع للمراقبة” لكن غير “مغلقة” كما كانت تأمل فرنسا.
وسيتم التمييز “سريعا” بين المهاجرين غير الشرعيين الواجب طردهم ومن يحق لهم طلب اللجوء على أن يتم توزيعهم داخل الاتحاد الأوروبي ولكن ايضا “على اساس طوعي”.
وقال رئيس الوزراء المجري فيكتور اوربان “من الواضح أن إعادة توزيع المهاجرين لا يمكن أن تتم من دون الموافقة المسبقة للدول المعنية”.
ورأى نظيره البولندي ماتيوش مورافيسكي أنه “نجاح هائل” بعدما رفضت بلاده على غرار المجر مبدأ إعادة توزيع المهاجرين بحسب حصص تم تبنيه مؤقتا بين 2015 و2017.
ثمة سؤال يطرح ايضا حول الامكنة التي ستقام فيها المراكز التي نصت عليها التسوية الأوروبية. وذكر رئيس الوزراء الايطالي بان “دولا ابدت استعدادها ولكن ليس ايطاليا” ومثله المستشار النمسوي سيباستيان كورتز الذي أعلن أن بلاده غير معنية باقامة تلك المراكز.
بدوره، قال ماكرون إن “فرنسا ليست بلد وصول أول بالنظر إلى وضعها ولن تقيم مراكز مماثلة”.
ويدعو الاتفاق ايضا الدول الأعضاء إلى “اتخاذ كل الإجراءات” الداخلية الضرورية لتفادي تنقل المهاجرين بين دول الاتحاد الأوروبي، وهذا ما يحصل غالبا في اتجاه المانيا التي تشهد جدلا سياسيا يضعف موقع ميركل.
وأعلنت الحكومة الألمانية أن “اليونان وايطاليا ابدتا استعدادا لاسترداد طالبي اللجوء الذين سيتم اعتراضهم مستقبلا على الحدود الألمانية النمساوية من جانب السلطات الألمانية”، وذلك إذا كانوا قد سجلوا اسماءهم مسبقا في هذين البلدين.
ترتكز الخطة الأوروبية الجديدة على اقامة “منصات استقبال” للمهاجرين خارج دول الاتحاد الأوروبي، و”مراكز خاضعة للمراقبة على أساس طوعي” بالنسبة للمهاجرين الذين يتم انقاذهم في البحر، يتم فيها بسرعة فرز المهاجرين الذين يتم منحهم حق اللجوء ومن يتعين طردهم.
وكان وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة أعلن أن بلاده ترفض فكرة مراكز استقبال خارج الاتحاد الأوروبي.
كما أعلنت مصر رفضها إقامة “معسكرات ايواء” للمهاجرين على أراضيها، بعد توافق الاتحاد الأوروبي على اقامة “منصات استقبال” للمهاجرين خارج دول الاتحاد الأوروبي.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية السفير أحمد أبو زيد، أن موقف بلاده “يتأسس على رفض إقامة أي معسكرات إيواء أو تجميع للمهاجرين علي أراضيها، ورفض عزلهم بأي شكل من الأشكال وتحت أي مسمى من المسميات”